كنت هذا اليوم أقضي غرضا إداريا بالمقاطعة الحضرية الثانية التي تقع بقلب مدينة الجديدة، وبالضبط بالمكتب المركزي للحالة المدنية الكائن بالطابق العلوي بالمقاطعة ذاتها، ولكي تصله عليك أن تقطع ما مجموعه 37 درجا صعودا ومثلها هبوطا، بمايشبه أدراج طائرة عسكرية بصهوة عالية . ولست مبالغا إذا كشفتكم سرا أنني توقفت في وسط مشوار الصعود لأجدد أنفاسي، وفعلت مثل الأمر ذاته أثناء الهبوط، بينما طاعنون في السن توقفوا أكثر من مرة، فيما يستحيل على ذوي الاحتياجات الخاصة أن يصعدوا أوينزلوا هذه الأدراج العجيبة وعليهم أن يستعطفوا أسوياء لينوبوا عنهم في قضاء حاجاتهم بالمكتب المركزي للحالة المدنية ، الذي لايشكك إثنان في كون عزيزي المشرف عليه يؤدي عملا نوعيا أكثر من ممتاز . هذه المقاطعة الحضرية الثانية وبأدراجها العجيبة المستعصية على مسنين ومرضى ومعاقين ، يبدو أنها مقاطعة مخالفة للقوانين المغربية كما صادق عليها مجلسا النواب والمستشارين ، ومن ثمة فهي تعرض نفسها للإغلاق متى انتصب شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة مطالبا بذلك لدى محكمة ذات الاختصاص . فالمقاطعة المعنية بالأمر لا يظهر أنها على علم بظهير شريف رقم 58 03 1 صادر في12 ماي 2013 بتنفيذ القانون رقم 03 10 المتعلق بالولوجيات ، وخاصة المادة 7 منه التي تنص على تسهيل ولوج الأشخاص المعاقين إلى البنايات عبر ممرات موازية لممرات الراجلين ، والحال أن المقاطعة الحضرية الثانية لم تهب عليها رياح ضوابط البناء العامة المنصوص عليها في القانون 12 90 المتعلق بالتعمير الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1 92 31 المؤرخ في 17 يونيو 1992 والذي يتضمن مقتضيات خاصة بالولوجيات للعاجزين وذوي الاحتياجات الخاصة . أكثر من هذا وذاك فالقانون المغربي قطع شوطا متقدما في باب احترام الأماكن المخصصة للمعاقين ، وتشدد في مدونة السير في معاقبة كل سوي يستخدم مجالات خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة . لقد كنت مضطرا أن أحيل إخواننا في بلدية الجديدة إلى بعض من الترسانة القانونية الخاصة بالولوجيات، لأتحجج على كون أدراج المقاطعة الحضرية الثانية وما تطرحه من صعوبات أمام أبائنا وأمهاتنا وكل من وهنت صحته ، تبقى أدراجا غير قانونية ويتعين بالتالي القول بالاستعاضة عنها ببساط كهربائي متحرك ييسير الولوج إلى المكتب المركزي للحالة المدنية ، وإذا تعذر ذلك بات من أسرع الأولويات أن ينزل المكتب إلى السفلي من المقاطعة ليكون سهل الولوج على من أسلفنا الإشارة إليهم . وما أوردناه من غياب الولوجيات بالمقاطعة الحضرية الثانية، يسري كذلك على العديد من الإدارات العمومية بالجديدة التي لاتحترم إطلاقا المادة 7 من القانون الملزم للولوجيات .