إذا كانت مدينة سيدي بنور قد عرفت تعثرا ت بنيوية في التنمية بسبب التجارب الجماعية الفاشلة التي قادها سياسيون عجزوا عن إعطاء المدينة انطلاقتها الحقيقية ، فإن جزء معتبرا من المسؤولية تتحمله منظمات المجتمع المدني التي لم يكن دورها فاعلا بالشكل الذي يجعلها رقما صعبا في معادلة المدينة . لم يفهم بعض المتطفلين على العمل الجمعوي أن الجمعية ليست مجرد تكوين لجنة تحضيرية و استنساخ قانون أساسي من هنا أو هناك و البحث عن أي كان لاستكمال النصاب ثم الإخبار و الحصول في النهاية على وصل إيداع ، بل إن تأسيس جمعية يعني بلورة مشروع ذو نفع عام يمس شريحة أو مجموعة من الشرائح المجتمعية يِؤسسه مجموعة من المواطنين الذين تجمعهم أرضية مشتركة و هدف مشترك .
الطريقة التي تتأسس بها الجمعيات و تتناسل يغيب فيها السلوك الديمقراطي حيث تختزل الجمعية في شخص معين لأسباب مرتبطة إما بنزوع المؤسس إلى تحقيق مآرب شخصية ضيقة أو تكون الجمعية ذيلية أسست لتبييض وجوه الفساد السياسي و الاقتصادي و بالتالي تصبح أبواقا للدعاية ليس إلا .
و إذا كانت الفضيلة تقتضي عدم التعميم إلا أن واقع المدينة المزري و انطلاقتها المتأخرة تفسر إلى حد ما حالة الغيبوبة التي كانت تعيشها بعض منظمات المجتمعي بالمدينة بفضل نزوع من يقودها إلى مهادنة و مداهنة قوى الفساد السياسي في المدينة و وقوف بعضها موقف المتفرج من مسلسل الإجهاز على المدينة و إقبار أي محاولة للإقلاع بها و تركت أبطال هذا المسلسل ينفذون مخططاتهم دون حسيب أو رقيب .
ماذا فعلت منظمات المجتمع المدني بالمدينة أمام افتقار المدينة إلى مخطط واضح و ملموس للنهوض بها و عدم القيام بالدراسات الضرورية لذلك و التي لولا الزيارة الملكية للمدينة لما رأت النور و لشيعت المدينة إلى مثواها الأخير ؟ وماذا فعلت منظمات المجتمع المدني للتصدي للإقصاء الاجتماعي و انتشار الدعارة و التسول و احتلال الملك العمومي و الإخلال بقوانين التعمير و جمالية المدينة و الخروقات التي طالت مشاريع العمران بالمدينة و عدم احترام بعض النافذين لقوانين التعمير و كأنهم أشخاص فوق القانون ؟ و ماذا فعلت منظمات المجتمع المدني للنهوض بأوضاع الشباب و المرأة ومحاربة تشغيل القاصرين و إقامة المصانع السرية التي تفتقر لأبسط شروط مزاولة أنشطتها ؟
و حتى التشبيك الاجتماعي لم ينج بدوره من تغليب الخلفيات المصالحية فعوض أن تكون بعض الشبكات حاضنا لتقوية قدرات الجمعيات فإنها شكلت أداة لاحتوائها و تدجينها ومحاولة النفاذ إلى عمقها لمعرفة نواياها ، بل إن الخلافات بين بعض الزعامات الجمعوية حول الريادة الزائفة أدخلها في تطاحنات زادت من إضعاف النسيج الجمعوي بالمدينة .
هل تملك منظمات المجتمع المدني في سيدي بنور القدرة على القيام بالنقد الذاتي و تغيير الممارسة الجمعوية لما فيه خير المدينة أم أنها ستبقى متمسكة بنظرية تنقية الذات و شيطنة الآخر و ترديد أغنية كولو العام زين ؟