إذا كانت غالبية الزوار تأتي إلى موسم مولاي عبد الله للاستجمام والاستمتاع بمختلف العروض التي يوفرها طيلة أيام انعقاده، فإن فئات أخرى تشد الرحال إلى هذا المكان من كل حدب وصوب لمآرب أخرى غير الاستمتاع . إنها الفئة التي تأتي خصيصا لمشاهدة الفروسية التقليدية أو ما يعرف بفن "التبوريدة "، أكثر العروض التي تستأثر باهتمام زوار هذا الموسم، خاصة من منطقة دكالة حيث ينتشر بشكل واسع هذا النوع من الفنون. ويشارك في هذا الموسم أزيد من 1600 فارسا يشكلون 100 فرقة (سرْبة) تمثل مختلف مناطق المغرب. وتقضي عادات الموسم بأن ينصرف الناس إلى قضاء مآربهم خلال الفترة الصباحية ويتجه الزوار صوب البحر، بينما يخصصون فترة ما بعد الظهر لمشاهدة الخيالة او ما يسمى ب " الفانتازيا " , وتسمى أيضا " الخيالة والتّبُوريدَة وصحاب البارود و فن " الفروسية " . ونظرا لأهميته في إضفاء أبهة وجمالية على الفرسان، يشكل المظهر إحدى المميزات الأساسية " للتبوريدة "، بمختلف مكوناته كزي الفارس وعتاد الفرس وزينته، إضافة إلى تصميم السروج. ويكون اللون الغالب على فرسان " التبوريدة " من القماش الأبيض، على مستوى الجوخ والسروال الفضفاض والعمامة، إضافة إلى القميص، المسمى "تشامير" في المغرب، والنعل (البلغة) الباذخة التصميم. أما الملحقات، فتتمثل في الحزام السميك، بداخله خنجر (يسمى بالكمية في المغرب). ينطلق الفرسان من خيامهم مرورا بالشارع الرئيسي إلى ميدان الفروسية، الذي يصطلح عليه محليا ب"المحرك". ويجتمع عشرات الفرسان في صف واحد "السربة"، وكل سربة تمثل جماعة أو قبيلة في انتظار إشارة من قائدهم "العلام" للانطلاق. وحين يصيح العلام قائلا: "أهاو أهاو" ترفع البنادق عاليا ثم يردد: "الحافظ الله" إشارة منه ببدء الانطلاق للعدو والركض. وعند سماع "هوب" من المعلم ، يطلقون نيران بنادقهم في اتجاه السماء أو في اتجاه الأرض ، وكلما كانت الطلقة منسجمة وموحدة، كان اللغط والتصفيق والزغاريد، وهتاف الحناجر بقول " اللهم صلي عليك يا رسول الله" إيذانا بنجاح " الطلقة ",وكلما كانت الطلقات متناثرة ومشتتة غضب العلام ومعه الجمهور, ويعاقب بالترجل عن فرسه . والجانب الطريف في لوحة " التبوريدة" هاته ان الأسطورة التي سكنت مخيلة الكثير من الفتيات في امتطاء الفرس برفقة فارس الأحلام، تحققت لدى الكثير منهن في موسم مولاي عبد أمغار. وبين الحلم والحقيقة توجد الإرادة الصلبة والقدرة على تحويل الحلم لواقع ملموس لتمسي كل منهن فارسة تمتطي الخيل ليس لمجرد التظاهر والمفاخرة بقدر ما هي محاولة لتأكيد الوجود النسائي بجانب الرجل داخل مضمار" التبوريدة " التي كانت حكرا على الرجل فقط، فحرصت السربة النسوية الجديدية على التواجد بالمواسم الجهوية ، تشجيعا منها للإناث على الإقبال على فني ركوب الخيل والتبوريدة، وترسيخا منهن للتراث المغربي الأصيل، لهذا حرصت عضوات جمعية مازكان للبيئة والتنمية المستدامة، عل التواجد خلال موسم مولاي عبد الله أمغار وبعده موسم سيدي عابد كما سبق لهن ان شاركن في موسم سيدي حجاج وموسيم مولاي عبد السلام... وتحرص المقدمة بثينة بورقبة وأختها ابتسام ، على ان يحفزن الإناث على خوض غمار هذه التجارب ، إيمانا منهن على ان من "علم امرأة فقد علم امة ".مصداقا لقول الشاعر" الأم مدرسة إذا أعددتها آ عددت شعبا طيب الأعراق ",ورغم ان وجود المرأة ضمن مجال يسود فيه الرجال ، إلا ان عضوات الجمعية مصرات على الاستمرار رغم مجموعة من العراقيل التي تواجههن ورغم قلة الإمكانيات المادية المتوفرة...