إحتفاء باليوم العالمي للغة العربية الذي خصصت له منظمة اليونسكو تاريخ الثامن عشر دجنبر من كل سنة، نظمت مؤسسة إحسان بشراكة مع المكتبة الوسائطية التاشفيني بفضاء هذه الأخيرة أمسية العرفان التي خصصتها لتكريم الكاتب و الباحث في اللغة العربية العلامة المراكشي السيد محمد بن عبد الجليل بلقزيز العلامة المراكشي. وجدير بالذكر أن العلامة بلقزيز، المزداد سنة 1929، حاصل على دبلوم الإجازة في العلوم الشرعية و اللغة العربية من جامعة ابن يوسف بمراكش سنة 1950 ثم إجازة في الفلسفة من كلية الآداب بالرباط. محمد بلقزيز أفنى قسطا كبيرا من عمره في خدمة اللغة العربية حيث عمل مدرسا للغة العربية و أستاذا للترجمة ثم مفتشا، و أمضى حوالي 50 سنة في البحث و التأليف في مجال اللغة العربية خاصة في التحليل اللغوي و علم المصطلحات، وقد حاز على جوائز و أوسمة ملكية تكريما لمجهوداته القيمة في إبراز غنى و عبقرية اللغة العربية عبر إصداراته التي فاقت العشرون مؤلفا.
وقد افتتح الحفل الذي حضره السيد معاذ الجامعي، عامل صاحب الجلالة على إقليمالجديدة مرفوقا بباشا المدينة والمدير الجهوي للثقافة وقائد المقاطعة الثالثة، بزيارة لمعرض لوحات خطية للفنان عبد العزيز مجيب، الخطاط الدكالي الذي نال شرف كتابة المصحف الشريف بيده بالخط المغربي المبسوط والميسر للقراءة.
عقب ذلك استمتع الحضور بفقرات أدبية و فنية مهداة إلى الضيف المكرم كانت أهمها مسرحية "عزتك في لغتك" ، التي عالجت موضوع هجر اللغة العربية في قالب يمزج بين الكوميديا و الدراما و هي من تأليف و إخراج الأستاذ مراد مساعف و قد شخصها تلاميذ إبتدائية إحسان2 ببراعة إلى حد التأثير في وجدان الجمهور الحاضر.
و في لحظة التكريم، شكرت السيدة أمينة بنسليمان، المديرة العامة لمدارس إحسان الكاتب بلقزيز على قبوله الدعوة رغم ظروفه الصحية الصعبة، و أثنت على مساره المعرفي الذي أثمر أعمالا أغنت الخزانة المغربية و العربية. كما قدم كل من السيد موافي رئيس جمعية أباء الثانوية التاهيلية إحسان و كاتبتها العامة السيدة ياقولتي كلمة بالمناسبة نيابة عن أمهات و أباء و أولياء تلاميذ المؤسسة.
من جهته عبر الباحث محمد بلقزيز عن سعادته الغامرة بهذا التكريم الذي بادرت إليه مدينة الجديدة في شخص مؤسسة إحسان و شركائها إحتفاء بهذا اليوم العالمي و اعتبره إلتفاتة كريمة و راقية تعكس الوجه الحقيقي لمدينة الجديدة المتأصلة في العلم و المعرفة بفضل رجالاتها أمثال أبي شعيب الدكالي و محمد الرافعي الذين يعتبرهم أساتذته و قدوته في العلم.
و في مداخلة له عبر السيد العامل بخطابته المعهودة التي تجمع بين سرعة البديهة و المرح عن شكره للسيد بلقزيز على شهادته القيمة و العميقة في حق مدينة الجديدة و أبنائها كما عبر عن إعجابه بما قدمه التلاميذ من فقرات أدبية و فنية إحتفالا باللغة العربية داعيا إلى ضرورة الإهتمام كذلك و بالقدر المماثل باللغات الأخرى التي تشكل فسيفساء الثقافة المغربية الضاربة في الأصل و التي أنتجت موروثا ثقافيا لاماديا زكى طابع الغنى و التنوع الذي تزخر به الحضارة المغربية على سبيل المثال لا الحصر: قصائد فن الملحون و الأندلسي و ذخائر الأمثلة المغربية الطافحة بالحكم و العبر.
من جهته إعتبر السيد عبد الرحيم البرطيع المدير الجهوي للثقافة أن الإحتفال باليوم العالمي للغة العربية بهذا الشكل من الإهتمام و الإبداع من شأنه ان يحافظ على اللغة العربية التي تعد لبنة أساسية إلى جانب لغات أخرى كالأمازيغية والتي تميز المغرب المتعدد الثقافات الغنى بروافده العرقية.
فيما ألقت السيدة بيرناديث أوندريك مديرة البعثة الفرنسية بالجديدة كلمة أبدت فيها إعجابها بلغة الضاد التي ما فتئت توليها عناية خاصة داخل مؤسستها التعليمية لما تزخر به من غنى في الألفاظ و المعاني و لعل خير دليل هو حرصها على عدم تفويت مثل هذه المناسبة العالمية و اجتهادها في برمجة العديد من الأنشطة التربوية و الثقافية و حضورها لتكريم أحد أعلام اللغة العربية بالمغرب و العالم العربي.
و اختتمت الأمسية بلقاء مفتوح في موضوع " أي مستقبل للغة العربية في ظل التحديات الراهنة؟" سيره الأستاذ و الكاتب أبوطالب لمتوب و شارك فيه ثلة من الباحثين و المهتمين بشأن اللغة العربية حيث قدم على التوالي كل من السيد عبد الرحمان أوشن، خطيب و باحث في العلوم الشرعية، و العلامة محمد بلقزيز و السيد حميد فكري أستاذ اللغة العربية متقاعد، و السيد إدريس زكرياء أستاذ بكلية العلوم بجامعة شعيب الدكالي، وجهات نظرهم حول وضعية اللغة العربية و التحديات التي تنتظرها من أجل الحفاظ على مكانتها و نيل الرفعة التي تستحقها في مصاف لغات العالم. و في الأخير تم تتويج 14 تلاميذا يمثلون السلك الإبتدائي و الإعدادي و الثانوي و الذي فازوا بمسابقة الإملاء العربي التي سبق و أن جرت أطوارها في مؤسسات إحسان.
هذا و كانت مؤسسة إحسان قد دشنت إحتفالها باللغة العربية منذ السادس عشر دجنبر بشراكة مع جمعيات أمهات و أباء و أولياء تلاميذها و ذلك تحت شعار " اللغة العربية و تحديات العصر" بمجموعة من الأنشطة التربوية و الثقافية داخل مؤسساتها الأربعة (الإبتدائية 1 و 2 و الإعدادية و الثانوية) و قد جاءت متنوعة بين معارض للكتاب العربي و معرض و ورشات للخط العربي و مجلات حائطية و إذاعة مدرسية و مسابقات الإملاء و الكلمات المتقاطعة و عروض مسرحية و قراءات أدبية و ذلك بهدف الإسهام في بث الوعي والاهتمام باللغة العربية، وتشجيع الأطفال و الشباب على التفاعل الإيجابي مع مناسبة الاحتفاء بلغتهم العربية في يومها العالمي.
كما خصت مؤسسة إحسان الخطاط الدولي عبد العزيز مجيب بتكريم يومه الخميس 17 دجنبر بمقر إعداديتها موازاة مع ورشة و معرض للخط العربي كان قد نظمهما لفائدة التلاميذ بهذه المناسبة.