مع اطلالة الربيع وتفتح الأزهار في آذار ، الأرض والمطر والمرأة والشعر، يهل عيد الأم الذي تحتفل به الانسانية جمعاء ، وتتجلى فيه الروحانية وتهتز الأفئدة والقلوب ، تعبيراً عن حبنا وتقديرنا ووفائنا للأم ، التي تسهر الليالي الطوال من اجل اولادها ، وتتعذب حين تسمع بكاؤهم ، وتتأوه لتأوهاتهم. فالأم هي اجمل شيء في الوجود ، وأجمل نداء، وأحلى نغم. إنها الدمعة والابتسامة، ولحن الخلود، وينبوع العطف والحنان والصفاء والعطاء، وبلسم الحياة والجراح، ومصدر الخير والاحسان، والبسمة الوادعة التي تمسح عن الجبين سحب الهموم والأوجاع والأشجان . والأم هي اجمل كلمة ينطق بها اللسان، وهي الملاك الطاهر، والمدرسة التي تحتضن الأبناء وتربيهم وترشدهم وترعاهم وتثقفهم، وتبث فيهم القيم والأخلاق وتوجههم نحو الدرب السليم الصحيح.وكما قال شاعر النيل العظيم حافظ ابراهيم في قيمة الأم وعظمتها ومكانتها ودورها ومنزلتها الرفيعة: الأم مدرسة اذا اعددتها اعددت شعباً طيب الأعراق وقد كرّم الرسول الكريم (صلعم) الأم فقال:”الجنة تحت أقدام الأمهات”. وأي اكرام واجلال أعظم من هذا الاكرام والاجلال!. كما تغنى الشعراء بالأم واغدقوا عليها صفات كثيرة ، فالمتنبي قال : أحن الى الكأس التي شربت بها وأهوى لمثواها التراب وما ضما أما جميل صدقي الزهاوي فقال : أليس يرقى الأبناء في أمة ما لم تكن قد ترقّت الأمهات وقال الشاعر اليافاوي جميل دحلان : وأمي كرّم الله سناها فأني بالوفاء لها مدين فما لي بعد أمي من حياة وما لي بعدها أبداً عرين وأنت يا أمي التي ترقدين في دارك الأخيرة، ان كنت تقيمين هناك فروحك وقلبك يقيمان هنا، وروحك الوديعة الطاهرة تحرس خطاي ، وقلبك الواسع الكبير يفرش دروبي بورود الدعاء ، وحنانك الدافئ يجللني من بعيد. فلأمي في ضريحها ولجميع الأمهات احلى باقات الورود وأجمل ترانيم السماء المقدسة ، وأطيب تسابيح القلوب الملائكية. وسنبقى نردد مع شاعرنا الفلسطيني الراحل محمود درويش: أحن الى خبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي وتكبر فيّ الطفولة.. يوماً على صدر يوم وأعشق عمري .. لأني اذا مت أخجل من دمع أمي.