تتساقط أولى الأمطار معلنة عن قرب انتهاء فصل الخريف والاستعداد لدخول فصل الشتاء لكن هذا الإعلان لا يمر مرور الكرام إنما يخلق وراءه قتلى وجرحى ومفقودين ومشردين نشاهد في كل المدن التي فوضت اختصاصاتها في التطهير للشركات الخاصة أن هذه الشركات تسارع لفتح البالوعات وتسريحها، إلا أن ذلك لا يكفي لأن كمية الأمطار التي تتهاطل هي أكبر من أن تستوعبها تلك البالوعات فتعقد الاجتماعات وترصد الميزانيات لاتخاذ الاجراءات اللازمة حتى لا تقع نفس الكارثة في السنة المقبلة ويتم تقديم مشاريع ضخمة لحماية هذه المدينة أو تلك، هذا الحي أو ذاك من خطر الفيضانات، فتمر السنة ويتم استدعاء الصحافيين لتقديم المنجزات وغالبا ما يكون ذلك في فصل الصيف أو الخريف، ولكن... بمجرد سقوط الأمطار الأولى في السنة الموالية تخلف كوارث أكبر من سابقاتها ونفس الفيضانات في نفس الأمكنة ونفس الضحايا دائما قتلى وجرحى ومفقودين ومشردين وتعقد الاجتماعات كذلك وترصد الميزانيات فيأتي العام الموالي وتحصل نفس الكوارث، في نفس الأماكن، لا شك أن هناك شيئا ما ليس على ما يرام إما أن هذه الشركات تكذب علينا ولا تنجز أية مشاريع بل تكتفي بحفرة هنا وأخرى هناك وتذهب لحالها أو أنها تنجزتلك المشاريع في الأماكن الغير مهددة بالفيضانات وتترك مناطق الفيضانات كأنها لا علاقة لها بها، وفي كلتا الحالتين وربما قد يكون هناك سبب آخر فالجماعات هي المسؤولة بالدرجة الأولى لأن هذه القطاعات تم تفويضها لتلك الشركات بشروط أي بعبارة أخرى يمكن أن نقول أنه تم كرائها وليس بيعها وللجماعة حق مراقبة ما تنجزه تلك الشركات، وهنا نكون أمام سؤال آخر: هل الجماعات تتغاضى عن تلك الشركات أم أنها لا تعلم مالذي تقوم به وهل تنجز فعلا تلك المشاريع أم لا؟ وفي كلتا الحالتين فالجماعات مسؤولة وعليها أن تقدم الحساب وهي المسؤولة الأولى عما تخلفه تلك الفيضانات من خسائر بشرية ومادية كل سنة دون أن تحرك ساكنا ودون أن تقوم بدور المراقبة المفروض قيامها به، وإلا ما داعي تفويت تلك القطاعات للخواص؟ يجب أن نتوفر على ثقافة المحاسبة والمتابعة لما نتحمله من مسؤووليات وما نفوضه للغير