طالب سياسيون وإعلاميون وباحثون خلال ندوة في الرباط بتعديل القوانين المؤطرة للعمل الإعلامي في المغرب، خصوصا تلك المتعلقة بإصدار عقوبات سجنية في قضايا متعلقة بالصحافة والنشر وحرية التعبير, إضافة إلى إقرار قانون يضمن الحق في الوصول إلى المعلومة. فعدم إصدار مثل هذا القانون وفقا لمتدخلين في الندوة التي نظمتها “منظمة حريات الإعلام والتعبير” -وهي منظمة مغربية غير حكومية تعنى بالدفاع عن حرية الصحافة- يحرم الرأي العام من حقه في الخبر, كما يعقد العلاقة بين الصافيين ومصادر أخبارهم المحتملة، علاوة على كونه يحول بين الصحافة ودورها المتمثل في إخبار الرأي العام. واعتبر متدخلون في الندوة التي نظمت بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية حول موضوع “وضعية الديمقراطية وحقوق الإعلام والتعبير بالمغرب”, أن محاكمة الصحفيين وسجنهم بتهم متعلقة بحرية التعبير وإغلاق مقرات صحف ومصادرة بعض أعدادها، كلها إجراءات تؤشر على عدم وجود تقاليد ديمقراطية راسخة في المجتمع. وقال رئيس المنظمة محمد العوني إن الديمقراطية لا يمكن أن تقوم بدون حرية للرأي والتعبير والإبداع، كما أنها لا تستقيم في غياب علاقة قائمة على احترام حرية الصحافة والحق في تداول المعلومات، مشددا على أهمية وجود حرية التعبير في بناء مجتمع حر ديمقراطي. من جهته أقر المحلل السياسي والقيادي في الحزب الاشتراكي الموحد محمد الساسي بوجود سوء تفاهم بين الدولة والصحافة بالمغرب, في وقت تعيش فيه البلاد على إيقاع طفرة على مستوى عدد الصحف الصادرة. واعتبر الساسي أن العلاقة المتوترة بين الدولة والصحافة تتميز بوجود ما سماها ثنائية المواجهة المكشوفة والخفية بينهما، حيث تكون الأولى علنية عبر فرض الغرامات الثقيلة والاستجوابات الطويلة واقتحام مقرات الصحف في بعض الحالات وحجز معداتها. صحف مغضوب عليها أما المواجهة الخفية فتظهر -حسب الساسي- في دعم صحف دون أخرى، وتجفيف منابع الإعلانات على الصحف المغضوب عليها, إضافة إلى شراء السلطات أو بعض المقربين منها لبعض الصحف. وعزا الساسي أصل المشكل بين السلطة والصحافة إلى عدم انضباط بعض الصحف لما سماها خصوصية العمل المفترضة داخل المجتمع المغربي المحددة سلفا من قبل السلطة. ويضيف سببا آخر لهذا الصراع وهو اتهام السلطات لهذه الصحف بلعب أدوار المعارضة التي تعتبرها بعيدة عن الأدوار التي يجب على الصحافة أن تقوم بها. من جهته اعتبر الباحث في التاريخ السياسي والإعلام منجيب المعطي أن وضعية الصحافة المغربية “سيئة” من حيث نسبة المقروئية، حيث لا تتجاوز نسبتها 13 نسخة لكل ألف مواطن, في حين تصل النسبة في بعض الدول المتقدمة إلى مائتي نسخة لكل ألف مواطن. وقالت الناشطة الحقوقية والأستاذة الجامعية نبيلة منيب إن التأسيس الحقيقي للديمقراطية لا يمكن أن يكون إلا باحترام حرية التعبير والإبداع والإعلام. واعتبرت نبيلة أن المجتمع المدني مطالب بخلق قوة مضادة تطالب بتوسيع مجال الحريات، وذلك عبر تقوية الجبهة الداخلية وتجديد الفكر والخطاب والتضامن بين مكوناته.