تتواصل المهرجانات وتتوالى، ولعلنا كنا بالأمس القريب من اشد المعارضين لهذه التظاهرات باعتبارها تبديدا للمال العام ومرتعا للفاسدين وناهبي ثروات الشعب، غير أن الندوة الصحفية التي نظمها القيمون على مهرجان العنب بجماعة الكدية البيضاء دائرة أولاد تايمةإقليمتارودانت، غيرت إلى حد كبير النظرة التشاؤمية من المهرجانات ولطفت إلى حد واسع من منظورنا لجدواها. مساء الثلاثاء 16 غشت 2017 بأحد المركبات الترفيهية بأولاد تايمة، كانت مجموعة كبيرة من ممثلي وسائل الإعلام المحلية والوطنية على موعد مع ندوة صحفية من تنظيم جماعة الكدية البيضاء، لعرض وتقديم مضامين النسخة الأولى من مهرجانها المحلي تحت مسمى "مهرجان العنب" والذي سيحتضنه مقر الجماعة يومي السبت والأحد 19 و20 غشت الجاري تزامنا مع الاحتفالات التي تشهدها كل ربوع المملكة المغربية بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب المجيد. الندوة أطرها كل رئيس جماعة الكدية البيضاء السيد صلاح المتوكل، ورئيس اللجنة الاجتماعية والثقافية بالجماعة السيد موسى بوتوادي، ونائب الرئيس المشرف العام للمهرجان السيد طه تويل، ورئيس جمعية اداوكليد للتنمية والتعاون ومدير المهرجان السيد ابراهيم ابن الراس، ورئيس جمعية النصر ومدير المعارض بالمهرجان السيد محمد حفير ، والذين بادروا من خلال عروضهم التقديمية وإجاباتهم الصريحة والواضحة إلى تقريب الإعلاميين كل من زاوية اختصاصه من أسباب تنظيم المهرجان وأهدافه والغايات المتوخاة منه، والتي يمكن أن نجملها في مجموعة من النقاط. فالمهرجان يعد تظاهرة ترفيهية محلية لساكنة جماعة الكدية الفقيرة ترفه عنهم وتنسيهم كدر الحياة اليومية، ومناسبة لإبراز المقومات الثقافية والمؤهلات الاقتصادية والطبيعية والفرص الاستثمارية التي تزخر بها المنطقة على المستوى المحلي والجهوي والوطني, والمهرجان مناسبة لتشجيع عديد من الطاقات المحلية على مواصلة الإبداع والتألق من خلال منح الفرصة لمجموعة من المواهب الشبابية الفنية والفرق الاستعراضية المحلية للظهور والبروز، و تحفيز عدد من التلاميذ المتفوقين دراسيا لمواصلة الجد والاجتهاد للوصول إلى المراتب العليا والمكانة الفضلى، والتفاتة تكريمية لفعاليات أعطت وتعطي الكثير خدمة للجماعة ودواويرها وساكنتها، بالإضافة إلى برمجة متنوعة تضم ندوات فكرية وعروض في التبوريدة التقليدية، ومعرض للمنتوجات الفلاحية المحلية، كما تم تطعيم المهرجان بنجوم فنية وطنية من طينة (الفنان موس ماهر وفرقة اعبيدات الرمى من خريبكة) لإضفاء لمسة إشعاعية أوسع وأرحب وطنيا ودوليا للمهرجان. أما المقاربة التشاركية فهي حاضرة بقوة في تنظيم هذه النسخة الأولى من المهرجان، سواء من خلال مساهمة كل الفعاليات السياسية بالجماعة بكل اختلافاتها الحزبية والإيديولوجية، أغلبية ومعارضة، في تهيئ وإعداد وتسيير فعاليات هذه التظاهرة، في مفاجئة أبهرت متتبعي الشأن المحلي للجماعة سيما أن طرفي الأغلبية والمعارضة بمجلس الكدية البيضاء خاضا إلى وقت قريب خصومات وصراعات سياسية قوية وصلت إلى حد رفض ميزانية السنة الماضية، فسبحان الله الذي جمعهم على رأي مشترك إذ كانوا أعداء فألف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا، ومن جهة أخرى فالمقاربة التشاركية تتجلى من خلال إشراك فعاليات وجمعيات المجتمع المدني والإعلام المحلي في التنظيم والمواكبة والتقويم. كما آن المهرجان مناسبة أيضا، لتدشين مجموعة من المشاريع التنموية الهامة والواقعية، والتي من شأنها أن تدفع بالجماعة قدما نحو الرقي، حيث ستحضى الجماعة خلال فعاليات المهرجان بزيارة عاملية لعامل إقليمتارودانت السيد الحسين أمزال تم برمجتها يوم الاحد القادم، ترمي إلى تدشين وإعطاء انطلاقة مجموعة من المشاريع و الأوراش التنموية بالمنطقة نذكر منها إحداث ازيد من 18 كيلومتر من الطرق المعبدة بالجماعة لفك العزلة عن مجموعة من الدواوير (بتكلفة مليار و300 مليون سنتيم)، وإعطاء انطلاق بناء مركب سوسيورياضي ونادي نسوي متعدد الاختصاصات، ومشاريع لحفر مجموعة من الآبار وتزويد عدد من الدواوير بالماء الصالح للشرب (بتكلفة 300 مليون سنتيم)… إلى غيرها من المشاريع التي سيكون لها وقع جد جد ايجابي على ساكنة الجماعة والتنمية المحلية بها. الجميل في كل هذا وذاك، أن خزينة جماعة الكدية البيضاء تقريبا لن تمس، اللهم مصاريف تغذية ضيوف المهرجان، وهذا ليس بغريب عن شيم وذماتة أخلاق ساكنة المنطقة المعروفين بكرم الضيافة وحسن الاستقبال، حيث أن ميزانية المهرجان المحددة في سقف 15 مليون سنتيم ستمول بشكل شبه كامل من دعم ومساهمات مجموعة من الشركاء والداعمين العموميين والخواص الذي تجاوز عددهم العشرة تتزعمهم الغرفة الفلاحية لسوس ماسة وشركة (MAISADOUR) وشركة حدائق هوارة ومؤسسة الزاوية وشركة (GREENPLUS) …، والذين ربما اقتنعوا بجدوى المهرجان وأهدافه الجادة ومصداقية منظميه.