من خذلان إلى تواطؤ إلى رضوخ في تنفيذ سياسة الإدارة الأمريكية, هكذا يتم التخاذل العربي وراء الكواليس, تأتي الرسالة لتنفيذها دون معرفة فحواها ودون مناقشتها أو الاجتماع من أجل الرد وغالباً ما تأتي بعضها بسرعة البرق وتنفيذها بصمت دون التكلم أو إبداء الرأي لهذا السبب هي أنظمة صامتة ومتخاذلة . لكن اليوم وبفعل الثورات العربية التي أيقظت الشعوب للمطالبة بإسقاط الأنظمة العربية المتخاذلة والمتواطئة سابقاً, إلا أن التخاذل لا زال مستمراً حتى يومنا هذا، فمتى سينتهي؟! وهل الثورات العربية ستعمل على إلغاء هذا التخاذل الذي استمر عقود طويلة . ربما أسقطت الثورات العربية رأس النظام في البلاد, إلا أن أتباع النظام من قريب أو بعيد لا زالوا في الحكم لحماية المصالح الغربية ومشاريع الإدارة الصهيو أمريكية، ففي تونس الأمر كما هو رغم أن الثورة أطاحت برأس النظام لكن لا زال الحكم بيد الحزب الحاكم رغم المظاهرات التي خرجت للمطالبة بإقالة الحكومة وما زال الشعب يسعى إلى إقالتها ومحاسبة رموز النظام وإصدار مذكرة اعتقال للرئيس المخلوع بن علي. لن تكتمل الثورة حتى يتم خلع النظام وإزالته من الحكم، وفي مصر كما هو الحال حقق الشعب انتصاره بإسقاطه الرئيس مبارك, هذا الانتصار يعدُ الأول من نوعه في مصر وحدث تاريخي هام لكنه ليس انتصارا كاملاً حتى اللحظة, إذ يطالب الشعب بمحاكمة مبارك رغم الضغوط العربية التي تمنع من محاكمته ومحاسبته وإرجاع الأموال إلى خزينة الدولة كباقي أتباعه الذين تم إصدار مذكرة توقيف بحقهم ومحاسبتهم . رغم تلك الثورات يبقى التخاذل العربي مستمراً حتى اللحظة، فلا يوجد موقف عربي مشرف لمعارضة القرارات السياسية التي تصدرها الإدارة الأمريكية في المنطقة، كما أنها تعجز عن قول الحقيقة لشعوبها ,وأضف إلى ذلك بأنها لم تعي مطالب شعوبها، ولم تقم بعمل إصلاحات سياسية واجتماعية تمكنها من النهوض بمستوى اقتصادي جيد، فقط ما يهم تلك الأنظمة هو تنفيذ السياسة الخارجية دون الاهتمام بمصالح شعوبها للمحافظة على كرسي الحكم وتوريث النظام لأبنائه، مما أدى إلى حدوث الثورات العربية التي أسقطت مزاعم التوريث وألغت قانون البقاء على الكرسي حتى الموت. فالتخاذل العربي ضعيف وهزيل حتى في الحصول على بعض القرارات السياسية الغير الهامة, فعندما شهد قطاع غزة في نهاية 2008 وبداية 2009 لم يصدر العرب قراراً جماعياً يدين فيه سياسة العدوان الإسرائيلي وارتكابه المجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني، في الوقت التي صادفت تلك الحرب دخول وجه سياسي جديد على العالم وهو الرئيس الأمريكي باراك اوباما الذي ألقى خطابة التاريخي أمام مجلس الشعب المصري في زيارته الأولى منذ انتخابه . فخطاب اوباما تميز بذكر بعض الآيات الكريمة لكسب قلوب الشعوب العربية والتصفيق الحار الذي حظي به اوباما، حيث تأمل البعض منه موقف جيد ضد الإدارة الإسرائيلية، لكن للأسف الشديد لم يصدر أي قرار يدين هذا العدوان فسارت الرياح بما لا تشتهي سفن الشعوب المظلومة. بالإضافة إلى التخاذل العربي في حرب الإدارة الأمريكية وحلفائها على العراق حيث أسقط النظام العراقي وأعدم الزعيم صدام حسين بناءاً على مساندة الأنظمة العربية وتأييدها لهذه الحرب، واليوم كما رأينا مساندة الدول العربية في إصدار قرار الحظر الجوي على ليبيا إنما هي لتنفيذ سياسة الإدارة الصهيو أمريكية لفتح المجال أمام حلف الناتو لغزو ليبيا والسيطرة على حقول البترول في الوقت الذي عارضت دول الغرب هذا الحظر, كما أن أمريكا كانت مترددة من تلك الحرب إلا أن تأييد الدول العربية و المشاركة في العملية فتح الباب على مصراعيه لتلك البلاد التي نفذت الطلب العربي وما يحدث الآن في ليبيا حدث سابقاً في غزة والعراق . حيث شاركت بعض الدول العربية في ذلك الحظر ومن بين تلك الدول الأردن وقطر وغيرها من الدول التي أصدرت هذا القرار, فإذا كان العرب يملكون تلك الطائرات فأين تلك الإمكانيات الهائلة لصد إسرائيل ومواجهتها والرد عليها في ظل تصعيدها الجنوني واليومي على أهل غزة؟! وأين تلك القوة العربية من الدماء والمقدسات الإسلامية التي نفتخر بها؟؟ هذا هو التخاذل بعينة فهو ليس حماية للشعب من العقيد معمر القذافي، بل خدمة للمصالح الغربية. هكذا هي الأنظمة المتخاذلة ستبقى إذ لم يتم خلعها والوقوف ضد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط رغم وجود القواعد العسكرية الأمريكية التي تحكم من تحت الطاولة وتتحكم بزمام الأمور في البلاد العربية، تلك القواعد وجدت لحماية المصالح الصهيو أمريكية بالدرجة الأولى من جهة وإسقاط أي نظام عربي لا يتعامل مع تلك السياسة من جهة أخرى؟ والسؤال هنا؛ إلى متى سيبقى هذا التخاذل العربي قائماً؟؟ [email protected]