يخلد الشعب المغربي، ومعه نساء ورجال الحركة الوطنية وأسرة المقاومة وجيش التحرير، يوم السبت، الذكرى 69 لرحلة الوحدة التاريخية التي قام بها بطل التحريÜر والاستقلال جلالة المغفÜور له محمد الخامس، إلى مدينة طنجة في 9 أبريل 1947، والذكرى 60 للرحلة الملكية الميمونة التي قام بها جلالته طيب الله ثراه إلى مدينة تطوان في 9 أبريل 1956. وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في بلاغ بالمناسبة، أن الرحلة الملكية إلى طنجة جاءت في وقتها المناسب، وشكلت منعطفا حاسما في مسيرة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، وحدا فاصلا بين عهدين : عهد الصراع بين القصر الملكي، ومعه طلائع الحركة الوطنية، وبين إدارة الإقامة العامة للحماية الفرنسية وعهد الجهر بالمطالبة بحق المغرب في الاستقلال أمام المحافل الدولية وإسماع صوت المغرب بالخارج، والعالم آنذاك يتطلع لطي حقبة التوسع الاستعماري والدخول في مرحلة تحرير الشعوب وتقرير مصيرها بنفسها. فكانت هذه الرحلة التاريخية لجلالته قدس الله روحه عنوانا لوحدة المغرب وتماسكه، وبالتالي مناسبة سانحة لتأكيد المطالبة باستقلال البلاد وحريتها وسيادتها. وما أن علمت سلطات الإقامة العامة برغبة جلالته رضوان الله عليه، حتى عمدت إلى محاولة إفشال مخطط الرحلة الملكية وزرع العراقيل والعقبات في طريقها، لكنها لم تنجح في ذلك، إذ جاء رد جلالة المغفور له محمد الخامس رحمه الله على مبعوث الإقامة العامة قائلا له بوضوح : "لا مجال مطلقا في الرجوع عن مبدأ هذه الرحلة". وهكذا، أقدمت السلطات الاستعمارية على ارتكاب مجزرة شنيعة بمدينة الدارالبيضاء يوم 7 أبريل 1947 ذهب ضحيتها مئات المواطنين الأبرياء، وقد سارع جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه إلى زيارة عائلات الضحايا ومواساتها، معبرا لها رحمه الله عن تضامنه معها اثر هذه الجريمة النكراء. لقد فطن جلالة المغفور له محمد الخامس إلى مؤامرات ودسائس المستعمر التي كانت تهدف إلى ثني جلالته عن عزمه في إحياء صلة الرحم والتواصل مع أبنائه الأوفياء من سكان عاصمة البوغاز وتجديد العهد معهم على مواصلة الكفاح الوطني الذي ارتضاه المغاربة طريقا للتحرر من الاحتلال الأجنبي. ويوم 9 أبريل 1947، توجه طيب الله ثراه على متن القطار الملكي انطلاقا من مدينة الرباط نحو طنجة عبر مدن سوق أربعاء الغرب ثم القصر الكبير فأصيلا التي خصص بها سمو الأمير مولاي الحسن بن المهدي استقبالا حماسيا رائعا احتفاء بمقدم العاهل الكريم في حشد جماهيري عظيم. هذه الصورة الرائعة كسرت العراقيل التي دبرتها السلطات الاستعمارية، ليتأكد التلاحم القوي الذي جمع على الدوام بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي الأبي. وقد خصصت ساكنة مدينة طنجة استقبالا حارا للموكب الملكي جددت من خلاله تمسكها بالعرش والجالس عليه، وتفانيها في الإخلاص لثوابت الأمة ومقدساتها، واستعدادها للدفاع عن كرامة البلاد وعزتها. وقد جاء الخطاب التاريخي الذي ألقاه جلالته رحمه الله، في فناء حدائق المندوبية بحضور ممثلين عن الدول الأجنبية وهيئة إدارة المنطقة وشخصيات عدة، مغربية وأجنبية، ليعلن للعالم أجمع عن إرادة الأمة وحقها في استرجاع استقلال البلاد ووحدتها الترابية حيث قال جلالته في هذا الصدد : "إذا كان ضياع الحق في سكوت أهله عليه، فما ضاع حق من ورائه طالب، وإن حق الأمة المغربية لا يضيع ولن يضيع …". كما أكد جلالته، من خلال خطابه التاريخي، نظرته الصائبة رحمه الله وطموحاته المشروعة في صون مستقبل المغرب حيث قال جلالته بهذا الخصوص : "فنحن بعون الله وفضله على حفظ كيان البلاد ساهرون، ولضمان مستقبلها المجيد عاملون، ولتحقيق تلك الأمنية التي تنعش قلب كل مغربي سائرون …". و.م.ع