توجه الموكب العملاق نحو اختزال المسافات الرمزية لإضفاء لون التماسك على الروح المبعثرة لسياق الأقزام، فماكان بد لوعاء النقاء من ترجمة مدى رغبته في تقيؤ أبعاد المستقبل المفبرك حسب معايير مزيفة لا تعدو كونها خداع بصري وهمي ليس إلا.نحمد الله على نعمة اللسان التي دحضت وتدحض التحجر الذي يحنط عقول البعض بطابع الوقاحة و أحاطه بهالة من الإستفزاز,أغلقت دونهم كل بوابات الإتصال والإنسجام مع الآخرين. بإمكاننا التقاط آخر باقات التوازن مادمنا أوفياء في الحضور في الموعد التاريخي للتخلص من تنانين التفاهة حيث بإشارة كلامية بسيطة يحترق الألم ليصيح بأعلى صوته فتضج السماء دونما حاجة إلى مكبرات صوت تعمل على تضخيم مستواه اصطناعيا. إن الفكرة الصادرة عن الحكمة الصريحة لاتحتاج إلى وضع البردعة على ظهرها.لأن الواضح المباشر لايحتاج إلى شرح أوتعليقات.لأن شرح الواضحات من أغبى الأمور الفاضحات. أما الحكمة المسريلة في رداء الغموض فإنها تحتاج فعلا إلى سحب رداءها من على جسدها حتى نميز الإتجاه الجغرافي السريع الذي تود ركوبه.قد يكون تجنبنا لوضع كل بيضنا في سلة يتيمة وحيدة هو منتهى التطبيق الذهبي لحكمة ثمينة,لكن تركيزنا نظرنا الباطني وتطلعنا المستقبلي على أمنية واحدة قد ترتد أشعته ضدنا في أي لحظة ارتفع فيه ضغط الأعصاب حتى منتهى السقف ليتحول بعد ذلك إلى احتراق حتمي يأتي على كل شاردة وواردة.لن نراهن بأسهم التفاهة في لحظة الضعف باسم الغد داخل مقاولة اللاجدوى حتى لاتصدمنا سيارة الإفلاس اللامتوقع.ونصير بعدها غثاء الهباءتتلاعب بنا رياح الحيرة وتسكننا أقفاص الإرتهان للصدفة العمياء. ولتقليص سرعة المخاطرة بالطاقة الباطنية ,وجب التريث على درب التأمل الهادئ كي نحسب خطوات الزمن لتقريب بعد المسافة بين خطة الأهداف المرسومة وقائمة النتائج المحتملة.يقول عمر ابن الخطاب رضي الله عنه:فرقوا أموالكم و لاتجعلوها في موضع واحد. وهذه حكمة عظيمة يمكنك أن تذوق حلاوة نتائجها في رمشة عين قبل أن تبدأ في ترجمة النظرية هذه إلى إجراءات عملية.تكفينا من وراء هكذا حكمة ذهبية بريقها التعبوي وإشاعة الوعي للتغطية عن مظاهر الغفلة والغباء المؤدية نحو الفشل والإفلاس . إن غرق السفينة يثير الهلع في النفس فيستدرك خطورة ضياع الروح قبل الدرهم لأن النقود لاتنفع في يوم كارثي تجعل الحياة على المحك.مثلما تنهار قيمة الذهب وبريق الماس في صحراء قاحلة تعرض فيها صاحبها لعطش قاتل سيستبدل فيها قنطارا من الأحجار الكريمة لأجل قطرة ماء واحدة تنقذ عمره من الإندثار المحتم.وعندما يرسو على شاطئ السلامة تنبجس من ذاكرته حكايات تستحق أن يرويها دروسا هامة لبني البشر الواهمين. في بعض الأحيان قد نضطر لرغبة في اختصار المسافة الزمنية أن نضع عصير مجهوداتنا في كأس واحد'كي نشربه إنجازا عمليا جامعا وشاملا.لكن بما أن كنوز الطموح يتضخم حجمها,فإن مساحة الكأس لا تتسع لكل توقعاتنا.وهنا نستحضر عنصر الحيطة والحذر والمستوى العالي من الدقة والمراقبة الدائمة والإتقان في العمل حتما ستكلل المجهودات المحاصرة بالنجاح. إن القدرة على استثمار فوائد الحكمة وتحويلها حسب السياق لتحنيط عناصر الإستفزار التي تستهدف العقل يتماثل مع التنويع النغماتي داخل مقام محدد والتنويع في الإيقاع الزمني للحظة معينة حيث موسيقى الإنسجام هو شعار المرحلة الهادف إلى إزاحة عراقيل النفور والملل المسلطين على كل محاولة إبداعية ترنو إلى تكسير زجاج العبث المزعج بمطرقة البرهان القاطع.إن الفشل قد يكون فاتحة أي محاولة لكن بالوطء المستمر على زر الإصرار الإيجابي وتكرار المحاولة قد يتشكل مشهد الإنبعاث بنجاح لتضعنا الظروف في الصورة الصحيحة.ونحن من يختار وجهة الرحلة وحجم المغامرة ومسافة المدة الإنجازية لأننا واثقون من كفاءة الإرادة الحرة في تحقيق المعجزات. قد يرسل أحدهم جثة العفن سهما قاتلا نحو قلب الحياة لكنه لايستطيع انتزاع الرحمة من قلوب المؤمنين بالغيب الواعين بتربص الموت بهم في كل وقت وحين.إن من يتمتع بموهبة الرحمة لن يتورع عن مد يد الإنتزاع لكل سهم قاتل أصر المكوث في عمق القلوب الضائعة.إننا لا نضع كل بيضنا في سلة واحدة حتى لا تفاجئنا الأيام عندما نتدحرج على سفحها سوف لن نجد بعدها سوى بقايا الخيبة وقشور اللاجدوى تسخر في وجوهنا.ومقابل هذه الصورة المجازية تنبثق صورة أخرى حبلى بالعناصر النصائحية الحركية.التي تضع تحت وصايتنا عدم اختصار كل الأحلام المعول عليها في شخص واحد.ولنكون أكثر انفتاحا على عالم التفاؤل وجب ولوج بوابة الشمولية الموسعة عبر جعل رحلة عمرنا رهينة الضيق العقيم.ولاداعي لمنح فرصة احتكارية لانعكاس المرآة الوهمية المستعدة لإقصاء الحكمة بكل صلافة.كي تمتلك كينونة الحرية بشكل مغناطيسي.إن نهاية الأحلام ليست نهاية العالم مادامت في الذات تغلي براكين الغيرة الإيجابية والرغبة في التضحية لأجل الحقيقة العليا.لايهمنا كبرياء العراب المغرور القابل للتحطم بأوهى الوسائل كون حقيقته مجرد ظل شبحي لامحل له من الإعراب في جملة المستحيل.إذتكفينا حكاية أطفال كي نكتشف سر هشاشتها عندما تتصنع المشي على جسر المسؤولية بدلال وتصنع.وليخسأ كل من أدار ظهره لوجه قيم نبيلة كالخير والعدل والوفاء والشهامة.إن الضوء الرخيم لابد و أن يتسلل إلى نافذة القلب المنوجع فيعيد لأيامنا العز التليد ومعاني البهجة كي ترتدي آهاتنا قفازات الزمن الجميل.لاداعي لعض أصابع الندم عند الإحساس بذنب تكسير كأس الإيقاع التوازني بين شتى الأطراف.فالنسر يبقى نسرا حتى و إن قصصت أجنحته والكلب يبقى كلبا حتى وإن كان مصنوعا من الذهب.ماعلينا سوى بالتواضع أمام الحدث المحبط وطأطأة الرأس لالتقاط شظايا البلور المنكسر ثم محاولة إلصاق بقاياها وفق المستطاع لعل نبض البريق سينطلق منه من جديد وبالتالي قابلية استرجاع مشاهد السيناريو الأصلي من عمق ينبوعه .ولعل عصفور التجدد سوف يتوقف عن الحفر في الماء ليرخي بأجنحة التجدد على خفافيش الأطلال البائدة . وستذوب بذلك جدران الجليد تحت أشعة التوبة الدافئة ثم الوعي الكامل بالطابع المؤقت للمرحلة العابرة التي يحسبها أصحاب الوعي الشقي بأنها خالدة.قد نضع كل بيضنا في سلة واحدة لكن المطلوب منا تركيز عيون اليقظة والحذر عليها ليس إلا. فنلعب بذلك بكرة القدم قبل أن تلعب بنا الكرة الأرضية بشكل ساخر.مهما مثل المرء دور المحامي فرافع و القى أبلغ المحاضرات لتبرير جريمته,فإن تلوث الدخان المزعج سيصل قبة السماء تاركا وراءه نارا خامدة من المصداقية.قد يكون هناك ورد بلا شوك يشرعن طابع الحقيقة باسم القوة الناعمة.لكن النفاق الإنتهازي يبقى استبدادا رمزيا يمكث بعيدا عن شغاف القلب وقريبا من ميدان العين الفاضحة.ممايؤكد أن هناك حقائق خفية أغرب من الخيا ل وقادرة على دغدغة مشاعر السخرية حتى لدى سكان القبور.إن الماء يحمل في طيات مرونته قوة هائلة قادرة على تعرية الحجر من كل رصيده التاريخي الذي راكمه لقرون.ومع ذلك فسلوكه الصامت فعال في صناعة المعجزات المفيدة.بينما نلاحظ أن الدخان في اشرئباب عنقه عاليا ونفخ أنفه بشكل غروري يبقى دون مستوى الفائدة التي نجنيها من النار.إذن لاداعي للحكم على قيمته انطلاقا من ارتفاعه عاليا في السماء. لهذا نرى أن عاشق المكوث فوق القمم غالبا مايصاب بنزلات البرد والزكام كونه اختار ملتقى التيارات المتضاربة.ممايشكل عليه خطر الإصابة بالغيبوبة و السقوط المحتمل.زد على ذلك أن البعد العلوي يمنح له الموهبة الإستصغارية لحجم الكائنات البشرية من تحته إلى الحد الذي يتم فيه تقليص حجمها حتى تصل مستوى النمل.ومقابل ذلك سنجد أن هذه الكائنات نفسها لاتستطيع رؤية هذا الشخص العاشق للمكوث فوق القمة، لأن الأخيرة تبقى منطقة بعيدة بعلوها واستصغار من عليها هو الحكم الأخير عليها. وفي الأخير، حتى لا نكون لقمة سائغة للإعتباطية المستحيلة التي ترغب في إلباس الجميع قلادة الرضى والإقتناع ،علينا بتقمص دور البحر المالح الذي لا يتذوق ملوحته سوى الغارق فيه ولاداعي لتقمص دور النهر المسالم الذي يركب ظهره ويشرب ماءه من هب ودب ،بل قد تصل بالبعض وقاحته أن يتغوط فيه ويلوثه بقلب بارد. وهذا ما يحدو بكل عاقل لتضييق الخناق على العناصر المستفزة لكل ماهو منطقي و المحتكرة لكل نفيس وغالي .وتبقى عملية تحنيط هذه العناصر حتى لايتم قمع قنوات الحكمة ومساعدتها على التنفس والإنتعاش.