عبر الأمين العام لحزب العهد الديموقراطي في حوار مع يومية "المساء " على أن بعض الأحزاب تستغل ورقة الإصلاحات الدستورية و السياسية عشية الإنتخابات ، هذا و اعتبر السيد نجيب الوزاني أن خروجه من حزب التراكتور جاء بعد تفشي هاجز الهيمنة داخل أسواره. - بعد تجربة الاندماج الفاشلة مع حزب الأصالة والمعاصرة، والتي أدت إلى خروجكم منه والعودة إلى حزب العهد، في صيغة جديدة، كيف يستعد حزبكم، الذي تأسس قبل أسابيع فقط، للاستحقاقات المقبلة؟ فعلا ليس سهلا أن يستعد حزبنا الجديد للانتخابات المقبلة، وذلك راجع إلى التجربة الفاشلة التي مررنا بها، ولكن مع ذلك أستطيع القول إن استعدادات حزب العهد الديمقراطي بدأت بالموازاة مع التحضير للمؤتمر التأسيسي منذ مدة طويلة نوعا ما، بيث شرعنا في عقد لقاءات ومشاورات سواء مع الإخوة الذين كانوا ينتمون إلى حزب العهد سابقا، أو مع أسماء أخرى عبرت عن رغبتها في ركوب تجربة حزب العهد الديمقراطي، وكان ذلك في عدد من المناطق المغربية، القروية منها والحضرية، للبحث في معايير المرشحين الذين ينوون الترشح بلون حزبنا، إن على مستوى الدوائر القروية التي ستخوض انتخابات فردية أو في ما يتعلق بالدوائر التي ستجرى فيها الانتخابات بنظام اللوائح. ولازلنا في الحزب نعقد سلسلة من اللقاءات التشاورية، خاصة في المدن الكبرى، حيث قمنا بزيارة عدد من الجهات والأقاليم، منها مراكش وطنجة والدار البيضاء والحسيمة والناظور وغيرها من المدن، بحيث يبدو للمتتبع أننا نقوم بدورنا المتواضع في الاستعداد للاستحقاقات المقبلة، تماما كما يقوم بذلك غيرنا من الأحزاب من أجل خوض الانتخابات من موقعنا الجديد والمتواضع على كل حال، ولكن الذي نحن فخورون به. - من خلال تقييمك الأولي، هل تستطيع إعطاء صورة عن حجم تغطية الدوائر الانتخابية من طرف حزبكم؟ يمكن أن نؤكد أننا لن نستطيع تغطية عدد كبير من المناطق، وهذا شيء طبيعي بالنظر إلى حجم المشاكل التي عانيناها جراء التجربة الاندماجية السابقة، لكن يمكن القول إن تواجدنا لن يكون هزيلا، وبالمقابل فلن يكون قويا أيضا، ونستطيع تحديد درجة تواجدنا في مرتبة المتوسط، وهذا راجع، إلى ما أخذته منا التجربة الاندماجية الفاشلة من وقت وجهد كبيرين، إلا أن كل هذا لا يجعلنا نتخوف على مستقبل حزبنا، بل على العكس من ذلك فإننا متفائلون ونسعى إلى أن نكون ممثلين على صعيد أكبر عدد ممكن من الجماعات المحلية، سواء داخل المعارضة أو في صفوف الأغلبيات، حيث يصبح من حقنا أن نطمح إلى الظفر برئاسة بعض الجماعات. - هل يُفهم من هذا أن المشاركة في الاستحقاقات المقبلة بالنسبة إلى حزبكم ستكون فقط بهدف إعادة ما ضاع منكم إثر عملية الاندماج الفاشلة؟ أكيد، وكما لا يخفى على أحد فقد بذلنا مجهودا كبيرا في تلك التجربة وسيكون مطلوبا منا، إعادة ما ضاع منا من مجهود وإمكانات، وسيكون ذلك أحد أهم الأهداف المسطرة من طرف الحزب الجديد، هذا من جهة، لكننا من جهة أخرى سنعمل على بلورة المبادئ التي تخص الحزب، ولن نمنح التزكية إلا لمن يؤمن بها وليس لكل من هب ودب ويريد فقط تزكية من هذا الحزب أو ذاك، ولذلك لن نكون قَطعا حزبا احتياطيا للأحزاب الأخرى بإمكان من يشاء أن يستبدلنا بحزب آخر وقتما شاء. إننا سنحاول، وهذا ما تدارسناه داخل الحزب، أن نحقق نقلة نوعية على درب اختيار المرشح النوعي الذي باستطاعته الالتزام أخلاقيا وسياسيا مع الحزب. ومن هذا المنطلق، نكون قد حققنا هدفا آخر أيضا، ألا وهو محاربة ما بات يعرف بظاهرة الترحال السياسي من حزب إلى آخر، وهي الظاهرة التي باتت للأسف متفشية بشكل كبير وخطير جدا، مما يستدعي من الجميع وقفة تأملية للبحث عن السبل الكفيلة بمحاربتها، خاصة عندما يتعلق الأمر بترحال نواب برلمانيين من أحزاب عريقة إلى صفوف أخرى جديدة تحت مغريات شتى. - هل تقصد بالأحزاب الجديدة حزب الأصالة والمعاصرة الذي أغراك أنت أيضا كأمين عام لحزب وفضلت التخلي عن حزبك مقابل الاندماج فيه؟ أكيد أن المشكل مطروح وهو يتجاوز هذا الشخص أو ذاك، فالساحة السياسية تعرف انتقالات كبرى لبرلمانيين وقياديين حزبيين وأعضاء مكاتب سياسية، وأحيانا تمتد هذه الانتقالات لتشمل حتى أحزابا عريقة ولها جذور تاريخية، وهو ما تطالعنا به الصحف يوما بعد يوم عندما تنقل أسماء سياسيين وبرلمانيين ينتمون إلى أحزاب، انضموا فجأة إلى الحزب الجديد (الأصالة والمعاصرة)، والذي جاء ليس ليخدم المشهد الحزبي والسياسي عموما ببلادنا، كما أُعلن في مرحلة تأسيسه، بقدر ما بات يمثل النكوص والرجوع إلى الوراء بالتجربة الديمقراطية المغربية. ومن خلال تجربتنا الفاشلة في الاندماج مع هذا الحزب، استطعنا بالمقابل استغلال ما هو إيجابي في التجربة، حيث تمكنا من القيام بما يشبه الغربلة الطبيعية، وتمت معرفة الأشخاص ذوي المواقف الضعيفة، في مقابل الوصول إلى معرفة حقيقية بالأشخاص الذين يتوفرون على مواقف مشجعة ومبادئ تستطيع السير قدما بتجربتنا الفتية الجديدة داخل حزب العهد الديمقراطي. ولذلك فإننا متفائلون بكون تجربتنا الجديدة ستكون أحسن على المستوى النوعي للأحزاب، وفي ما يتعلق كذلك بالوسائل والمعايير المعتمدة في اختيار المنتخبين. وهنا أود التذكير بأن العدد ليس هو هاجس حزبنا حاليا بقدر ما نركز على مسألة الكيف، سواء على صعيد اختيار من يمثل الحزب أو على مستوى الأجهزة التنظيمية للحزب. - أعود إلى حزب الأصالة والمعاصرة، لأسأل لماذا فضلتم هذا الحزب من أجل الاندماج قبل أن تنسحبوا منه؟ أولا، نريد لفت الانتباه، لمن يحتاج إلى ذلك، إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة لا وجود له حاليا من الناحية القانونية، وهذا ما نشير إليه للأسف في كل المناسبات ولا أحد يصدق، حيث إن هذا الحزب نحن من دعونا إلى تأسيسه كمشروع في البداية، حين اجتمعت خمسة أحزاب وتداولت في ما بينها لتخلص إلى إنشاء حزب سياسي يشملها جميعها، حيث لم يكن قائما في السابق. إذن، الأمر لا يتعلق بحزب كان موجودا والتحقنا به بقدر ما يتعلق بتأسيس من لدن خمسة مكونات حزبية. ولكن حين أدركنا أنه ليست هناك رغبة في العمل الجماعي، وأن هاجس الهيمنة هو المسيطر تراجعنا وانسحبنا. صحيح أن فكرة القطبية وتجميع القوى تخدم المشهد السياسي الوطني إلى حد كبير، إلا أن الطريقة التي كانت تدار بها الأمور هي التي كانت محط خلاف ولم نتفق معهم عليها، والمسألة لم تكن تتعلق برغبتنا في معانقة مناصب أو درجات على مستوى الحزب، بالعكس، فالأحزاب المندمجة تخلت عن قيادتها لأحزابها ومواقعها داخلها من أجل المشروع، رغبة منا في إصلاح المشهد السياسي، ولكننا لاحظنا أن الأمور سارت في اتجاه غير الاتجاه المتفق بشأنه، فكان لا بد لنا أن ننسحب من مشروع ليست لنا فيه مساهمة. وبإمكان المتتبع أن يلاحظ اليوم أن الكيفية التي تدار بها الأمور داخل حزب الأصالة والمعاصرة هي غير سليمة، وهو ما تترجمه طريقة استقطاب أعضاء برلمانيين من أحزاب أخرى، وأحيانا يكونون قياديين بأحزابهم، كما هو الشأن بالنسبة إلى قياديين بحزب التقدم والاشتراكية، استقطبهم حزب الأصالة والمعاصرة، وهو ما لا يمت بأية صلة إلى الرغبة في إصلاح المشهد الحزبي ببلادنا بقدر ما يساعد على التفتيت وزرع بذور الشك في صفوف الأحزاب. - هناك من يتهم حزب الأصالة والمعاصرة بكونه يسعى إلى نسف بعض الأحزاب بعينها، هل تشاطرون هذا الرأي؟ طبعا، هذا أمر لا غبار عليه، ويبدو جليا وواضحا من خلال استقطاب هذا الحزب لكل هذه الأسماء وفي أوقات متقاربة أنه يسعى إلى ضرب أحزاب معينة في العمق، من خلال محاولة دعوة مناضليها إلى الالتحاق به. وهنا يجب التذكير أيضا بأننا عندما بدأنا، من خلال المشروع، الاستعداد لإنشاء الحزب، كان هدفنا يتمحور ويصب في اتجاه استقطاب قوى سياسية جديدة وفئات الشباب غير المتحزب ومكونات المجتمع المدني، وكان الخطاب السائد في أوساطنا كفاعلين يروم مناهضة العزوف ومحاولة استمالة تلك ال75 في المائة من المصوتين الذين لم يدلوا بأصواتهم، أما إذا كان الأمر يتعلق فقط بالاقتصار على ال 37 في المائة فقط وأن يظل هذا يخطف لذاك منتخبيه ومؤيديه، فإن من شأن ذلك ألا يجعل هذا الحزب الجديد قادرا على تشجيع المواطن المغربي على المشاركة في الانتخابات، بقدر ما سيكون داعيا إياه إلى الاشمئزاز من العملية السياسية برمتها، وهذا ما لا يخدم الوطن. - مؤخرا، تم تداول نسب مائوية منسوبة إلى وزارة الداخلية، قبل أن تنفيها الأخيرة، أشارت إلى احتمال حصول حزب «التراكتور» على حصة مهمة من المقاعد الجماعية، كيف تنظر إلى مثل هذه التسريبات؟ على ما يبدو، فإن الأمر يتعلق بضجة إعلامية فقط، وهذا شيء منتظر من طرف جهات تسعى إلى الحصول على مقاعد بأي ثمن وإلى تحقيق انتصارات، مما يجعلها تلجأ إلى مثل هذه السبل. لكن الحديث عن استطلاعات للرأي، فهذا كلام آخر، مع العلم بأن استقراء آراء المواطنين يحتاج إلى إمكانيات وأدوات اشتغال كما هو متعارف عليه في البلدان التي تأخذ بنظام استطلاعات الرأي، بينما عندنا في المغرب لا زال هذا النظام غير منظم ولا يخضع لمعايير علمية تمنحه المصداقية اللازمة. وبالمناسبة، فإني لا أعتقد أن وزير الداخلية له تحيز إلى هذا الحزب أو ذاك، وما يعرف عن شكيب بنموسى أنه رجل معقول ومحايد، وهذا ما تشهد به كل الأحزاب السياسية، هذا بالإضافة إلى أنه ليس من مصلحة وزارة الداخلية أن تصدر عنها مثل هذه الأمور، ويبقى ذلك مجرد تأويلات نقلتها الصحف. - من خلال اتصالكم بالمواطن، هل تلمسون لديه استعدادا لمشاركة مكثفة في الاستحقاقات المقبلة بعكس انتخابات 2007؟ الملاحظ من خلال لقاءاتنا مع المواطنين أننا سجلنا حماسا كبيرا لدى مواطني العالم القروي للمشاركة في الانتخابات، مما يشير إلى إمكانية ارتفاع نسب المشاركة بالبوادي، ولكن بالمدن لا أعتقد أن المشاركة ستكون مرتفعة، اللهم إذا ما تم استغلال اللوائح الانتخابية الجديدة المنقحة بكيفية إيجابية من طرف ممثلي الأحزاب. وعموما، هناك احتمال ارتفاع نسب المشاركة مقارنة بالانتخابات الجماعية السابقة. ولا يمكننا أن نقوم بتقييم حول نسب المشاركة في الاستحقاقات المقبلة لنقول إنها كانت أقل أو أكثر من نسب المشاركة في انتخابات سنة 2007، لأنه علينا انتظار الانتخابات النيابية لسنة 2012 حتى يمكننا أن نقارن ونقيس نسبة المشاركة. - هل بإمكان وعْد المواطن بالقيام بإصلاحات دستورية وسياسية أن يشجعه على الذهاب إلى صناديق الاقتراع؟ أظن أن ورقة الإصلاحات الدستورية والسياسية أصبحت ورقة تستعملها بعض الأحزاب كلما اقتربنا من استحقاق وطني. وفي اعتقادي الشخصي، فإن الظرفية الحالية للمغرب تؤكد عدم أولوية مثل هذه الدعوات إلى القيام بالإصلاحات الدستورية والسياسية، لأن الشعب المغربي هو في حاجة اليوم، أكثر من أي وقت سابق، إلى إصلاحات تنموية واجتماعية. وتبقى الإصلاحات الدستورية أولوية هي الأخرى، لكنها ستأتي في وقتها عندما يتم توافق بين مختلف القوى والفعاليات السياسية من جهة وباتفاق مع الملك من جهة أخرى