تتنامى الأسئلة بعد موجات العنف التي شهدتها مجموعة من المؤسسات التربوية المغربية و لئن كان هذا العنف لم يتطور الى حدود الساعة ليصبح ظاهرة وفق القوانين السوسيولوجية إلا أنها إشارة لا بد من إلتقاطها و دراسة أسبابها حتى لا تتحول ساحات المؤسسات التربوية الى حلبات للمشادات الكلامية و البدنية بين من يفترض فيهم أنهم شركاء في العملية التربوية و القدوات الأولى التي ينهل من التلميذ القيم الأخلاقية و أقصد المؤسسات التربوية و الأسر۔ المعلم ۔۔۔رجل المهمات الصعبة الذي لم يكرم : إن من بين أخطر المهن التي زاولها الإنسان منذ خروجه من أطوار البداوة الى حياة الحضارة و المدنية وظيفة المعلم التي تعالج في موضوعها الإنسان بكل حمولته النفسية و الفيزيولوجية و الروحية و الوجودية و اذا كان كان شرف كل علم بحسب شرف معلومه كما يقول أهل المنطق فإن مهنة التعليم تعتبر هرم الأعمال الإجتماعية الجليلة و العظيمة فإذا كان المهندسون و عباقرة المعمار يرفعون اعمدة الجدران فالمعلم يرفع عمله أعمدة الإنسان الفكرية و النفسية و الروحية و هي اعمق ما في الإنسان الذي أكرمه المولى و أسجد له ملائكته و اختاره ليكون له خليفة في الأرض يقوم عليها بالعمران و الرعاية و الإصلاح و كلها مظان لمهنة التعليم الجليلة و أحد ثمارها۔إن تغير السياسات الحكومية المتعاقبة و المكلفة بالتعليم أو فشل مقاربتها لأوضاع و فلسفات التربية التعليمية لا يجب علينا ان نحجب مركزية شخص المعلم و نحمله فوق طاقته أو ما يسمح به واقع المهنة اليوم فالضغوط الكثيرة التي يقبع تحتها المعلم و الإنتظارات الكبيرة جدا الملقاة على عاتقه تدفعنا الى وجوب تغيير تعاملنا مع المعلم و تفهم الإكراهات الجمة التي يزاول تحتها وظيفته السامية من اكتظاظ و ضعف الوسائل اللوجيستيكية و تغير أنماط التفكير لدى ناشئة الزمن الرقمي و التغيرات المجتمعية المتسارعة التي تلقي بحمولتها و لا بد على المنظومة التربوية و هذه كلها محفزات تدفع الكثير من الأطر التربوية الى التسخط و إهمال شئ من أصالة " المعلم المطبوع" بتعبير العلامة علال الفاسي و يقصد به الإصطفاء الإلهي لبعض المعلمين لشرف هذه المهنة ۔ الأسرة ۔۔۔۔وجه اخر للمعادلة: تعيش الأسرة المغربية اليوم تحت ضغط كبير جدا نتيجة المتغيرات الإجتماعية و الإقتصادية و النفسية التي تحيط بها و كذلك نتيجة تحدي القيم الذي بدأ يغزو المجتمع بعد ثورة الرقمي و تغير أنماط العادات و التفكير و اضطراب سلم الأخلاقيات في اذهان العديد مما يجعل هذا " الوطن الصغير" المسمى اسرة بتعبير علال الفاسي معرض لكل ردات الفعل السياسية و الاجتماعية الثقافية و تزداد في حقه الأعباء المتمثلة في وقاية الناشئة من اثار كل ما سبق و العمل على صيانة الناشئة من كل المؤثرات التي قد تفسد تنشئتهم السليمة و تجعل منهم جيلا من الضباع لا تعرف حرمة لمعلم او اسرة مجتمع او قانون او دين ۔و عليه فيجيب تكاثف و تكامل ادوار الفاعلين في الحقل التربوي اسرة و مؤسسات حتى تدور العجلة التربوية دورتها الطبيعية و الكاملة و تقطع مع الكليشيهات الغريبة التي اصبحت تطالعنا المواقع الاخبارية و التي هي غريبة غدعن اصالة و قيم و تدين المجتمع المغربي المتسم بأخلاقيته الفطرية ۔ جمعيات اباء و اولياء التلاميذ جزء من الازمة و الحل: لقد منح القانون المنظم لادوار جمعيات الاباء وضعية الجسر و الحكم بين المؤسسات و الاسر و الضامن لعدم احتكاك الطبقتين ببعضهما البعض كما نشاهده حاليا و لكن غياب فعالية هذه الجمعيات و لا مسؤوليتها في معالجة الملفات و تفعيل البرامج التوعوية و التأطيرية جعل قنوات الاتصال بين المدرسة و الاسرة تمر حتما عبر الية المواجهة المباشرة التي تفرز سوء الفهم بين الطرفين بما نشاهده اليوم من سلوكات كان من الممكن معالجتها في اطار هذه الجمعيات بشكل ودي و سليم يرضي كلا الطرفين و لا يتطور ليصبح مشادات و بيانات و محاضر و احكام و قاعات تقاضي و هو شئ مهين للمنظومة التربوية الوطنية ۔ وجب تاهيل هذه الجمعيات لأدوارها الخطيرة و فرض رقابة صارمة على انشطتها حتى تقوم بدورها و تمنع تكرر السيناريوهات السابقة و كذا اختيار أعضائها بشكل دقيق وفق اليات مضبوطة و شروط محكمة حتى ندفع شيئا ما العجلة الى الأمام خصوصا و ان واقع جمعيات الاباء بالمغرب اصبح مخجلا جدا و يدفع للسخرية في ظل غياب فعالية حقيقية و انوجاد فعلي على الساحة۔ تعتبر الاسرة و المدرسة و جهان لعملة واحدة ان جاز التعبير فكلاهما مسؤول عن المنظومة التربوية لذا كان التعاون و الاحترام بينهما واجب حتمي وما الاحداث الأخيرة الا انعكاس لغياب هذا الاحترام ۔ جمال الدين اجليان