للسنة الثانية على التوالي سيتم تطبيق و تنزيل رؤية المدرسة الرائدة خلال العام الدراسي القادم رغم الكثير من الكلام و النقد الذي وجه لهذه الرؤية التدريسية إلا ان الوزارة الوصية ماضية في إقرار هذه المنهجية التدريسية مستفيدة من تفكك النقابات و غياب مصداقيتها و كذا عجز المدرسين عن إستيعاب الفلسفة التربوية التي تنادي بها الوزارة لإنجاح هذا المشروع ناهيك عن الأسر و أولياء الأمور الذين لا يلتفت اليهم أصلا و لا يؤخذ لهم برأي . إن علامات فشل هذه المنظومة التربوية قد أينعت برؤوسها خلال السنة الدراسية الحالية و هو ما تزكيه أراء السادة المعلمون ( خفية و خوفا ) أو مجموعة كبيرة منهم و لا يستطيعون الجهر بها ( خوفا على أقواتهم) و هذا مظهر أخر لفشل هذه المنظومة التي ترهب المعلمين و تحرمهم من إبداء رأيهم في منهجية تدريسية يعهد اليهم إنجاحها قسرا و دون نقاش او مراجعة . إن تحويل التدريس في ظل هذه المقاربة الى معلومات كمية ملخصة و مركزة شديدة التركيز ستنشئ لنا جيلا من التلاميذ المتصلبي الأذهان و الغير قادرين على مسايرة الطرح التعليمي المبني على روافد اخرى كثيرة كلها تصب في شخصية المتعلم و تصقله خلافا لهذه المنهجية التي ترفع من شأن " معلومات الإمتحان " و لا تراعي أي رابطة تجمع بين المتعلم و المادة التعليمية كوسيلة لتنمية الذات و تكوين مسالك ذهنية لدى المتعلم .إن هذه المنهجية التعليمية الجديدة تريد تحويل مدارسنا إلى أشبه ما تكون بقاعات القمار و التلاميذ الى مقامرين عبر تعليق شاشات إلكترونية أمامهم و تركيز أبصارهم لظهور الإجابة الصحيحية عليها حيث يصبح التلميذ أشبه ما يكون مقلدا لشخصية المقامر الذي ينتظر بروز الإجابة الصحيحة على الشاشة من بين إختيارات متعددة بعيدا عن تنمية مهارات التلاميذ الذهنية و العضلية التي تمر حتما عبر الية ( المقرر ) الذي يعتبر منهجا تعليميا فعالا و ذو جدوى لأنه الإطار المتكامل لأداء العملية التربوية على و جهها السليم و هو أيضا الذي يحدد الموقع النسبي لكل العناصر الداخلة فيه و من بينها الكتاب المدرسي الذي يراد له ان يندثر اليوم ليعوض بمطبوعات جافة لا تسمن و لا تغني من جهل حيث تقدم رؤية تعليمية واحدة كان من الممكن مقاربتها في إطار الكتاب المدرسي من زوايا متعددة و أبعاد أخرى تدفع شخصية المتعلم و تغرس في نفسه ملكة التفكير و النظرة الواسعة .إن هذا البرنامج التعليمي المرتجل سيقضي على كل أمل في إصلاح التعليم المغربي و مقاربة إشكالاته الحقيقية فأزمة التلميذ المغربي لن يحلها حاسوب مقدم لمعلمه أو شاشة تفاعلية لأننا نعاني أزمة هيكلية تحتاج الى حلول هيكلية ايضا .كيف أمكن للدولة أن تنزل مشروعا تربويا و نصف متمدرسينا يعيشون في العالم القروي المحروم من أبسط الأدوات اللوجستية للتعليم ( مدارس مهترئة .سقوف متشققة.جدران متهالكة.مراحيض كارثية.معلم يقسم حجرة الدرس نصفين الاول لسكنه و الثاني لعمله ......) إن إنزال مثل هذه البرامج المستوردة يحتاج الى توطئة زمنية لإعداد البنيات الأساسية للتدريس و لتكوين أطر تشتغل على هذا البرنامج في أفق الخمس او العشر سنوات القادمة فلماذا تهيئ بنية تحتية لإستضافة مونديال 2030 منذ اليوم و تحرم أحد أهم أعمدة الدولة من هذا المنظور ؟؟؟؟؟؟ إن الوزارة الوصية ممثلة في خريج البوليتكنيك بباريس و الذي لم يدرس قط بالمدرسة العمومية و هو البعيد عن تفهم مشاكلها الحقيقية يركز في عمليات التعليم على الإنفتاح و تنويع مصادر المعلومات لتحويل البيئة التعليمية الى بيئة تقنية و شبكية كثيرا ما تستخدم بلا وعي من المعلمين حيث أضحى مجموعة من المعلمين يستغلون اوقات الفراغ عبر وضع أقراص أشرطة فكاهية ( لقتل الوقت) للتلاميذ !!!!! بالإضافة الى ضعف التكوين و غياب الجدية المطلوبة و دمج فصلين دراسيين في زمن دراسي واحد . هذا البرنامج يركز على الشكلي من العملية التعليمية و يغفل عن جوهر الفكرة التعليمية التي يقع الإنسان في صلبها عبر تنميته و تطويره و بناء أبعاده الذاتية حتردى يصبح فردا نافعا لمجتمعه و أمته مما يتطلب تعاهدا مستمرا لمضامين المادة التعليمية المقدمة اليه و أشكال الكفايات التدريسية حتى لا نسهم في تكوين جيل من الضباع بتعبير الدكتور المهدي المنجرة بدل جيل متفوق خريج مدارس " الريادة "