عرف الريف المغربي منذ تاريخه وفود العديد من المستشرقين في اطار بعثات علمية سبقت او رافقت الحملة الإستعمارية على المنطقة و كانت الغايات المعقودة على هذه البعثات العلمية هو تفكيك المجتمع المراد احتلاله معرفيا و معرفة أنماط عيشه و طريقة تفكيره و أهدافه الحياتية و مراميه الوجودية و دراسة عاداته و ثقافته و لغته و كل ما له علاقة به و بمحيطه حتى يلم المحتل بكل تفاصيل حياة المراد احتلاله . انقسمت هذه البعثات و كتاباتها في الجملة بين مغال في وصف الريفيين و بين من أسرته الثقافة الريفية و استهوته عاداتها و ثقافتها و بين حاقد متعصب للأطروحات الكولونيالية و التي حاولت رسم صورة للسكان توحي بالبداوة و التوحش و البعد عن المدنية. على كل حال تظل الكتابات الكولونيالية مصدر من مصادر البحث في تاريخ المنطقة لا يمكن اغفالها على ندرتها و تدوينها بلغات غالبا يجهلها الباحث المحلي كالألمانية و الأنجليزية و الإيطالية. تطالعنا شخصية الباحث الألماني بارت هنريش الذي زار منطقة الريف ما بين سمة 1830و 1837 حيث قام بمسح جغرافي لمجموع تراب و قبائل المنطقة ليدون فيما بعد مشاهداته في كتاب سماه " رحلات و استكشافات في الريف المغربي" و الذي توجد منه نسخة وحيدة متواجدة بالمكتبة الوطنية ببرلين مكتوبة باللغة الألمانية و فيه يحلل الباحث عقلية الإنسان الريفي و أساليب تفكيره و مما يركز عليه في هذه النقطة مسألة " سوء المزاج" التي يتصف بها كل من قابل من سكان القبائل الريفية انذاك و كذلك مقاربته لتدين الريفيين و اعتقاده ان الغالب على تدين قبائل الريف السطحية و تغليب الأعراف المحلية على الأحكام النصية و الشرعية . يطالعنا ايضا الباحث رولفس من خلال دراسته لقبائل صنهاجة بالريف و اعتباره هذه القبائل تختلف شيئا ما في عاداتها و مشاربها عن عادات و مشارب القبائل الأخرى بالريف من حيث العلاقة مع المرأة مثلا او عادات الحصاد و هو نفس ما انتهى اليه اوسكار لينس و كريسوبال بينيطث . الباحث الانجليزي غراي جاكسون في كتابه " An accont of the empire of morocco" و هو طبيب نفساني يقارب البنية النفسية للإنسان الريفي و يركز على مسألة القسوة و اضطراب الشخصية الحدي لدى جل سكان القبائل التي زارها مرجعا الأمر الى عوامل وراثية كامنة زادتها العزلة الجغرافية شدة ووطأة. من جميل الكتابات الكولونيالية كتاب " يوميات الريف " لأكونفيل حيث يشرح أنثربولوجيا المواسم و العادات بالمنطقة و كتاب الباحث هوكر المسمى مذكرة جولة بالريف " و هما كتابان يحتفيان بالموروثات الشعبية للمنطقة الريفية و يبديان اعجابهما الشديد بعادة " ثويزا" او " عملية اقامة " اثمون". لقد رسمت غالب الكتابات الأجنبية صورة سلبية للإنسام الريفي فرغم الإحتفاء ببسالته القتالية الا أن خصائصه النفسية و الإنفعالية لم تجد طريقها السليم الى التطور و هو ما يفرزه ملاحظات هؤلاء الباحثين حول وجود صعوبات في تطور الشخصية الأخلاقية لدى عموم القبائل المدروسة او ما يسمى " بصعوبة النضج الإنفعالي " حيث تتسم ذهنية قبائل المنطقة بالجمود على الأعراف التي تخاصم الشريعة و عدم التمكن من تنقية النفس من بعض الشوائب المتوارثة مثل العناد و المكابرة و الثأر حسب هؤلاء الباحثين . في كل الأحوال تعتبر الكتابات الإستشراقية مصدرا ثانيا لقراءة تاريخنا من زاوية اخرى قد تكون محايدة احيانا او موجهة لكنها جميعا تحتفي بالريف و تتغنى به كل حسب ايديولوجيته .