على بعد أيام قليلة، تحل ذكرى وفاة علي فهمي المحامي السابق بهيأة الناظورالحسيمة، وواحد من رجالات الريف، الذي عرف عنه دفاعه المستميت عن المنطقة وقضاياها. كان محاميا متميزا، مشهودا له بالكفاءة القانونية، ومن المناضلين القلائل الذين بصموا بتجربتهم تاريخ المنطقة. لم يكن على فهمي رجلا عاديا يريد فقط أن يهنا بالعيش بعد أن توفرت له أسبابه بل كان حريصا على العمل الجاد والمسؤول إلى جانب كل المناضلين للمساهمة في بناء مجتمع تسوده الحرية والعدالة والديمقراطية. معتقل سياسي ولد الأستاذ علي فهمي سنة 1942 بدوار ايت عزيز بتماسينت بإقليم الحسيمة، حصل على الإجازة في الحقوق وفي الأدب الإسباني داخل السجن بين درب مولاي الشريف وعين قادوس بفاس أثناء فترة اعتقاله بتهم سياسية، اشتغل في بداية مساره بسلك القضاء سنة 1973. وبعد اعتقاله بتهمة المس بأمن الدولة في يونيو 1974 صدرت في حقه عقوبة التسريح عن العمل من قبل وزير العدل انذاك، ليلتحق بمهنة المحاماة خلال 1978، حيث عمل في هذا الميدان بوعيه وضميره وسلوكه بالتزام واضح. لم يكتف علي فهمي بمهامه المهنية فقط، بل كان من ابرز الوجوه المناضلة في المنطقة، حيث ترأس فرع الحسيمة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان وقت تأسيسها سنة 1991، كما كان معتقلا سياسيا. مسار مناضل اختار علي فهمي، وبقناعة راسخة ومنذ شبابه التموقع في الدفاع عن قضايا الريف العادلة، ولم يكن من محبي الواجهة والظهور، وكان همه العمل رفقة رفاقه في بناء الريف، ناشدا مستقبلا أفضل لابنائه. وكان قيد حياته دائما رفقتهم في السراء والضراء، مدافعا عن حقوقهم اليومية، مترفعا عن الماديات جاعلا من مهنته إطارا للدفاع عن المظلومين وكل ضحايا الحكرة شاهرا سيف الحق في وجه كل معتد لا يخشى في ذلك لومة لائم.
نكران الذات. عرف عن الفقيد علي فهمي نزاهته وتواضعه ونكران الذات وظل طيلة حياته مدافعا عن الفقراء والمظلومين، كما عرف بمرافعاته محاميا مقتدرا وبدفاعه المستميت عن ضحايا حقوق الإنسان بالمغرب، خاصة إبان انتفاضة 1984 وغيرها من الأحداث الأليمة التي عرفها المغرب وأفاد حسين العياشي محام بهياة المحامين بالناظور - الحسيمة، وزميل الفقيد في شهادة في حق الراحل بالقول . له تاريخ مشرف ونظيف، وعاش حرا ونال محبة الجميع واحترامهم، وعرف عنه أنه شخصية نضالية مثقفة ورافعة وطنية جبارة، صادق القول نقي الضمير امتاز برجاحة العقل ورحابة الصدر نصيرا للمظلومين صاحب قيم نبيلة ومبدأ عاش حرا محبا للجميع وأشاد العياشي بمسيرة الفقيد الطيبة أثناء حياته في العمل الحقوقي والسياسي، وأثنى على أسلوب حياته البسيطة ومكانته المجتمعية ودوره في العمل، وما كان يتمتع به من اخلاق عالية وحبه للوطن، مؤكدا أنه بوفاته فقدت الحسيمة أحد أبرز رجالات الوفاء والإخلاص في العمل الحقوقي والسياسي.
لوعة الفراق شكلت وفاة علي فهمي قبل سنوات موجة من الحزن أوساط المجتمع الحسيمي، وكل مكوناته المدنية والحقوقية، إذ افتقد المحامون هرما من هرم المرافعات وعالما من علماء فنون الدفاع، وخبيرا من خبراء الأناقة في ضبط الثغرات القانونية وإقناع هياة الحكم بوجاهة دفاعه، قيلت شهادات مؤثرة في حق الراحل بعد وفاته، وعلقت بعض المنابر الإعلامي وقتها هذه الخسارة بقولها خسرنا رجلا شهما كرس حياته للمحاماة بكل هدوء، وبعيدا عن الصخب وبعيدا عن الواجهات .