بمجرد دخول الإستعمار الغربي إلى الريف، خرج من رحم القبائل المتناحرة تنظيم كسر حسابات المستعمر، (ليقول لهم من انتم يا جيوش الطغاة )،لتقرروا ما يمكن فعله في أراضينا،تضاريسا وسهولا. في ظرفية وجيزة وحد أبناء الريف صفوفهم للدفاع عن شرفهم وعن أرض أجدادهم بقيادة البطل" الشريف محمد أمزيان"، بذلك ذاقت جيوش الاستعمار هزائم لا يمكن لنا نسيانها،إذ كلما فتحنا كتب التاريخ، إلا ووجدناها كتبت بمداد من ذهب في معركة وادي الذئاب " اغزان وشان" لكن بعدما أدرك المستعمر الخطر الذي يواجههم في ارض غيرهم، حاول بكل الاليات والوسائل المتاحة للقضاء على المقاومة بالريف من اجل تحقيق رغبتهم ومصالحهم ، ورغم القضاء على الشريف أمزيان والمقاومة بالريف، أنجب لنا الريف من جديد ، مهندس حرب العصابات واستاذ الثوار محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي لقنهم دروسا في النضال والصمود والثبات والعلم والسياسة والاخلاق، (كما قال لهم :هل حقا هذه هي مبادئ الثورة الفرنسية)، لكن الاستعمار الغاشم لا يعرف معنى الاخلاق والعلم والسياسية بقدر معرفته للغة السلاح والاستغلال، وما على الامير إلا أن يتصدى لهم عن طريق توحيد القبائل وتنظيمها تحت راية المقاومة، بعدما رحبت بهم السلطة المركزية تحت شعار "نعم للحماية من اجل بناء الحضارة"، حضارة الاستغلال، حضارة التهميش، حضارة التفقير ، لكن للامير رأي آخر، رأي المقاومة و الصمود والثبات على المبدأ، عن طريق جمع شتات القبائل بعد ما تم تفكيكها و تشتيتها من طرف الإسبان لبلوغ المبتغى،و الدفاع عن شرفهم وحقوقهم وارضهم المغتصبة من طرف الاستعمار، انوال ودهار ا بران وجبال العروي وجنرالات الهزيمة شاهدة على ما اقول ، حتى الاسبان بانفسهم يعترفون بهزيمة انوال ،بقدر ما يعتبرونها كارثة انوال، لكن وبما أن للاستعمار هدفه المحدد ، فلا تهم الاليات والوسائل المستعملة للوصول إليها،والتي بلغتها بالفعل بعدما توحدت جيوش الاستعمار الإسباني والفرنسي لقصف الريف بالغازات السامة ، والقضاء على المقاومة ومشروع الخطابي، غير أن الخطابي قالها بصوت عال دون أي خوف ولا خجل ، (انهزمت انا وأعطيت فرصة لأبنائي لكي ينتصروا في المستقبل ، وما على الاحفاد إلا ان يسيروا على نفس الخطى، خطى الامير لتحقيق العدالة الاجتماعية، وما على الاحفاد الا ان يلبوا النداء) ، لقد فعلوها بالفعل في 1958،1959 في 1984 في 2010 في 2016 وفي غيرها من الانتفاضات المتعاقبة للقضاء على التهميش و الفقر والهشاشة و على كل ما يتعلق بالاسبان في المنطقة ، الا ان سياسة الادارة المركزية في الريف تعود من جديد في 2020 ، لترميم كل ما يتعلق بالمعالم التاريخية التي تخص التراث الغربي بالمنطقة ... قلعة أربعاء تاوريرت، قلعة طوريس، قلعة سنادة...بالاضافة الى مدينة لمزمة لتوهيم الرأي العام على أساس كل هذا جاء من اجل احياء المواقع التاريخية لجلب السياح الى المنطقة، وفي هذا السياق تطرح عدة تساؤلات، هل حقا تم ترميم المعالم التاريخية للحفاظ عليها كونها هي للذاكرة الجماعية، والتشجيع على السياحة الثقافية التي تعد مصدرا من المصادر الإقتصادية ، ام تم ترميمها لكي يحافظوا على الإرث الإسباني في المنطقة نظرا للجرائم التي ارتكبها في حق ابناء المنطقة ( إذ تم ترميم مدينة المزمة وهي لا تتعلق بالاسبان او غيرهم،إذ هي تخص إمارة النكور) ،صحيح اذن، لماذا تم ترميم هذة الأخيرة التي تخص الذاكرة الحية لأبناء الريف إذ ربما من خلال هذا المثال الذي بين ايدينا يتبين لنا بالملموس الغرض منه هو التشجيع على السياحة الثقافية في المنطقة. لكن ماذا عن مقر قيادة الأمير بأجدير، ماذا عن محكمة مولاي موحند الموجودة في منطقة ثاغزوث جماعة بودينار التي هي مجرد أطلال، ماذا عن منزل الأمير ... ماذا عن إرث الخطابي ربما هذا الاخير دليل قاطع على ان الترميم لم يتم لمصلحة المنطقة بقدر ما انه من اجل احياء التراث الاستعماري، رغم انه يبقى تراث يجب احيائه والحفاظ عليه، لكن لماذا يتم ترميم كل ما يتعلق بالاستعمار الغربي في الريف؟ولم يتم ترميم ما يتعلق بالخطابي؟ اي بذاكرة المقاومة المسلحة بالريف؟ بالأماكن التي كانت هي نقطة شرارة فكرة حرب العصابات، هل هذا يعود للدور الذي لعبه الأمير من أجل الدفاع عن الحرية وحصول المغرب على الاستقلال ؟ام ذلك يعود للحساسية التاريخية بين الهامش والمركز؟ ام للضربة التي أعطاها للإستعمار الفرنسي في إفريقيا على اعتبار أن الفرنسيين أصدقاء المركز....؟