بعد المعركة الطويلة التي خاضها الاساتذة المتعاقدين من اجل المطالبة بالادماج في الوظيفة العمومية، برزت اصوات بالحسيمة تدعوى الى تصحيح المسار النضالي. وواصدرت لجنة مشكلة من اساتذة المتعاقدين باقليم الحسيمة، ما اسمته “بورقة توجيهية بخصوص معركة الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ” من اجل “تحقيق الهدف الاستراتيجي وفق مسلكيات بديلة نابعة بالأساس من منطلق البحث عن التوفيق بين مواصلة النضال من أجل تحقيق الإنصاف والمساواة بين رجال ونساء التعليم، وبين مراعاة مصلحة وحق المتعلم المقدس في الإستفادة من التعليم”، على حد تعبيرهم. وقالت اللجنة انه “إيمانا منا بعدالة مطلب ادماج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد في أسلاك الوظيفة العمومية وإسقاط نظام التعاقد الذي يكرس الهشاشة واللامساواة داخل المنظومة التعليمية، وإنطلاقا من انخراطنا الدؤوب في مجمل المعارك النضالية إلى جانب الجماهير الأستاذية، وبناء على العديد من النقاشات الأفقية الهادئة حيال ما وصلت اليه المدرسة العمومية من إنحرافات وإهدار للزمن التربوي والتعليمي للمتعلم كحلقة مركزية تتغيى المنظومة على علاتها تجويد حقه في التربية والتمدرس، بادرنا نحن لجنة صياغة هذه الورقة التوجيهية الى طرح تصور إجرائي منهجي يروم بالأساس توجيه المسار النضالي نحو الهدف الإستراتيجي المشترك وفق مسلكيات بديلة نابعة بالأساس من منطلق البحث عن التوفيق بين مواصلة النضال من أجل تحقيق الإنصاف والمساواة بين رجال ونساء التعليم، وبين مراعاة مصلحة وحق المتعلم المقدس في الإستفادة من التعليم“ واضافت لجنة صياغة الورقة التوجيهية “إن تقييمنا لما راكمته الجماهير الأستاذية من زخم نضالي، ومن تصعيد في إيقاع ووتيرة الإحتجاج عبر شل المرفق العمومي التربوي بخوضها لثلاث أسابيع متتابعة من الإضراب أمام تعنت الوزارة ومصالحها الخارجية في عدم الإستجابة لمطلب التنسيقية الوطنية الذي لخصته في " الإدماج في الوظيفة العمومية واسقاط مخطط التعاقد"، واكتفائها بإلغاء العقود وتبني تعديلات في مضمون النظام الأساسي لأطر وموظفي الأكاديميات، وإن كان يدفعنا في المقام الأول الى تحميل المسؤولية القانونية والسياسية للحكومة كونها الضامنة لمبدأ سير المرفق العام بانتظام واطراد، والمساواة في الولوج الى الوظائف العمومية، إلا أن ذلك لن يعفينا من المقاربة الذاتية للأزمة التي وصل اليها الوضع من خلال الوقوف عند تقييم الاستراتيجية النضالية التي تؤطر نا كأساتذة فرض عليهم التعاقد سواء على مستوى تصريف وأجرأة الفعل الإحتجاجي وتدبير إيقاعاته حسب السياقات أو عبر طبيعة الخطاب التواصلي العمودي الذي يؤطرها “. وتابعت الحركة التصحيحة بالقول “إننا نعتقد أن استشراف آفاق المعركة بثقل مطلبها الإستراتيجي، يستدعي الوقوف عند تقييم مختلف المسارات الميدانية والتواصلية التي نراها في اعتقادنا أنها باتت تنحو نحو نقل المعركة في مجملها الى الفضاء العام مما قد يدفع بالملف الى منزلقات ويفتح جبهات لن تسطيع فئة الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد مجاراتها سواء أمام الدولة (الحكومة ووزارتها الوصية على القطاع) أو في علاقتها مع باقي الشركاء المعنيين بهموم الحقل التعليمي “. وبخصوص مطلب الادماج قال صائغي الورقة التوجيهية “ إننا، ومن منطلق إيماننا بعدالة مطلبنا المتمثل في الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية إسوة بباقي زملائنا، نعتبر أن مطلبنا هو مطلب استراتيجي يستدعي امتلاك رؤية بعيدة ونفس طويل المدى وفق قاعدة التراكم والبناء الكميين، ينطلق من إشاعة فلسفة نضالية براغماتية قائمة على مبدأ " فن الممكن لتحقيق الندرة " واستحضار موازين القوى واصطفافات القوى النقابية والمدنية“ . وتابعوا بالقول “إننا نعتقد أن استراتيجية نضال الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، تطبعها العديد من البياضات، أهمها التركيز المطلق على المطلب الإستراتيجي، دون أن تقدم أية تصورات إقتراحية قادرة على أن تكون على طاولة النقاش والحوار العموميين، بالموازاة مع الإقتراحات الرسمية التي تقدمها الحكومة والوزارة الوصية على القطاع “. وشددت اللجنة على “ان إمتلاك تصور لتدبير الأزمة في حدود الممكن، لا يجب أن يفهم كونه تنازلا عن مطلب الجماهير الأستاذية المتمثل في الإدماج، بل هو تاكتيك مرحلي تفرضه شروط ومبادئ إدارة أي معركة قطاعية تتغيى الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية للشغيلة، خاصة وأننا أمام قطاع تتقاطع معركة إصلاحه مع العديد من الفاعلين ( نقابات، جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، المجتمع المدني...) “. وختمت اللجنة بلاغها بالقول “إننا أمام مرحلة تستدعي أن يتحرك التفكير الجماعي في اتجاه إبداع اليات نضالية تراكمية توفق بين الدفاع عن حقنا في وظيفة عمومية قارة تضمن الأمن النفسي والإجتماعي، وبين حق المتعلم (ة) في الإستفادة من الزمن الدراسي صياغة الورقة التوجيهية“.