هذا هو لسان حال "البيجيدي" بعد ظهور نتائج استحقاقات 7 أكتوبر، فالعدالة والتنمية سعيد بما حققه وبالثقة التي نالها من الشعب المغربي رغم حصيلته المتواضعة بعد استنفاذ السنوات الخمس في سدة الحكم، الحزب ذو المرجعية الإسلامية يبدوا أنه يعيش أحاسيس متناقضة، بين فرحة ونشوة الانتصار والتصدّر رغم القرارات والملفات الحساسة التي تجرّئ على المساس بها وفتحها، إضافة للظرفية الصعبة التي كان موجودا بها، وبين التفكير في سيناريوهات التحالفات التي لا شك ستجبره على خوض معركة مضنية يقف فيها في موقف ضعيف وذلك لبروز التقاطب الحزبي الذي تحدث عنه الاعلام كثيرا وأصبح له اليوم ما يبرره بحكم الأرقام التي أسفرت عنها الانتخابات. فحزب الأصالة والمعاصرة استطاع أن يضاعف من مقاعده التي حصل عليها في تشريعيات 2011 و يحلّ وصيفا للعدالة والتنمية بفارق ضئيل نسبيا، وما يساهم أكثر في صعوبة المعركة على البيجيدي عدم وجود بديل حقيقي للبام يمكن له الاستعانة به كحليف من أجل تشكيل الحكومة، فأحزاب الاستقلال والأحرار والحركة الشعبية وشتات اليسار أبانت على أنها تسير نحو الهاوية وشارفت على الانهيار بعد حصولها على نتائج كارثية تحتم عليها إعادة النظر بشكل جذري في سياساتها وهيكلتها وتوجهاتها التي أوصلتها إلى نفق مسدود تاركة الساحة لشكل جديد من أشكال التقاطب الحزبي في المغرب وهي القطبية الثنائية بين البيجيدي والبام. وعليه فالعدالة والتنمية أصبح مرغما ومكرها على الاختيار بين حكومة هشة تشارك فيها معظم الأحزاب الممثلة في البرلمان باستثناء الأصالة والمعاصرة، وترك هذا الأخير وحيدا في المعارضة، لكن هذه الحكومة تبقى مهددة بالسقوط في أي لحظة بانسحاب احدى القوى المتحالفة من التشكيلة الحكومية لسبب من الأسباب، والاحتمال الثاني الذي يرجح أن يكون هو الحل الأمثل للواقع الذي أفرزته الصناديق، هو تحالف البيجيدي والبام وتشكيل حكومة متماسكة نسبيا مقارنة بالاحتمال الأول، وإن حدث ذلك فسيكون تأكيدا جديدا على أن التحالفات في هذه المرحلة بعد ظهور النتائج لا تحتمل أي تحفظات ايديولوجية ولا توجد بها أي خطوط حمراء وستؤكد بالخط العريض على أن تراشق إلياس وعبد الإله لا يعدوا أن يكون عرضا مسرحيا لا تلزمهما مضامينه في مرحلة الحصاد وبناء صرح "المحكومة" المغربية.. وفي الأخير يجب أن نؤكد على أن النتائج تؤكد بالملموس على أن النظام الانتخابي المغربي لم يعد متطابقا مع المجال الحزبي لمعاناة هذا الأخير من اختلالات جمّة أفرزت ما يمكن أن يعتبر ثنائية حزبية لأول مرة في تاريخ المغرب في ظل نظام انتخابي محافظ وعتبة في حدود 3 بالمائة.