قدم الباحث المغربي محمد شقير قراءته لتطورات المشهد السياسي بالمغرب، في سياق الانتخابات التشريعية المقبلة التي ستجرى خلال السابع من أكتوبر المقبل. وقال شقير، في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام مساء الثلاثاء بمقر المؤسسة بالرباط، إن الانتخابات المقبلة أقل أهمية من انتخابات 25 نونبر 2011، بالنظر إلى أن سياق هذه الأخيرة اتسم بحركية في المحيط الإقليمي، وتحرك الشارع المغربي مع بروز حركة 20 فبراير التي رفعت شعارات مطالبة بالإصلاح، ما جعل السلطة تعمل على احتواء هذه الحركية. هذا الاحتواء، يقول الباحث المغربي، جاء من خلال عدد من الإجراءات، كالاستفتاء الشعبي على الدستور الأول في عهد الملك محمد السادس، والانتخابات التي أدت إلى صعود حزب ذي مرجعية إسلامية، في حين إن انتخابات 7 أكتوبر المقبل ستعمل على تكريس الوضع الحالي مع وجود اختلاف بين سياقي 2011 و2016. واعتبر المتحدث ذاته أن هذه الانتخابات دخلت الروتين السياسي مع وجود بعض التأثيرات التي يمكن أن تتمخض عنها؛ حيث يمكن أن تقوم بتكريس وضع معين وتنزيل مقتضيات الدستور، وبالتالي كل القوى التي ستشارك ستدخل اللعبة الانتخابية للظفر بمقاعد وتكرس تموقعها، بالإضافة إلى إفراز تقاطب في المشهد السياسي بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة اللذين دخلا في حملة انتخابية سابقة لأوانها ومبارزة ثنائية؛ بحيث "يحاول البيجيدي التركيز على التحكم، والبام يحاول فك التطبيع الذي عمل عليه بنكيران مع الملكية". "حزب لاستقلال كان سيخفف من حدة التقاطب، لكن تم إضعافه بإلغاء عدد من مقاعده"، يقول شقير، مضيفا أن انتقاد الحزب للداخلية، دفعها إلى إصدار بلاغ يدعو إلى عدم التشكيك في العملية الانتخابية. وعن رهاناتها من العملية الانتخابية الحالية، قال الباحث المغربي إن السلطة تعمل على تكريس التوازنات داخل المشهد السياسي، وتكريس شفافية الانتخابات من خلال إجراء عدد من التنقيلات في صفوف رجال السلطة، بالإضافة إلى تحذير وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الأئمة من مغبة التأثير على الانتخابات. وتابع المتحدث عينه التأكيد على أن السلطة تراهن، من خلال الشفافية، على تكريس النموذج السياسي المغربي، والخطاب الملكي يذهب في هذا الاتجاه؛ إذ يحاول المغرب التموقع من خلال تقديم صورة الإصلاح في ظل الاستقرار. وفي السياق ذاته، قال المتحدث إن مسألة الانتخابات في المغرب تعتبر رهان نخبة وليست رهان مجتمع، في حين إن العزوف عن التصويت يتم تضخيمه، "لأن المسألة هي مسألة ثقافية وسياسية، ولكي يقوم المغربي بالتصويت يجب أن تكون لديه ثقافة وطنية، بينما العملية سياسية تتحكم فيها المخزنة والتقليدانية، ولابد من إعادة النظر في الانتخابات"، يضيف شقير. أما عن دور حزب العدالة والتنمية في الحياة السياسية المغربية، فقال شقير إن الحزب قدم خدمات جليلة للنظام من خلال القيام بعدد من الإصلاحات، كما هو الشأن بالنسبة إلى قانون التقاعد، معتبرا أن "البيجيدي" يتمتع بفرصة لتصدر الانتخابات لأن المحيط الإقليمي لا يزال يقبل بالحفاظ على هذا النموذج الذي من بين مكوناته حركة أصولية معتدلة تقوم بإصلاحات، كما أن هذا الحزب يمكن أن يقود ولاية ثانية على غرار الاتحاد الاشتراكي. في المقابل، يرى شقير أن على حزب الأصالة والمعاصرة استقطاب الطبقة الوسطى، والتي تعتبر الأكثر تضررا من الإصلاحات، من أجل الفوز بالانتخابات المقبلة، وإذا لم يتمكن من ذلك، فإن حزب العدالة والتنمية سيفوز بالانتخابات بفارق كبير. وعن سيناريوهات الانتخابات التشريعية المقبلة، فقد حصرها الباحث المغربي في ثلاثة؛ الأول يقوم على تصدر "البيجيدي" وتحالفه مع أحزاب الاستقلال والتقدم الاشتراكية والحركة الشعبية، والثاني تصدر الأصالة والمعاصرة لهذه الانتخابات والعمل على التحالف مع أحزاب الاتحاد الاشتراكي والاستقلال والتجمع الوطني للأحرار، في حين يبقى السيناريو الثالث قائما، وهو تحالف حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة وتشكيل حكومة وحدة وطنية.