لم يُكتب لإمتحانات الدورة الربيعية العادية بالكليات ذات الولوج المفتوح بجامعة محمد الأول بوجدة، أن تُجرى في وقتها الطبيعي ووفق البرمجة التي حددتها مجالس الكليات، بعد أن عمل مجموعة من الطلبة بتأطير من تنظيمات قاعدية على إغلاق أبواب الكليات الثلاث (الآداب والعلوم الإنسانية، العلوم القانونية والاقتصادية، العلوم) منذ الساعات الأولى من صبيحة أمس الاثنين 13 يونيو الجاري أول أيام الامتحانات، وذلك تنفيذاً لما أسموه ب"التوجه العام" للحلقية التقريرية التي إحتضنها الحي الجامعي ليلة نهاية الأسبوع المنصرم. و بعد أن تمت مقاطعة الامتحانات بالكليات المذكورة، انطلق المئات من الطلبة في مسيرة حاشدة أطرها الطلبة القاعديين صوب مقر رئاسة جامعة محمد الأول، وسط شعارات الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، ومباشرة بعد وصول الحشد الطلابي المحتج إلى مقر الرئاسة بادر رئيس الجامعة محمد بنقدور إلى مُطالبة الطلبة بتكوين لجنة للتحاور، وهو الطلب الذي قُوبل بالرفض من لدن مؤطري الشكل الاحتجاجي الذين طالبوا الرئيس بالنزول إلى الشارع للتحاور جماهيريا، ليستجيب بنقدور لهذا الطلب بعد أن عمد المحتجون على اقتحام مقر الرئاسة والاعتصام بمرافقه. وفي بادرة هي الأولى من نوعها نزل رئيس الجامعة مرفوقاً بعمداء الكليات ومسؤولين آخرين إلى وسط حلقية الطلبة، وفتح نقاش مع الطلبة سارع من خلاله إلى طمأنة الطلبة بخصوص المطالب الآنية المرتبطة بالامتحانات وتاريخها، كما وقع على محضر اتفاق على أساس تنفيذ مجموعة من المطالب الطلابية، أولها تأجيل الامتحانات الى ما بعد شهر رمضان، مع فتح الحي الجامعي ومرافقه ومطعمه خلال شهر يوليوز تزامناً مع امتحانات الدورة العادية، واعتماد 22 ماستر بمختلف الكليات، وكذا تجهيز مكتبة الحي الجامعي بالكراسي والطاولات، وتحديث ترسانة الكتب بخزانات الكليات الثلاث، وغيرها من الإلتزامات الأخرى التي وقع عليها رئيس الجامعة. بادرة رئيس جامعة محمد الأول ومعها خطوة مقاطعة الامتحانات برمتها، لم تسلم من الانتقادات والتشكيك في خلفياتها، ففي الوقت الذي يرى فيها البعض ترجمة لرغبة طلابية، ذهب البعض الآخر إلى القول بأن ما حدث تم طبخه في الكواليس، ويأتي في سياق التدافع السياسي بين القطبين المُتصارعين في الواجهة السياسية بالمغرب، المتمثلين في حزب الأصالة والمعاصرة وحزب العدالة والتنمية، وامتداد موضوعي للصراع الذي تشهده الجامعة بين الحزبين والذي إشتدّ خلال السباق نحو رئاسة الجامعة الذي شهد "معركة" حامية الوطيس بين "البام" و"البيجيدي" بعد أن أقال وزير التعليم العالي لحسن الداودي الرئيس السابق للجامعة عبد العزيز صادوق المحسوب على حزب الاصالة والمعاصرة بعد حملة شنّها أساتذة وأطر تابعين لحزب العدالة و التنمية بقيادة البرلماني عبد العزيز أفتاتي، ليتمكن بعد ذلك حزب بنكيران من الظفر بالتسيير المؤقت للجماعة بعد تعيين أحمد عدو رئيساً مؤقتاً، لكن سرعان ما إستعاد "البام" المسك بزمام تسيير جامعة وجدة عبر رئيس المجلس الجهوي للحزب بجهة الشرق، محمد بنقدور، الذي خلّف تعيينه على رأس الجامعة إستياء عارم وسط "البيجيديون". وفي هذا الشأن يتّهم البعض حزب الاصالة والمعاصرة بتوظيف التيارات القاعدية بجامعة محمد الاول، في صراعه مع غريمه السياسي، وافتعال إضطرابات تُعيق السير العادي للجامعة، كما حدث الموسم الماضي عندما تفجّرت مواجهات عنيفة بين الطلبة والقوات العمومية، وهي المواجهات التي خلفت خسائر ومعتقلين، كما لطّخت صورة وملف محمد لكصير عميد كلية الحقوق، الذي كان ضمن المرشحين الثلاث لرئاسة الجامعة، مما عبد الطريق للمرشح البامي بنقدور لتولي هذه الرئاسة. وبالعودة الى موضوع مقاطعة الامتحانات، سارع المكتب الجهوي للنقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي، الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية بالجامعات المغربية، إلى خوض وقفة إحتجاجية صبيحة اليوم الثلاثاء 14 يونيو الجاري بكلية العلوم أعقبها بيان شديد اللجهة، عبّر من خلاله على ما أسماه ب "افتعال المقاطعات المتكررة وغير المبررة للامتحانات"، مُعتبراً أن ما يحدث مُتعمّد ويهدد مستقبل الطلبة والجامعة. كما أدان التنظيم النقابي المذكور ما أسماه ب"العنف والترهيب الذي تسعى بعض الأطراف نهجه لفرض أجندات لا علاقة لها بالجامعة والجامعيين" و احتلال أبواب ومداخل الجامعة وإرهاب ومنع الأساتذة والطلبة من ولوج المؤسسات الجامعية، حسب لغة البيان. واعتبر البيان ذاته و بصيغة ضمنية، موافقة رئيس الجامعة على مطلب تأجيل الإمتحانات إلى ما بعد رمضان، "تطاول" على سلطات مجالس الكليات، مُذكّرا بصدارة قرارات هذه المجالس وعدم تجاوزها باتخاذ قرارات قبلية، مُشدّدا على ضرورة إحترام هياكل الجامعة والرزنامة السنوية للدراسة والإمتحانات. وفي السياق نفسه ندّدت النقابة المذكورة بما إعتبرته "صناعة وترويج إشاعات مغرضة في حق بعض الأساتذة" ودعت في هذا الصدد الوزارة الوصية و مختلف الجهات المسؤولة عن الأمن لتحمل مسؤولياتها كاملة في صون مرافق الجامعة وكرامة الأساتذة والطلبة وضمان سلامتهم النفسية والجسدية في محيط و داخل حرم الجامعة وتوفير الظروف المواتية لاجتياز الامتحانات. وذيّل المكتب الجهوي للنقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي، بيانه بالتلويح بالخوض في أشكال إحتجاجية للدفاع على الجامعة ضداً على ما وصفه ب"الممارسات العبثية".