إن الريف، بتاريخه المليء بالبطولات و التحدي، المليء بمعارك المقاومة المسلحة و الفكرية منها، بثقافته و حضارته، بتناقضات جباله، وبحركية تاريخ المعارك المرسومة بدماء أجدادنا فوق هاته الجبال ، بحاضره و ماضيه ، يسعى ليصنع مستقبله وفقا لإمكاناته المادية خاضعا وفكره التحرري لعملية التطور التي تحكمها قوانين التطور العلمية ،لا إملاءات الإمبرياليين وسيد التبعيين، صندوق النقد الدولي، ولا برامج العائلات المافيوزية التي هي هي الطبقة المسيطرة، التي يحاول بها السلاطين وعبرها تنفيذ هذه التعليمات. هكذا كان الريف عبر قرون مضت، ريفا حرا عبر إمتداد مساحته الجغرافية و تموقعه في التاريخ على إعتباره مدرسة للمقاومة ضد الإستعمار بشتى أشكاله، و نموذجا للتحرر و الإنعتاق إقتدت به كل الشعوب التواقة للحرية. هكذا كان و لا زال الريف غصة في حلق النظام السياسي القائم بالبلاد ، رغم الألاعيب و الدسائس التي يفبركها جواكر النظام وتنفذها أحزابه اللقيطة، حتى صارت الأحزاب السياسية بالمغرب تتصارع على ضم أكبر عدد ممكن من الساسة بالريف للتحكم في الأقلية عبر تنفيذ إملاءات الرباط وهم واهمين ، معتقدين بهذه البساطة و السهولة أن الريف كعكة سهلة الإقتسام أو "دجاجة بكامونها" سهلة المنال و الإفتراس، في حين هم كالصغار المتنازعين على المراعي و ينابيع الماء. فهذا قصير القامة الذي ركع لسيده طويل العمر، و هذه حمامة هاجرت من الرباط في موسم غير موسم الهجرة، وهذه وردة ذابلة بعدما تم غرسها في غير وقتها ، وذاك ميزان غشاش كان يبيع المغرب المستقل للفرنسيين و الإسبان بالتقسيط وهذا صاحب عهد لم يفي يوما بعهده إلا أنه يجيد ترتيل الوعود في حملاته الإنتخابية وموسم جمع الحصاد، ليقدم ما جمع من تبن و حبوب إلى من قدم له و الولاء. حتى لا تظنوا أني أقيم و أفرق أو أميز بين الأحزاب السياسية المغربية ، علي أن أذكركم بقولة '' ليس في القنفذ أملس" و مثل بالريفية يقول " من أين هذه القشرة؟.. من هذه البصلة"، ليس ما يثير إستغرابي هو سيلان لعاب الأحزاب على كرسي السلطة و القرار بهذه الرقعة الجغرافية التاريخية ، بل ما يثير إشمئزازي سماسرة وبياعيين ريفيين، يبيعون الأوهام للجهلاء ظنا منهم أنهم يلعبون لعبة العقلاء، وكل ما في الأمر أنهم يبيعون أنفسهم أنذالا رخصاء الثمن و بلا ثمن من أجل صورة مع قائد حزب و عند باب القصر أو إسم في عنوان بلون أحمر في جريدة من جرائد المزابل الرخصية الثمن و الموضوع و المحتوى. إن كل الذين يجرون و يتجارون ، ينسفون و يتنافسون ، يستقطبون _مع كسر الطاء_ ويستقطبون، يفشلون و يفشلون، يسمسرون ويبيعون ، يبوسون أيادي أسيادهم و لهم يركعون، وفي الأخير هم واهمون كل الوهم ، من يتوهمون أن الريف تم إحتواءه يقدمون بإسمه الولاء في حين هم ما يقدمون إلا مؤخراتهم لأسيادهم لينالوا تذكرة إلى الرباط العاصمة حيث ربطة العنقة أسهل ما يمكن أن تحصل عليه كما قال الكاتب أحمد يونس في أحد شذراته المجنونة. إنكم كما قلت كصغار يتنازعون على المراعي و ينابيع الماء بل تتنافسون على من يلعق أولى حلوى الطفولة، فالريف كما ذكرت أكبر منكم و من أحزابكم و من خرائكم السياسي، ولم ولن يكون الريف "دجاجة بكامونها "سهلة التقاسم و الإفتراس.