ان قضية التفكير في إحداث و انجاز مشروع سوق الجملة العصري لبيع الخضر و الفواكه و تدبيره قد ارتكز بالأساس على دوافع قوية و موضوعية تتمثل في غياب أسواق الجملة من جماعات امزورن، بني بوعياش و آيت يوسف واعلي في الوقت الذي كان سوق الجملة المتواجد بمدينة الحسيمة لا يستجيب للمعايير التي تتطلبها مثل هذه الأسواق إضافة إلى موقعه الغير الملائم و أن المنطقة التي يوجد فيها كانت مخصصة لمشاريع أخرى كبرى، كل هذا جعل الممثلين الأعضاء لمختلف الجماعات المكونة لمجموعة نكور-غيس من المتحمسين بلا شك لانجاز مثل هذه المشاريع العصرية وقد صادقو عليه بالاجماع بطبيعة الحال منذ سنة 2008 قبل الشروع في انجازه و ذلك نظرا للأهمية الكبيرة التي كان يحظى بها أنذاك ، كما أن صفقة انجاز دراسات إحداث هذا المشروع قد فازت بها شركة NECS ومباشرة بعد الدراسة انطلقت أشغال بنائه حيث قدرت تكلفته الإجمالية ب20 مليون درهم و الذي مول من طرف كل من وكالة تنمية أقاليم الشمال APDN : بغلاف مالي قدره 10مليون درهم والمديرية العامة للجماعات المحلية DGCL : بغلاف مالي قدره 10 مليون درهم ومجموعة الجماعات "نكور-غيس" و ذلك بتوفير الأرض للبناء و أخيرا الولاية: التي تتولى الإشراف على المشروع. ومن أجل تحقيق مهام و أهداف هذا المشروع من أجل خدمة الصالح العام فقد وكلت اليه أدوارا مهمة ان على المستوى الاجتماعي عن طريق نظام يضبط الاثمنة و يضمن توفير الأمن الغذائي من الخضر و الفواكه ذات الجودة العالية للمواطنين بأثمنة تفضيلية مقارنة مع الأسواق المجاورة أو على المستوى السوسيواقتصادي من خلال الامتصاص النافع و المربح للعرض و الانتاج الفلاحي لتراب المجموعة. أما على المستوى الاقتصادي فانه يلعب دورا رائدا من خلال تسيير يسمح بضمان موارد قارة و مهمة للمجموعة يتم استثمارها في مشاريع أخرى و ذلك بالسهرالدائم و المستمر لرفع رقم المعاملات و الفعالية في تحسين تدبير هذا السوق . و يهدف هذا المشروع الى جلب و توزيع مختلف المنتوجات الفلاحية من الخضر و الفواكه بأقل تكلفة ممكنة و تسهيل اجراءات هذه المعاملات التجارية بشكل واضح وسريع مع تكوين أسعار تثمن الانتاج و تغطي تكاليف المتدخلين في عملية التوزيع و تفضي الى تحديد أثمنة يمكن تحملها من طرف المستهلكين وتتناسب مع قدرتهم الشرائية و كذا التنظيم و الضبط الجيد بين ارتجاج الانتاج و الاستمرارية النسبية للطلب مع احترام الشروط الصحية اللازمة و التكيف قدر الامكان مع الحاجيات الجديدة. ان سوق الجملة و عبر مميزاته الفيزيائية يتدخل من أجل خفض الخسائر و الرفع من المردودية من خلال حماية المنتوجات و السلع من الأمطار و الرياح و الشمس و وضعها في أماكن امنة ذات الشروط الصحية الجيدة و تحسين عمليات نقل و تفريغ البضائع و ذلك بتخفيض و بشكل كبير عمليات الشحن و التفريغ و كذا تكرار ذلك بين لحظة التفريغ و لحظة العرض أي أن الشاحنات تكون أقل مكوثا الى جانب تسهيل ادخال تقنيات جديدة و عصرية للتخزين و الشحن و التسيير و تنميتها من طرف الممونين و التجار خلال ا لتقائهم المتكرر بهذا السوق. وهكذا و على اعتبار أن هذا المشروع يعتبر كاداة اقتصادية فان العلاقات الغير المباشرة للسوق جد متعددة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : التزود و الترويج للسلع بشكل امن و ذلك بتموقع فيزيائي محدد للممونين و التجار من داخل هذا السوق السهل الولوج و الذي يحد من عدد الوسطاء و السماسرة في مجال التوزيع . المعرفة الجيدة للأثمان بحيث أن وجود سوق الجملة العصري يسمح بمعرفة الأسعار و ضمان اشهارها ولأن التبادلات التجارية تكون ممركزة فيزيائيا بهذا السوق. فتكوين الأثمنة من جهة و معرفتها بشكل تام من طرف المتدخلين من تجار و فلاحين و منتجين من جهة ثانية يسمح بتحسين مردودية الانتاج بالنسبة للمقاولات و على المستوى الماكرو-اقتصادي كذلك يحدث تطابق و توافق بين العرض و الطلب مع تجنب الفائض أو العجز الممركز و المتكرر في قطاع المنتوجات التي تتلاشى و تفسد بشكل سريع. تخصص الممونين أي التفريق بين البائعين بالجملة و الباعة بالتقسيط و تجنب التداخل و التراكم بين هاتين المهمتين و الذي يسمح بوضع اليات و اجراءات أكثر فعالية و بأقل تكلفة ممكنة. نمو حجم الحصص و البيع بشكل منفصل للبضائع ذات الجودة المختلفة و المتباينة نتيجة اختفاء محتمل لمختلف الوسطاء و النمو المصاحب لحجم الحمولات مما يؤدي الى تسهيل الاستعانة بوحدات النقل ذات الحجم الكبير و بالتالي انخفاض الطوناج الكيلوميتري. و من مميزات سوق الجملة بالحسيمة : أولا تشجيع المنافسة و تفعيل اجراءات التبادل التجاري بشكل فعال و التأثير الجيد لتموقع الموارد و الثمن و تكوين ثمن أحاذي للتوازن بشكل ناجح و يسير نتيجة تمركز العرض و الطلب في نفس المكان. ثانيا جودة المنتوجات من خلال التفتيش و مراقبة الجودة و كذا التصنيف و المعايرة الى أقسام الجودة التي أصبحت أكثر سهولة و موضوعية بالاضافة الى الأوزان و وحدات القياس الاعتيادية المسهلة و البيع المنفصل لمختلف أنواع الجودة زد على ذلك أن المنتوجات يتم تنظيفها قبل حملها الى السوق. ثالثا وفرة و تنوع المنتوجات بحيث أن تجار التقسيط بامكانهم أن يتزودوا بجميع البضائع من نفس المكان المركزي مع اختزال تكاليف النقل و مع العلم أنه بدون سوق الجملة بالمواصفات العصرية يتوجب على التجار اللجوء الى عدة مخازن و متاجر التي تكون غالبا منتشرة و موزعة عبر مختلف مناطق الاقليم لشراء السلع المرغوب في تخزينها.كما أن خدمات النقل بين هذا السوق المركزي للجملة و مختلف أسواق البيع بالتقسيط تتطور الى أن تصبح مقتصرة فقط على تنقلات التجار بالتقسيط انطلاقا من هذا السوق للجملة وحده. كما أن نقل و تفريغ البضائع تكون أكثر فعالية بهذا السوق العصري نظرا لكونه يتوفر على مساحة كبيرة لركون السيارات و الشاحنات و كذا لأجل عمليات الفرز و التصنيف و التفريغ بالمرفأ الخاص باليات الرفع و الجر و غيرها . و نظرا كذلك لضرورة الحفاظ على المنتوجات الطرية القابلة للفساد و الضياع المبكر و الأخرى المقاومة لذلك بشكل ممركز بالمخازن الموجودة بهذا السوق أي وجود اقتصاد السلم بالمستودع و وجود خسارة وتلف أقل و وجود معلومة أفضل خاصة بهذا السوق حول شروط العرض و الطلب و تكوين الأسعار و الفائض التجاري ذات أهمية قصوى اضافة الى تكوين لائحة الأثمنة الخاصة بالسوق و نشرها عبر الراديو و غيرها من وسائل الاتصال المتاحة ما يجنب الخطر على المستوى التجاري . فالأغذية القابلة للفساد يمكن بيعها في أحسن الظروف البيئية و الصحية في ملفوفات خاصة و بالتالي حفظ جودة المنتوجات. كما أن توزيع المساعدات الغذائية يمكن أن تتم عبر سوق الجملة لتسهيل عملية توزيعها و مع وجود معلومة جيدة تتعلق بالسوق فان بيع هذه المساعدات الغذائية يمكن برمجتها يسمح بتجنب الأسعار المبالغ فيها بالنسبة للأغذية المحلية. عبد الكريم الطاهري : باحث في الاقتصاد و التسيير