الإتجار في البشر ليس بالضرورة أن يتخذ شكلا مباشرا كالشكل الذي كان يباع و يشترى فيه العبيد ، لكن الإتجار يمكن أن يتخذ أشكالا مختلفة باختلاف الظروف و الزمان و المكان ، بمعنى أنه يمكن أن يتخد بعد سياسي ، إجتماعي ... لكن مهما إختلف الشكل و الزمان و المكان ، فالهدف منه أي الإتجار هو التحكم في الإنسان و ترويضه على الخضوع و الخنوع ، وجرده من قيمته الإنسانية و تحويله إلى شيئ و موضوع ، قيمته تتحدد حسب العرض و الطلب في السوق " السياسية " . أن تتحول المرآة إلى سلعة جنسية للإستهلاك عبر توضيفيها في الإشهار... من طرف الشركات الرأسمالية كقيمة جنسية للإثارة مسألة مألوفة ، لكن أن تتحول إلى سلعة " سياسية " فهذا من إبداع مسيرة الرباط . من حيث الجوهر لا يبدو أن هناك فرق بين من يتاجر في النساء في شبكة الدعارة ، و من يتجار في النساء سياسيا ، كلاهما يتخذ من المرآة كجسر للوصول إلى أهدافه الدنيئة فالأول يجعل من جسد المرآة سلعة يروج لها بأسلوبه في سوق الدعارة ، و الثاني يجعل من معاناتها و مآسيها و أحيانا جهل البعض منهن بقواعد السياسة ، سلعة لتصفية حسابات سياسية و تعزيز مكانته في المشهد السياسي ، ففي كلتا الحالتين يبقى خباثة الضمير هو القاسم المشترك . ربما لم يكن يخطر في بال المناضلة كلارا زيتكن التي تقدمت بمقترح في مؤتمر النساء الإشتراكيات 1910 لجعل 8 مارس يوم عالمي للإحتفال / و تخليد ذكرى النساء اللواتي أُسْتُشهدن دفعا عن كرامة ...العاملات ، أن يحوله البعض كيوم لإستغلال النساء و إهانتهن الرمزية في عيدهن الأممي ضدا على الدلالة التاريخية و الرمزية لهذا اليوم . تفاديا لأي لبس و لأي سوء فهم فعندما أتحدث عن إستغلال النساء فأنا لا أقصد إستغلال الرجل فقط بل أقصد تعرضهن للإستغلال من طرف عديمي الضمير و الإنتهازيين و الوصوليين من الرجال و النساء ، فمثلا عندما يتم تخصيص حافلات ... لنقل النساء إلى الرباط للمشاركة في مسيرة أغلبهن لا يعرفن دلالة هذا اليوم ، خاصة و أنا هذا الدعم الوجيستيكي يتم توفيره من طرف أعداء الديمقراطية ، من طرف من كان بالأمس يستغلون مآسي النساء أثناء زلزال الحسيمة ، من طرف ممثلي حزب الإستقلال الذي ارتكب مجازر في حق نساء الريف ، من طرف من كانت بالأمس سارقة لقاحات الأطفال ، من كانت لا تبالي بالنساء اللوتي كُن يلدن في الشوارع و بهو المستشفيات ... لكن في المقابل نجد من ينضال من أجل التعريف بحقوق النساء و تحسيسهن و تنظيهمهن نقابيا...نجده وراء القضبان وفاء شراف نموذجا. في الختام أريد التذكير أو التأكيد أن الفعل السياسي مبني على الحرية و الإختيار الحر و القناعة ، و المقارعة السياسية لا تكون عن طريق شحن النساء في الحافلات ، و كما تقول الفيلسوفة آرنت " ليكون الفعل السياسي حرا يجيب أن يكون حرا من كل غاية و هدف ، و يجب أن تتعالى عليهما " .