في أعقاب الاعتداءات الإرهابية التي شهدتها فرنسا خلال شهر يناير 2015، لم يتردد رئيس الحكومة مانويل فالس في القول بأن فرنسا أنتجت أبرتهايد بسبب تهميشها للمهاجرين وبناء أحياء خاصة بهم. ويبدو أن اسبانيا سائرة مؤقتا في هذا الاتجاه، ويعتبر المغاربة المرشحين للأبرتهايد في ظل سياسة التهميش التي نهجتها كل الحكومات المتعاقبة على السلطة، ويبقى الرهان قويا على الأحزاب الصاعدة ومنها حزب بوديموس. ورغم قوة تصريحات مانويل فالس حول سياسة الأبرتهايد التي تشهدها فرنسا بشكل غير مباشر، لم يهتم الإعلام العربي وأسسا المغربي بهذه التصريحات، لكنها تجد صدى في أوساط المهاجرين العرب والمسلمين في أوروبا. ومن ضمن الجاليات المعنية الجالية المغربية في اسبانيا التي تتساءل: هل اسبانيا بدورها تعيش أبرتهايد مؤسساتي غير معلن؟ وتعتبر الهجرة في اسبانيا حديثة مقارنة مع فرنسا، فالأولى تعود فقط الى الثمانينات، ولكنها شهدت ارتفاعا صاروخيا جعلت الجالية المغربية تفوق 800 ألف مثلا، وإذا كانت اسبانيا الدولة الأقل عنصرية والأقل التي تشهد ظاهرة إسلاموفوبيا، فهي الدولة التي تشهد أبرتهايد مؤسساتي في الوقت الراهن وقد ينتقل الى أبرتهايد اجتماعي. ويجمع غالبية المغاربة على التهميش السياسي والمؤسساتي الذين يعانون منه في بلد مثل اسبانيا. ويتجلى التهميش في انسداد الإدارة الإسبانية أمام الجالية المغربية، فلا يمكن مقارنة الإندماج الإداري المغربي في فرنسا بنظيره في اسبانيا أو في دولة حديثة الهجرة أكثر من اسبانيا وهي إيطاليا. في الوقت ذاته، لا تعير الأحزاب السياسية الإسبانية أي اهتمام للجالية المغربية، حيث تعتبر الأحزاب السياسية الكبرى مثل الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي موصدة الأبواب في وجه الجالية المغربية وخاصة المتجنسين، وفق ما لمسته ألف بوست وسط الجالية. ومن ضمن الأمثلة الدالة في هذا الشأن، إذا كان المغاربة قد وصلوا الى مناصب وزارية في فرنسا وبلجيكا وهولندا، ودخلوا الى البرلمان في إيطاليا، وهي دولة حديثة الهجرة مقارنة مع اسبانيا، فلا وجود لأي سياسي من أصل مغربي في البلديات وحكومات الحكم الذاتي وكذلك في البرلمان الوطني بدون الحديث عن الحكومة. ويبقى الاستثناء الوحيد في تاريخ اسبانيا هو منصب نائب برلماني في برلمان كتالونيا لمغربي اسمه محمد الشايب في صفوف الحزب الاشتراكي منذ سنوات وليس في الوقت الراهن. ومقابل هذا التهميش السياسي والمؤسساتي، يراهن عدد من أفراد الجالية المغربية وخاصة الحاملين للجنسية على الأحزاب الصاعدة والقومية، ومن هذه الأحزاب، حزب بوديموس اليساري. وانفتح هذا الأخير على الهجرة عموما بل وأساسا الهجرة المغربية، حيث انضم مغاربة الى هياكل الحزب خاصة نشطاء حقوق الإنسان واليساريين ومنهم نشطاء الأمازيغ بسبب الخطاب السياسي للحزب في موضوع الإندماج. وساهم مهاجرون ومهم من أصول مغربية في بلورة خطاب الحزب بشأن الهجرة، وهذا يقع لأول مرة في تاريخ الأحزاب السياسية الإسبانية. ويؤكد أكثر من ناشط سياسي مغربي في الحزب “جميع الأحزاب الإسبانية، باستثناء اليسار الجمهوري الكتالاني ونسبيا اليسار الموحد، أبوابها موصدة في وجه الجالية المغربية، حيث لا يتردد البعض في اعتبارها بالطابور الخامس بسبب المشاكل القائمة مع المغرب في ملفات عديدة وكذلك لأسباب تاريخية”. ويضيف “لأول مرة، نجد حزبا سياسيا يفتح أبوابه بشكل واقعي لمختلف الجاليات وعلى رأسها المغربية”. ومما ساعد حزب بوديموس على استيعاب الكثير من نشطاء الجالية المغربية هو أن أعضاء الحزب وخاصة المسيرين من طلبة وأساتذة جامعيين ونشطاء الجمعيات غير الحكومية، وهذا يعني أن لهم ارتباط قوي ومباشر بنشطاء المغاربة، وهذا هو السر في تفسير هذا الاندماج السريع في هياكل الحزب. ويعتبر حزب بوديموس آخر رهان للجالية المغربية لتفادي أبارتهايد شبيه بالذي تحدث عنه رئيس حكومة فرنسا مانويل فالس.