أجلت الغرفة الجنحية بالمحكمة الابتدائية بالحسيمة أخيرا النظر في ملف مثير يتابع فيه رئيس فرع الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب بتهمة إهانة رجل سلطة برتبة قائد، وحددت تاريخ الجلسة المقبلة في 21 أكتوبر المقبل. وشهدت المرحلة الاستئنافية سلسلة من التأجيلات أطالت عمر الملف بسبب التخلف المتكرر لشهود الإثبات عن الحضور رغم سابق استدعائهم، وبعد أن نطقت غرفة الجنحي العادي ابتدائيا ببراءة الفاعل الجمعوي، نجيب العبدوني، من المنسوب إليه. وحسب ما استقته «الصباح» تعود وقائع هذه القضية إلى 18 ماي 2010 بعدما تقدم المتهم بطلب استخراج وثيقة إدارية عبارة عن شهادة الإقامة من المقاطعة الحضرية الأولى، إلا انه فوجئ بعد تردده على المصلحة الإدارية بمطالبته بشهادة تثبت عمله إطارا بنكي. وأفاد شهود في محاضر رسمية بينهم بعض موظفي المصلحة الإدارية وعنصر بالقوات المساعدة بحدوث شنآن بين الطرفين حول هذه المسألة، ورد طالب الشهادة على تمسك القائد بموقفه بألفاظ تهين رئيسهم المباشر. وشهدت مناقشة الملف في المرحلة الابتدائية تفاصيل مثيرة، بعد أن أدلى المشتكي بشهادة طبية تحدد مدة العجز في 25 يوما موقعة من الطبيب الرئيسي بقسم المستعجلات بمستشفى محمد الخامس بالحسيمة والتمس من المحكمة جبر أضراره المعنوية ومنحه تعويضا من قبل المتهم عما لحقه من إهانة. إلا أن مدة العجز الممنوحة للقائد جعلت الشهادة الطبية المدلى بها محط تشكيك في مصداقية ما تتضمنه من بيانات، واعتبر الدفاع أن الوثيقة المدرجة في الملف ليست سوى محاولة لتوريط موكله في قضية لا أساس لها، وأن المحكمة أمام شهادة وهمية سلمت للقائد على سبيل المحاباة بحكم مركزه المهني. ووفق معطيات حصلت عليها «الصباح» اقتنعت الهيأة القضائية بانتفاء العناصر التكوينية لجريمة إهانة موظف عمومي أثناء مزاولة مهامه الواردة في صك اتهام النيابة العامة، وقضت بالحكم السالف الذكر، في حين أدلى الدفاع بما يثبت تعسفات رجل السلطة في حق موكله، وعرض في هذا الشأن شكايات أخرى تخص بعض المتضررين من هذه السلوكات. وفي سياق متصل، تطوع لمؤازرة الناشط الجمعوي عدد من المحامين من هيأتي الناظور-الحسيمة والرباط من بينهم المحامي طارق السباعي، وعزز الدفاع موقفه بشكايات قدمت ضد خصمه، ومفيدا أن بعض تلك الوقائع حدثت في اليومين المواليين لحصوله على الشهادة الطبية. يذكر، أن مسار قائد المقاطعة الأولى بالحسيمة «خ.م، من مواليد 1978» عرف بعد بضعة أشهر من تفجر هذا الملف تطورا مثيرا عصف بمنصبه وقلب وضعه المهني رأسا على عقب، بعد متابعته قضائيا صيف 2010 إلى جانب عدد آخر من المسؤولين بالمدينة في قضايا الفساد الإداري المعروفة ب»زلزال الحسيمة» وإدانته بالحبس النافذ.