دخلت أزمة «البوطاغاز» بين الحكومة والموزعين منعطفا خطيرا، فابتداء من غد الأربعاء وطيلة يوم الخميس سيتوقف الموزعون عن التوزيع المباشر لقنينات الغاز في جميع المناطق والمدن، وهو الأمر الذي من شأنه أن يدخل البلاد، إذا ما نجح الإضراب، في شلل تام، بالنظر إلى أن مادة الغاز تعتبر من بين المواد الأساسية التي لا تخلو منها البيوت المغربية، وكذا بسبب الاستعمالات الكثيرة لهذه المادة في القطاعين الفلاحي والصناعي. وقال محمد بن جلون، رئيس جمعية موزعي الغاز في المغرب، في تصريح ل«المساء»، إن هذا الإضراب الأول من نوعه سيكون فقط لجس نبض الحكومة وتوجيه رسالة إلى المعنيين بالأمر، من أجل إيجاد حلول عاجلة للقطاع الذي يتخبط منذ سنوات في أزمة خانقة. وأضاف ابن جلون أن الجمعية لا تتوقع أن يؤدي الإضراب إلى شلل في البلاد، خاصة أن المستودعات الموجودة بضواحي المدن ستستمر في بيع قنينات الغاز خلال أيام الإضراب، مشيرا إلى أن الموزعين اختاروا عمدا يومي الأربعاء والخميس اللذين يعرفان عادة نقصا في المبيعات من أجل عدم خلق أزمة في قنينات الغاز. غير أن رئيس الجمعية أكد بالمقابل أنه في حالة عدم استجابة الحكومة لمطالب المهنيين، فإن الأبواب ستكون مفتوحة على جميع الاحتمالات، ويمكن للموزعين خوض إضرابات أخرى أشد قوة وتستمر لوقت أطول. واعتبر رئيس جمعية موزعي الغاز أن ما يهم الموزعين حاليا، هو التقارير السرية التي سيتم إنجازها حول الإضراب، والتي ستؤكد لا محالة للمعنيين بالأمر أن نسبة الاستجابة ستكون كبيرة جدا، وأن جميع الموزعين قد انخرطوا في الإضراب. وبخصوص احتمال لجوء الحكومة لشركات التوزيع الكبرى، المنضوية تحت لواء تجمع النفطيين، من أجل تزويد السوق ب»البوطاغاز»، قال ابن جلون: «إن ذلك لن يكون حلا بالنسبة للأزمة، خاصة إذا علمنا أن توزيع الغاز في المغرب يتطلب التوفر على ما بين 8000 و9000 شاحنة»، مؤكدا أن الحل يكمن فقط في الاستجابة لمطالب المهنيين. ونفى ابن جلون، مرة أخرى، أن تكون لدى الموزعين نية الزيادة على المواطنين في أسعار «البوطاغاز»، موضحا أن مطالب المهنيين تتمثل فقط في إعادة تأهيل القطاع وحل مشكل هامش الربح، من خلال إعادة النظر في تركيبة الأسعار بين المتدخلين في عملية التوزيع، خاصة أن هامش الربح الضئيل الذي يستفيد منه الموزعون لم يتغير منذ سنة 1998، رغم الزيادة في جميع مستلزمات القطاع من وقود وحد أدنى للأجور وتغطية صحية وتأمين على الشاحنات وقطع غيار وارتفاع السومة الكرائية لاستغلال المستودعات والعديد من الضرائب. وينبه المحللون الحكومة إلى ضرورة التعامل بحذر شديد مع إضراب موزعي الغاز، وعدم تكرار سيناريو «اللامبالاة» الذي تعاملت به مع إضراب أرباب المخابز. حيث يعد غاز البوطان من المحروقات الأكثر استهلاكا من لدن الأسر بنسبة 59 في المائة، يليها قطاع الفلاحة بنسبة 39 في المائة، حيث يستعمل في ضخ المياه والتدفئة في قطاع تربية الدواجن والزراعات المغطاة.