ما دمنا في زمن لا تراعى فيه كرامة الإنسان و لا تقدر بأي اهتمام ولا يحترم فيه بني البشر ، ويعاملون بدونية و تحقير واهانة هم في عذابات يومية لامتناهية بالحياة وخاصة في مستشفيات المغرب العزيز التي تحمل شتى أنواع التحقير للإنسان الفاقدة للضمير و القيم الانسانية فأضحت قبلة للمعذبين فوق الأرض يتذوقون المرارة و القسوة في التعامل و يواجهون بشكل يومي تجار البشر مصاصي دماء الأبرياء المنعدمة عندهم ذرة الإيمان من الإنسانية سوى الجشع والطمع و المتاجرة في المرضى والضعفاء ، فمن الطبيعي أن تعلو صرخات المواطنين في كل البلاد ضد الانتهاكات المقترفة في حقهم التي تحط من كرامتهم وتمس حقوقهم وكينونتهم وستظل الوضعية على حالها نتيجة غياب الارادة الحقيقية في التغيير و حماية الكرامة للمواطنين لعدم اهتمام الدولة بهذا القطاع الحيوي بحكم حجم الملفات المرتبطة به من الزبونية والرشوة والنفوذ و غياب إجراءات صارمة للحد من العبث بقدسية الحياة للمواطن المغربي لا سيما استمرارا الفساد بهذا القطاع الحيوي ، فرغم كل الهالة التي تسخرها منابر القرار السياسي في البلاد و تحاول ابراز بعض الانجازات الطفيفة على سبيل المثال لا الحصر ما يسمى" بطاقة الرميد" في حين أن القطاع الصحي تنهشه لوبيات الفساد التي جعلت من سياسة الخصخصة مدخل للقضاء على مجانية التطبيب بالبلاد و تحويله الى عالم المضاربات المالية وهذا الواقع سيستمر مادام تلك هي الاختيارات الاستراتيجية في التدبير للمرافق العمومية بالبلاد, و إحدى نماذجها المستشفى الجهوي بالحسيمة الذي يعكس سيمفونية العذاب اليومي في أقسامها و يتذوق المواطن الحسيمي شتى أنواع الاهانة ، تبتدأ عند بوابة المستشفى التي هي شبيهة بيوم الميعاد إنها بوابة الصراط ، لا إنسانية و لا احترام يُذل المواطنون بشكل يومي أمامها لدرجة المشداة الكلامية و الاحتجاجات هي السائدة، و آخرون يجوبون أجنحة المستشفى بدون رقيب ولا حسيب بفضل العلاقات و النفوذ و المال ، و أما ما يحدث في أقسامها فذاك هو تجسيد لمعنى مغاير لقسم "أبو قراط " و للضمير الإنساني , واقع آخر بسياقات مغايرة ترسم عالم بلا خرائط كما عنوانها الكاتب الكبير عبد الرحمان منيف فيه المواطن يتجرع المرارة في أجنحة المستشفى إن أراد موعد ما مع طبيب ما لا بد من الانتظار الطويل في بهو الأجنحة لساعات و إن لم أقول لأيام وشهور حتى يستعطف للقدر لكي يتدخل برحمته الأبدية كملاذ أخير ، كنا دائما ننظر إلى المستقبل ونتمنى ما هو أ فضل لبلدنا، ونعلق بصيص أمل على كل من ينادي بالقيم الانسانية ويجهر علنا عن حماية الضعفاء ، لأنه ببساطة لم نعد نحتمل أكثر قد بلغ الامر درجة السخط والغضب . المستشفى الجهوي بالحسيمة هي بناية ظاهرها هيكل و دواخيلها تربطنا مباشرة بالعالم العلوي و خدماتها غالبا ما تعمل برموز شبيهة بآلة الصرف لها دراية عميقة بألوان الوصفات النقدية ، هي تقبل زوارها كانو مؤمنين أو كفارا شرط أداء ضريبة المزار كقربان من أجل نيل العناية الكاملة ، المستشفى الجهوي لا يتطلب منا الكثير للحديث عنه هو يفتقد لأبسط الشروط الحماية للمواطنين و خصاص كبير في مجالات عديدة - المادية و البشرية- على حسب التخصصات، مثلا قاعة المستعجلات وما أدراك ما المستعجلات قسم من أجود الأقسام طوابير بشرية في غرفة الانتظار الى أجل مسمى هي في إنتظار كله أنين وصراخ و فيها يموت الزمن بين الليل والنهار، و فيها يمتحن المواطن و تقاس درجات الكرامة ، فالشيء الرائع هو أنه معاينة المريض لا تستغرق الكثير هي كلماتان خفيفتان على اللسان و ثقيلتان على الجيوب " مكاين باس ، سير خلص الصندوق " ولا يهم حالة المريض لتبتدأ حكاية أخرى مع الادوية في وصفات لا تنتهي مليئة ومتنوعة تفوق قدرة المواطن تعرف ب " أوراق الزمن المر” . لأنه ببساطة لا توجد الادوية في جناح المستعجلات ، أما المعاملة التي يتلقها المواطن ما أروعها كل مرة يقتاد مواطن الى مخفر الشرطة فيكرموه تكريما بتهمة إهانة موظف أثناء مهامه بالعمل وغيرها بل أكثر أضحى الامر حديث كل الناس في البيوت والازقة والمقاهي . وفي كل مرة يتجمهر المواطنون في احتجاجات لساعات داخل وخارج المستشفى نتيجة الاهمال و الاهانة . من حقنا جميعا أن نجوب في رحاب مستشفتنا الغالية و أن نتعرف عن أجنحتها الشبيهة بمؤسسات الرحمة ولو إفتراضا و من باب الحلم و التمني لكن للأسف الواقع عكس ذلك كل ما هناك حكايات يندى لها الجبين مثلا في جناح الاشعة يطغى عليها هشاشة التعامل وإبتزاز جيوب المواطنين و التحرشات ،،، خاصة ما يجري في قسم " سكانير " يشتغل على حسب الطلب، و نفس الحال على جناح الانعاش يعمل وفق الممكن والامكان و طاقمه يعمل برموز مشفرة من عالم المال تحولت الى قاعة للمضاربة المالية الكل ممكن مع تأشيرة النجاة و العناية الخاصة ، أما جناح الولادة الذي يفرض علينا العناية أكثر خدماته كارثية فحدث و لا حرج المعاملة لا ترقى الى مستوى الانسانية تُهان النساء بطرق حيوانية منهن من يفترش الارض إلا من أغدقت جيوب أصحاب البذل البيضاء المشبهات بالملائكة بالمال فستحظى بالعناية الخاصة المليئة بالاحترام و ووو ، وهذا كله لا يفصل عن ما يعانيه المواطنون في المستوصفات والمراكز الاستشفائية الاخرى بالاقليم خصوصا في تارجيست وامزورن و... أما جناح الامراض العقلية و النفسية من الأفضل لنا أن لا نتكلم عنه ، يُعامل المرض معاملة حيوانية و قاسية …....... ربما ما كتبته ما هو إلا الجزء القليل عن واقع المستشفى الجهوي بالحسيمة، الى اليوم لم يتوقف نزيف الاهمال و الاهانة و هناك حكايات أقوى في المضمون على ما ذكر ، لكن لا بد من الحديث على المستشفى الانكولوجي بالحسيمة الذي بدوره له حكاية أشد معاناة و قسوة لأن الموت هي النتيجة الحتمية و النهائية لمعظم الحالات و الخطير في الموضوع أن شبح مرض السرطان يأتي على الأخضر و اليابس في الريف أمام صمت المعنيين و ترك المرضى في جحيم المعاملة اللاإنسانية هم متركون لشبح الاهمال الطبي و غياب الإمكانيات الضرورية بالخصوص الأدوية علما فاتورته غاليا تفوق قدرتهم المعيشية ، فالحديث عن ضحايا المرض السرطان و الاهمال يفوق التخمين ، و من الأفضل أن تزوروا المركز الانكولوجي لملامسة الحقيقة والاطلاع مباشرة عن ما يجري هناك لتتأكد أكثر. من أجل حماية أعظم مؤسسة إنسانية من أيادي بعض عديمي الضمير و من تجار البشر لصون كرامتنا وكرامة عائلاتنا ، وكذلك الدفاع عن حرمة المستشفى التي تنتهك فيها كرامة المواطنين، لزم علينا أن نضع الحد لهذا، و نلتجأ الى كل الوسائل المشروعة الرسمية و الشعبية، و تحريك كل الفاعلين بالمجتمع السياسيين و المدنيين و المنتخين خدمة لقيم إنسانية و أخلاقية و الاعتماد على منهجية المرافعة القضائية ضد غاصبي الكرامة و التوجه الى مبدأ المقاضاة ، فعندما نتذكر عمل الرهبات الاسبانيات خلال عقود في الحسيمة ، و التي أكدن لنا أنه لا مجال للمقارنة مع ذوي البذلات البيضاء بل سهلن علينا فهم من له الأحقية بالدخول الى الجنة..