- مقدمة - يبدو ان اصحاب اللطيف مازالوا يرفعون بعض الشعارات و الاكاذيب الراجعة بأذهاننا الى عصر الثلاثينات من القرن الماضي مثل الظهير البربري و تنصير الامازيغيين كاكذوبة خطيرة و حاملة للعديد من المعاني و الرموز الدالة على ان الحركة الوطنية كانت تهدف الى الانخراط ضمن النضال من اجل تقديس العروبة و تعزيز ما يسمى بالوحدة العربية لا الاقل و لا الاكثر بمعنى انها لم تدافع عن المغرب كارض التعدد الثقافي و الديني و كتاريخ عريق صانعه الامازيغيين منذ 33 قرنا بل دافعت عن اصنام التخلف و مقدسات الغرباء الخ. لكن هذه المرجعية الايديولوجية وجدت الدعم المباشر من السلطة منذ حصولنا على الاستقلال و وجدت الدعم الفعلي من مؤسسة العلماء الدينية ذات الفكر السلفي انذاك. و استطاعت هذه المرجعية تغيير المغرب من بلد يعتز بهويته الاصلية الى بلد مشرقي الهوية و الانتماء كما خططت الحركة الوطنية له في زمن المجالس بينما اجدادنا الكرام حملوا مشعل الدفاع عن الارض و الدين و العرض لكن تاريخنا الرسمي لم يعترف قط بهذه الحقائق بل كذب على الاجيال الماضية و الحاضرة بترويج الخرافات مثل القول ان الاستعمار الفرنسي حاول تنصير الامازيغيين.. و سوف اتطرق في مقالي هذا الى تحليلي الخاص حول عودة هذه الاكذوبة الى الساحة الاعلامية و الايديولوجية بعد 8 سنوات من خطاب اجدير و انشاء المعهد الملكي للثقافة الامازيغية و كما ساحاول بقدر الامكان التذكير ببعض الحقائق الهامة في هذا السياق. و اشير في الاخير بان هذا المقال هو المقدمة لكتابة كتابي البعد الديني لدى الامازيغيين حقيقة ام خرافة. تحليلي لعودة اكذوبة تنصير الامازيغيين ان الارادة الملكية كانت واضحة وضوح الشمس في اعتبار المكون الامازيغي يدخل ضمن الهوية المغربية و بالتالي فالثقافة الامازيغية اصبحت مسؤولية وطنية بنص خطاب اجدير التاريخي و بمقتضى تاسيس مؤسسة تحمل اسم المعهد الملكي للثقافة الامازيغية و المسؤولة بالنهوض بهذا المكون التاريخي في كافة مناحي حياتنا العامة بعد عقود من الاقصاء و التهميش و كذا من النقاش الهادف مع مختلف مكونات المجتمع المغربي حول هذه القضية حيث انذاك كانت احزاب الحركة الوطنية بمباركة من السلطة حاولت اقامة نموذج التعريب الشامل باسم الاسلام و هذا النموذج الاحادي قد اسس قواعد امنية و اخرى دينية منعت مجرد ظهور الامازيغية كمطالب ثقافية و كبعد ديني في ذلك الظرف الحساس بحكم طبيعة المشهد السياسي و الثقافي اللذان يدافعان بالقوى عن المشرق العربي كمرجع لكل شيء بدون أي استثناء. إن مغرب العهد السابق قد تعامل مع الملف الامازيغي وفق مرجعيات الحركة الوطنية بمعنى ان الامازيغية تعتبر مشروع الاستعمار الفرنسي يهدف الى تنصير البرابرة كما يقولون و زرع التفرقة و العنصرية الخ من هذه الاسطوانة القديمة لكنها استطاعت طيلة هذه السنوات الطويلة الغاء الخصوصية الامازيغية الاسلامية من مشهدنا الديني الرسمي و طمس تاريخ المقاومة الامازيغية التي انطلقت منذ سنة 1912 و في حين انطلق اصحاب اكذوبة التنصير منذ سنة 1930 في رفع شعار العروبة و الاسلام. من الملاحظ في هذه الايام عودة اكذوبة تنصير الامازيغيين الى الساحة الاعلامية و خصوصا جريدة حزب الاستقلال حيث انها بدات منذ الصيف الماضي نشر مجموعة من الاخبار و المقالات تحاول بشكل واضح تحويل القضية الامازيغية من جديد الى حصان طروادة حامل لرسالة التبشير الى البرابرة كما يقولون و ذلك بدون اي اعتبار لما حققته الامازيغية من الخطوات الاولية منذ خطاب اجدير و بدون أي اعتبار لوجود مؤسسة وطنية تسمى بالمعهد الملكي للثقافة الامازيغية و بدون أي اعتبار للحقائق التاريخية و الاجتماعية الصريحة لدى الامازيغيين . ان عودة هذه الخرافة من جديد الى ساحة التداول الصحافي و الاعلامي لها عدة اسباب موضوعية كغياب أي تصور حقيقي لتاريخ المغرب سواء خرافة 12 قرنا المعروفة و عدم ترسيم السنة الامازيغية كعيد وطني و عدم اعطاء الاهمية القصوى لبعدنا الديني على كل المستويات كالاعلام البصري في ظل انتظارنا لانطلاقة القناة الامازيغية التي قد تاتي و قد لا تاتي . و بالاضافة الى تراجع النقاش حول القضية الامازيغية الى الوراء و تجاهل المطلب الدستوري و مطلب استرجاع علمانيتنا الاصيلة كمجتمع مغربي حيث مازلت ادافع عنها لان حركات المشرق العربي بصفة عامة لازالت تستغل الاسلام لضرب الامازيغية و حركتها ذات مرجعيات جديدة تهدف الى تحديث مجتمعنا و محاربة الاستغلال السياسي و الايديولوجي للدين الاسلامي من خلال السماح للسيطرة المشرقية في التحكم بامورنا الهوياتية و فرض النموذج السلفي علينا تحت ذريعة الرجوع الى شرع الله كاننا لا نؤمن بما انزله رب العالمين في كتابه العزيز . و هذا اقوله بهدف التذكير و الاستحضار ان الاستغلال عن طريق الدين هو السبب الرئيسي لبقاء هذه الاكذوبة حتى الان بعد 8 سنوات من تواجد المعهد الملكي للثقافة الامازيغية و هذا يدل على ان دعاة الامازيغية مازالوا يعتبرون او يدخلون الى خانة معاداة الاسلام و الجري وراء التنصير و العمالة للاجانب بالرغم من جهود الحركة الامازيغية لتقديم هذه الهوية كونها ليست تعادي الاسلام نهائيا بل تتضمن على بعد ديني ضخم كما شرحت في عدة مناسبات ككتابي تاملاتي الفكرية كانسان معاق المنشور على شبكة الانترنت منذ صيف 2007 و لم يطبع الى حد الان من طرف اية جهة . و تطرقت فيه الى تهميش هذا البعد الاساسي ضمن القضية الامازيغية و فيه بياني الهادف الى رد الاعتبار له و الفصل بين العروبة و الاسلام. و الاستحضار كذلك بان الحركة الامازيغية لم تدعو الى طرد الاسلام من المغرب او حذفه من الوثيقة الدستورية بل دعت الى مغربية الاسلام و وضع الحد لتدخل الغرباء في شؤوننا الدينية . اهم الدلائل و الحقائق باختصار شديد لان هذا الموضوع طويل للغاية لكنني سانطلق من انجازات الامازيغيين منذ فتح طارق بن زياد الى ترجمة معاني كتاب الله الى اللغة الامازيغية من طرف الاستاذ جهادي اباعمران و العاقل سيؤمن بان الهوية الامازيغية هي المحرك الاساسي و المدافع عن الاسلام في المغرب منذ غابر العصور الى يومنا هذا و هذا العاقل لا يؤمن بخرافة تنصير او خروج الامازيغيين من الملة الاسلامية لان اغلبيتهم هم من المسلمين . [email protected]