حالة سكون وهدوء تعم أرجاء المدينة، التي لم يكسر صمتها سوى تلاطم الأمواج، التي تنير المكان، رغم سواد السماء وهطول الأمطار بغزارة. سماء غائمة وسحب كثيفة غطت بحر وجبال الحسيمة، عروس الريف، التي فقدت مع حلول فصل الشتاء حركيتها، وباتت مدينة حزينة بشوارع مقفرة، ومحلات مقفلة، وهدوء يجلل كل فضاءاتها، إلا من أمواج بحر "كيماضو" و"تلايوسف"، الغاضبة، بعد أن افتقدت زوارها الذين حجوا إليها في فصل الصيف بكثافة. وأنت تجوب شوارع الحسن الثاني، وطارق بن زياد، ومحمد الخامس، لا تسمع إلا خرير مياه الأمطار ووقع خطوات تلاميذ يسابقون الخطى للوصول إلى مؤسساتهم التعليمية، خوفا من ضياع فرصة النجاح، للخروج من منطقة نائية، تفتقد البنيات التحتية والجامعات العلمية. هكذا هي مدينة الحسيمة في فصل الشتاء، بعد أن نزعت ثوبها الصيفي، المزركش بألوان الطيف وزرقة السماء وأمواج البحر، لترتدي رداء كآبة الشتاء. اختارت النساء المكوث في المنازل، لا يبرحنها إلا عند الضرورة، فأحوال الطقس القاسية جعلتهن يخطن ثيابا صوفية تقاوم شدة البرد القارس. وينتظر الريفيون، خلال عطلة رأس السنة، قدوم المهاجرين، خاصة من هولندا، لقضاء عطلتهم بمدينتهم، وتكسير حالة السكون والمساهمة في الرواج التجاري، خاصة المطاعم والمقاهي التي أقفلت أبوابها خلال فصل الشتاء. يطمح الريفيون إلى أن تصبح مدينة الحسيمة قطبا سياحيا، يتوافد عليه الزوار المغاربة والأجانب على مدار السنة. وقال صاحب فندق، ل"المغربية"، إن المدينة تعيش، خلال فصل الشتاء، حالة من الجمود والركود، ما يتسبب في ضرر لأصحاب الفنادق، ويضطر بعضهم إلى إغلاقها وفتح فقط مقهى تابع للفندق. ويرى صاحب الفندق أن مدينة الحسيمة تزخر بمؤهلات سياحية وطبيعية، تجعلها قبلة للزوار، مطالبا بإسراع وزارة التجهيز في إصلاح الطرق وفتحها لفك العزلة عنها. من جهته، قال مسير مطعم بشارع الحسن الثاني، إن المدينة غنية بالثروة السمكية والمؤهلات السياحية، وهي في حاجة إلى التفاتة من الجهات المسؤولة لإنقاذها من حالة الركود، التي تعيشها طيلة فصلي الخريف والشتاء. وأوضح المسير نفسه أن أغلب التجار وأصحاب الفنادق مطالبون بالاشتغال خلال فترة الصيف 24 ساعة على 24 ساعة، من أجل ضمان مدخول يوفر لهم إدخارا ماليا يسد الخصاص طيلة فصلي الخريف والشتاء.