أصدرت وزارة الداخلية المغربية بيانا حول الهجرة يشكل منعطفا تاريخيا لأنه يتحدث عن مهاجرين أوروبيين غير قانونيين بعدما كانت أوروبا تتهم المغرب بأنه مصدر الهجرة السرية وضغطت عليه ليلعب دور الدركي لمواجهة الهجرة الإفريقية وحماية السواحل الأوروبية. ويتوجه بعض الإسبان الى المغرب للبحث عن فرص العمل، لكن أغلبهم يتوجهون الى أوروبا وأمريكا اللاتينية وفق إحصائيات حكومة مدريد. وصدر بيان وزارة الداخلية في نهاية الأسبوع الماضي، طالبة فيه من الأجانب الأوروبيين وخاصة من فرنساواسبانيا الذين يتوافدون على المغرب بشكل مطرد للإقامة والسكن أو ممارسة مهنة بصورة مؤقتة أو دائمة أو إحداث مقاولات صغيرة أو متوسطة أن يتسجلوا لدى المصالح المختصة سواء الإقامة أو العمل الذي سيزاولونه. بيان وزارة الداخلية يشدد على ضرورة تسجيل المقيمين الأوروبيين لدى مراكز الشرطة في مختلف المدن المغربية للحصول على بطاقة الإقامة التي تسمح للأوروبي المكوث في المغرب أكثر من ثلاثة أشهر بل وكذلك البحث عن العمل. وتؤكد بعض مصادر الداخلية المغربية أن وجود نسبة كبيرة من الأوروبيين بصورة غير قانونية في المغرب يؤثر على الأمن القومي للبلاد لاسيما وأن المغرب قد تحول الى معبر للمخدرات الصلبة مثل الكوكايين علاوة على القنب الهندي. ويتزامن هذا البيان مع تزايد إقبال الأوروبيين على المغرب للبحث عن فرص العمل وأساسا الفرنسيين والإسبان حيث يعملون في قطاع تعليم اللغات والاتصال والفندقة ونسبة صغيرة للغاية في مجالات أخرى. ونشرت جريدة آ بي سي أمس الاثنين ربورتاجا عن الإسبان في المغرب، حيث كتبت أن عدد الإسبان المسلجين كمقيمين في المغرب هو 8200 بمن فيهم المغاربة المجنسون، بينما نسبة غير المسجلين هي خمسة آلاف. وتكتب أن الإسبان أغلبهم فتحوا مطاعم أو يعملون في تعليم اللغات بل حتى في الهندسة المدنية. وشكل نشر الخبر في اسبانيا مصدرا للتنكيت السياسي واتهام الحكومة الإسبانية بدفع المواطنين الى الهجرة الى المغرب، ويتساءل بعض الإسبان عن قوارب الهجرة في الاتجاه المعاكس، أي من شمال المضيق نحو جنوبه. وتوجد حالات توجه بعض الإسبان الى المغرب للبحث عن فرص العمل ولكنها ليس بالشكل الذي يروج لها الإعلام المغربي وبعض الربورتاجات. في هذا الصدد، يقول الباحث والصحافي محمد المودن ‘بينما تحدثت وسائل إعلام وطنية ودولية أيضا عن تحول المغرب إلى مقصد لمهاجرين إسبان بحثا عن العمل، ‘وتصوره على أنه ‘فردوس للإسبان' الحالمين بمخرج لضيقهم الاقتصادي والمالي، يظهر ان المغاربة المقيمين في إسبانيا لا يعبثون بهذا الحلم على الإطلاق على الرغم من كونهم الفئة الاجتماعية التي تضررت بنسبة اكبر بتداعيات الأزمة الاقتصادية ، ونخرتها'العطالة بشكل حاد، وتضررت منها اقتصاديا واجتماعيا. ولم يتم حتى الآن تسجيل قوافل عودة شاملة لمغاربة إسبانيا إلى وطنهم بحثا عن مخرج لضيقهم الاقتصادي ‘في ”هذا الفردوس′، على الرغم من انهم ‘جلهم يتمنون لو أنه كانت حقا ثمة ظروف اقتصادية واجتماعية جيدة للعودة والاستقرار في بلدانهم وبين ذويهم'. وتكشف معطيات المعهد الوطني للإحصاء أن عدد الإسبان الذين توجهوا خلال العام 2012 نحو الخارج قد بلغ '114 ألف'اسباني بزيادة تناهز قرابة 7′ عن السنة التي سبقتها، ‘ليصل عدد المهاجرين الإسبان في الخارج حوالى مليون'و900 ألف. وتشكل الأرجنيتن وفرنسا وفنزويلا والمانيا والبرازيل والمكسيك والولايات المتحدةالامريكية، الوجهات الأجنبية الأساسية ‘التي يقيم بها العدد الأكبر من المهاجرين الإسبان ويقصدونها. ‘وتصدرت الأرجنتين ثم البرازيل البلدان الأجنبية التي ارتفعت فيها خلال العام 2012 نسبة المهاجرين الإسبان إليها. وفي التقرير الذي أعده المعهد الوطني للإحصاء الإسباني لاي ظهر المغرب في قائمة الدول الأربع والعشرين الأولى التي هاجر إليها الإسبان سنة 2012 رغم القرب الجغرافي بين البلدين. وهذه الأرقام والإحصائيات تناقض المعالجات الإعلامية التي تحدثت عن ظاهرة ‘ تحول المغرب إلى فردوس للمهاجرين الإسبان'.