في جلسة ماراطونية دامت أزيد من خمس ساعات، أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بفاس، في وقت متأخر من ليلة الجمعة- السبت، حكما قضى ب20 سنة سجنا نافذا، في حق بارون مخدرات من تاونات اتهم بقتل زميله المتحدر من منطقة «اكتامة» بواسطة سلاح ناري، حيث آخذته المحكمة من أجل تهمة القتل العمد وصادرت مبلغ 37 مليونا تم حجزها لديه أثناء توقيفه بداية أكتوبر 2011. واستنطقت المحكمة المتهم «ع. ط» المتابع بتهم القتل العمد بواسطة السلاح الناري والاتجار في المخدرات والتبغ المهرب والتهديد، وواجهته بتصريحات الشهود، حيث أنكر اتجاره في المخدرات ونفى معرفته بالضحية أو وجود أية علاقة بينهما أو بعائلته، نافيا قتله أو توجهه يوم الحادث إلى منطقة بضواحي فاس والتي عثر فيها على جثة «ع- ن» بارون المخدرات المتحدر من منطقة «اكتامة». وواجهت المحكمة، المتهم بحقائق متعلقة بالملف، خاصة نتائج الخبرة المنجزة على السلاح الناري وكذا البصمات التي رفعت على قنينة من «الجعة» عثر عليها المحققون على بعد 160 مترا عن مسرح الجريمة بقارعة للطريق بمدخل مدينة فاس، حيث أسفرت النتائج المخبرية والبحث الجنائي للمختبر العلمي الوطني للدرك الملكي بمدينة الدارالبيضاء بأن البصمات تتعلق ببارون المخدرات المتهم. وحضر جلسة المناقشة، ثلاثة أشقاء للضحية، سردوا وقائع حول كيفية تلقيهم نبأ وفاة أخيهم، وأجابوا عن أسئلة الهيأة والمحامين والنيابة العامة، فيما أنكر الشهود معرفتهم بتفاصيل الجريمة خلال خروجهم من منازلهم عقب سماعهم إطلاق النار فجر يوم بارد من أيام نهاية شتنبر 2011، بمن فيهم صاحب المنزل الذي وجدت جثة الضحية بالقرب منه، مؤكدا أنه قام بحراسة الجثة بأمر من عون للسلطة بالدوار القريب من مسرح الجريمة. وتأتي إدانة بارون المخدرات القابع بسجن عين قادوس، بعد مضي 4 أشهر عن مباشرة قاضي التحقيق بالغرفة الثانية لدى محكمة الاستئناف بفاس، بأمر من الوكيل العام للملك، أبحاثه لحل لغز أرقام هواتف جرى ضبطها بمفكرة هاتف بارون المخدرات المدان ب20 سنة نافذة، كشفتها مكالمات هاتفية أجراها المتهم بالاتجار الدولي في المخدرات مع 20 دركيا برتب متفاوتة. وعلمت «أخبار اليوم» من مصادرها الخاصة أن الوكيل العام للملك، وبطلب من قاضي التحقيق، وجه كتابا جديدا للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بمدينة الدارالبيضاء، لإتمام أبحاثها بخصوص كشف هوية ال16 دركيا، بعد أن تمكن المحققون من الوصول إلى هوية أربعة دركيين مشتبه بهم في التخابر والتعاون مع بارون المخدرات المتهم بقتل منافس له من منطقة «كتامة». وأضافت المصادر ذاتها أن قاضي التحقيق باستئنافية فاس استدعى مسؤولين عن تحليل المكالمات الهاتفية بشركات للاتصالات بالمغرب، لم يحضروا جلسات التحقيق السابقة، رغم استدعائهم عن طريق النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط، حيث ينتظر عرض وتعميق البحث بخصوص التقرير التقني للمكالمات والمنجز خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2010 إلى غاية نهاية سنة 2011، تاريخ حجز هاتف بارون المخدرات موضوع البحث من قبل النيابة العامة، حيث كشفت المذكرة التحليلية التي أنجزتها «اتصالات المغرب» على المعطيات المتعلقة بهواتف رجال الدرك المشتبه بهم، عن تبادل دركي لما مجموعه 33 مكالمة مع 15 هاتفا يستخدم أصحابها الأقمار الاصطناعية، و41 مكالمة هاتفية مع 12 رقم نداء جزائري، و70 اتصالا هاتفيا مع رقم نداء موريتاني، و30 مكالمة هاتفية مع أرقام نداء ألمانية، و8 اتصالات هاتفية مع رقمي نداء بليبيا، فيما رصدت الفصيلة المركزية للتحليل والبحث الجنائي بمصلحة الشرطة الإدارية والقضائية التابع للدرك الملكي بالرباط، إجراء دركي حل بمدينة صفرو قادما إليها من سرية الدرك بميسور، بواسطة رقم هاتف مسجل باسمه وآخر باسم زوجته، عثرا عليهما بمفكرة هاتف بارون المخدرات، (أجرى الدركي) 198 مكالمة هاتفية مع أرقام نداء ألمانية وتبادل مكالمتين هاتفتين مع رقمي نداء بالإمارات العربية المتحدة. للتذكير، فإن العملية المشتركة مع شركات الاتصالات بالمغرب، والتي قادتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بمدينة الدارالبيضاء، فور تكليفها بهذا الملف من قبل الوكيل العام للملك بفاس، أجرت أبحاثها مع بداية شهر دجنبر 2011، والتقت بمديري، «ميدي – تيل» و»اتصالات المغرب» و»إنوي»، وطلبت منهم مدها بكشوف خاصة بالمكالمات الصادرة والواردة على رقم هاتف بارون المخدرات القابع بسجن عين قادوس بفاس، الأمر الذي سهل فك لغز فضيحة رجال الدرك البالغ عددهم 20 دركيا، استقطبهم مهربون للسجائر والمخدرات، متورطون في قضايا اختراق المجال الجوي واجتياز الحدود الأمنية والجمركية بوسائل اتصال متطورة استعملت فيها هواتف موصولة بالأقمار الاصطناعية.