في إطار تتبعها ومواكبتها لما يجري بالموقع الأثري لمدينة المزمة التاريخية، قام أعضاء من لجنة الهيئات المدنية المتابعة لملف هذا الموقع، بزيارة ميدانية له يوم السبت 23 يناير2010 للإطلاع على سير أشغال الحفريات التي انطلقت به منذ 15 يناير الجاري، من قبل فريق من جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث متخصص في البحث الأثري، الذي أبرمت معه مديرية التراث الثقافي التابعة لوزارة الثقافة والشركة العامة العقارية C G I اتفاقية هدفها: تحديد مجال الموقع الأثري لمدينة المزمة التاريخية، بقيمة مالية تقدر حسب أعضاء الفريق في : 110000 درهم( مليون ومائة ألف درهم) سيتم التوصل بها على دفعات. هدف الاتفاقية التي وقعت بين هذه الأطراف المشار إليها، يعتبر أجرأة لأحد المطالب الأساسية التي كانت وما تزال اللجنة أعلاه تطالب بها المسؤولين والمعنيين. وجد أعضاء اللجنة الزائرين للموقع أثناء وصولهم إليه، أعضاء من فريق البحث الأثري الذين تفضلوا بإطلاعنا على كيفية سير الأشغال وعلى بعض النتائج المتوصل إليها، فضلا عن الصعوبات والمشاكل التي تواجههم، والتي قد تحول دون تحقق الهدف العام والأسمى. يتكون فريق البحث الأثري من ثمانية أعضاء رسميين، يباشر الأشغال ويسايرها حاليا ستة أعضاء مستعينين بمجموعة من العمال القاطنين بأجدير، وذلك في جو يطبعه التعاون والاحترام المتبادل؛ ويظهر من خلال مرافقة أعضاء الفريق ومعاينة أشغال الحفريات التي قاموا بها، والاستماع إلى شروحاتهم المختلفة وجود تقدم في الأشغال، هاته الأخيرة التي انصبت على التعرية والكشف عن أساس السور الخارجي للمدينة، الذي كان قد تعرض للطمس والتخريب والمحو بفعل عوامل طبيعية وبشرية، سيما في الجهة الشمالية من الموقع الأثري الذي كانت شركة نادي البحر الأبيض المتوسط، قد زرعت فيه - بعد عمليات الهدم والحفر- البنايات والفضاءات التابعة للمركب السياحي الذي أقامته الشركة المذكورة، مما أضر بالبنيات الأركيولوجية للموقع. توصل أعضاء الفريق إلى الكشف والتعرية عما تبقى من السور المحيط بالمدينة من الجهة الجنوبية والجنوبية الغربية، والكشف عن جوانب من خصوصيات وتقنيات عملية التسوير وبعض المرافق التي يتضمنها السور ( أبراج، أبواب...). وأثناء المعاينة الميدانية للموقع وللأشغال التي قام ويقوم بها أعضاء فريق البحث، تم الوقوف عند انتشار لافت لبقايا أجزاء من الخزف التي عثر عليها أثناء مباشرة عملية البحث والحفر بجانب السور، والتي تحتاج بدورها إلى إجراء مزيد من عمليات الحفر في أماكن ومواقع مختلفة من مجال المدينة. وفي حديث لنا مع أعضاء الفريق الأثري أشاروا إلى ضعف الرصيد المالي المخصص، وإلى تخوفاتهم من تلكؤ بعض الجهات والمسؤولين من الوفاء والالتزام بما اتفق عليه بشأن قيمة ونسبة الدفعات وفق الأشطر. ولم تستبعد مصادرنا أن تلجأ هذه الجهات إلى الضغط والتحايل من خلال تأخير التوصل بالدفعات وعدم اكتمالها، للتأثير على عمل الفريق ومساومته بشأن النتائج التي قد يتم التوصل إليها بشأن المساحة الإجمالية للموقع، وما قد يصاغ ويرفع من توصيات وملتمسات للمعنيين بشأن الموقع ومساحته، التي يجب أن تحترم من قبل شركة C G I استنادا إلى نتائج البحث الأثري لهذا الفريق، الذي أكدنا له باسم اللجنة أعلاه - عندما لمسنا من بعض أعضائه ما يمكن أن يفهم بملتمس ومناشدة للجنة الهيئات المدنية.. بضرورة مواصلة التتبع والمواكبة لملف المزمة - أنه انطلاقا مما يجمعنا في لجنة الهيئات المدنية بشأن المطالب المصاغة والمحددة بيننا حول الموقع الأثري لمدينة المزمة التاريخية، ومنذ انطلاق تكتلنا حول هذا الملف وإلى غاية الآن، من بين ما حرصنا عليه وما نزال ضرورة تحديد مساحة الموقع، التي يجب اعتبارها محمية أركيولوجية اعتمادا على عمليات سبر أثري لا غير. وفي هذا الصدد، نستنكر ما قامت به الشركة العامة العقارية CGI، في إطار تسابقها مع الزمن والتاريخ والإنسان، من حفر وكنس واقتلاع للأخضر واليابس داخل الموقع، كما نشيد بالمجهودات التي يقوم بها أعضاء فريق البحث الأثري، وبحماسهم وغيرتهم في الكشف عن جوانب من السور الخارجي للموقع، وندعو الجهات والأطراف التي كانت بالأمس القريب تتنكر لوجود الموقع وتستخف وتستهتر بذاكرة المنطقة وتراثها اللذان يشهدان على العبقرية الريفية المغربية المتوسطية، إلى التعقل والمساهمة في حماية التراث الثقافي، مثلما ندعو كل الغيورين على هذه الذاكرة وهذا التراث الذي تمثله مدينة المزمة وموقعها، وكل اللذين يخططون ويؤسسون لبناء حاضر ومستقبل زاهر ومتقدم للمنطقة، بالعمل الجاد والمتواصل من أجل تثمين هذا الموقع وتوظيفه في المشاريع التنموية التي يجب أن تستهدفه. كما تود اللجنة من خلال هذا التقرير أن تؤكد على أن الريف يكتنز العديد من المآثر التاريخية التي يجب حمايتها والاهتمام بها وإبرازها، وأن عملها لن يتوقف عند تحديد أسوار المزمة بل سيستمر للمساهمة في الدفاع عن التراث المعماري للمنطقة. هذا وستقوم اللجنة بزيارة جماعية إلى موقع المزمة يوم السبت 30 يناير 2010، للوقوف على تطور الأشغال والتواصل مع فريق الخبراء المتواجد بالمكان.
عن لجنة الهيئات المدنية المتابعة لملف مدينة المزمة التاريخية الحسيمة في 23 يناير 2010