تعيش الجامعات التركية حالة أشبه بثورة صغيرة بعد السماح للطالبات المحجبات بدخولها، بعدما كان محظورا عليهن ذلك. لكن المدافعين الأكثر تشددا عن العلمانية لم يقولوا بعد كلمتهم الأخيرة. فبعد تلقيها شكوى من طالبة في جامعة إسطنبول أبعدت عن قاعات الدراسة لأنها تضع قبعة لإخفاء شعرها، أبلغ رئيس مجلس التعليم العالي مطلع أكتوبر الجامعة أنها لا يمكنها طرد أي طالب بسبب ملبسه. ومنذ ذلك الحين انتشر تطبيق القرار وفتحت عدة جامعات أبوابها مجدداً أمام المحجبات بعد 12 سنة من حظر ارتداء الحجاب بقرار من مجلس التعليم العالي. واستقبلت الطالبات المحجبات هذا التحول في موقف المجلس الذي بات يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ الحاكم بارتياح بعدما ضقن ذرعاً من اللجوء إلى خدعة الشعر المستعار أو القبعة للدخول إلى حرم الجامعات. وقالت توجبا بيستوفوجلو الطالبة في الهندسة في جامعة إسطنبول التقنية “كان مظهرنا مضحكاً مع قبعاتنا خاصة في الصيف.. كنت اشعر بضيق، كانت الأنظار تتجه إلي لدى مروري في الممرات”. وتابعت “أما الآن فالأمور أفضل بكثير. إني اذهب إلى الحصص بارتياح أكبر. وبما أنني استطيع التعبير بحرية أعتبر أن ذلك سيكون له تأثيره على نتيجتي الدراسية”. ولكن يبدو أن قرار مجلس التعليم العالي ما زال بعيدا عن تسوية المسألة برمتها. فما زال عدد من العمداء يطبقون الحظر معتبرين أن القرار لا يشمل سوى جامعة إسطنبول، أو أنهم ينتظرون قراراً من محكمة النقض. وتعتبر المحامية فاطمة بنلي الأخصائية في الدفاع عن الطالبات المحجبات أن نصف الجامعات تقريبا ما زالت تمارس الحظر. وقالت “ويحصل أحيانا أن تتمكن الطالبات من دخول الحرم لكن أستاذهن يشرح لهن على انفراد أن عليهن أن ينزعن الحجاب وإلا سيحصلن على علامة سيئة أو أنه سيرفع محضرا بهن أو ربما يطردهن من القاعة”. وفي حين يتباطأ السعي إلى إيجاد تسوية بين حزب العدالة والتنمية والمعارضة حول هذه المسألة وجه مدعي محكمة النقض عبد الرحمن يلتشينكايا الأربعاء تحذيرا ينبئ بحصول هجوم مضاد من المعسكر العلماني. وقال يلتينكايا الذي حاول في 2008 بدون نجاح منع حزب العدالة والتنمية من المساس بالعلمانية، إن السماح بارتداء الحجاب في الجامعات سيفتح ثغرة في مبدأ العلمانية”. إلى ذلك جمعت عريضة ترفض ارتداء الحجاب في الجامعة تواقيع نحو ألف جامعي بحسب صحيفة “ملييت”. وقال البروفسور الباسلان إيسكلي الذي يقف وراء العريضة “ليست حرية ارتداء الحجاب هي المسألة التي يجب مناقشتها بل عدم ارتدائه” في إشارة إلى مخاوف العلمانيين من ظهور مطالب جديدة مثل السماح بارتدائه في المدارس الثانوية أو في الوظائف العامة ومن تصاعد الضغوط على غير المحجبات. ونفت طالبة في جامعة إسطنبول كبرى نورتشاكماك الاعتراض الأخير. وقالت هازئة “وماذا بعد؟.. رفيقتي تترك شعرها طليقا ولم يقع أبدا أي خلاف بشأن هذا الخصوص. أتعتقدون حقا أنني سأمارس الضغط عليها وسأطردها؟” في إشارة إلى صديقتها كوثر صاحبة الشعر الأسود الكثيف.