وقفت أسرة شاب مصاب بنزيف خارجي بالقرب من قسم المستعجلات بمستشفى ابن سينا في العاصمة المغربية (الرباط) تنتظر من يتبرع لها بدماء يحتاجها جسد ابنها المصاب في حادثة سير خطرة، لكنها لم تجد ما ينقذ حياته من موت محقق، لولا شقيقته التي تمتلك فصيلة دمه النادرة نفسها. وتحكي سعاد، شقيقة شاب آخر يدعى محمد البيض، أصيب في حادثة سير خطرة بمدينة الرباط، خلال قيادته دراجة نارية اصطدمت بعنف مع سيارة مسرعة، كيف عانت الأسرة للعثور على كميات دماء توافق فصيلة دم محمد، ما جعل جسده ينهار تحت صدمة الحادثة وكميات الدم الكبيرة التي نزفت من جسده. وقالت ل”العربي الجديد”، إنها لا تريد أن تتكرر مأساة أسرتها الصغيرة التي كانت تشاهد شقيقها يموت ببطء أمامها، في ظل عجزها عن توفير الدم اللازم له، وغياب هذه الفصيلة الدموية في مركز التحاقن (بنك الدم)”، داعية المغاربة إلى التبرع بدمائهم لإنقاذ حياة العديد من المرضى والمصابين. قصة المواطن الأول الذي شارفت حياته على الهلاك، وقصة الشاب الثاني الذي لقي حتفه، بسبب غياب الدماء التي كان يتعين على الأطباء ضخها في جسده، من جراء ضعف مراكز تحاقن الدم في البلاد، تتكرران في أكثر من مدينة، والمأساة نفسها تعيشها الكثير من الأسر، ما جعل المسؤولين عن الصحة في المملكة يطلقون تحذيرات وطلبات استغاثة متعددة. وبلغ عدد المتبرعين بالدم سنة 2016 زهاء 297 ألفاً و73 متبرعاً، وهو ما يعادل نسبة 0.95 في المائة من سكان المملكة، وبالتالي يبقى هذا الرقم وفق مراقبين بعيداً عن نسبة 3 في المائة من مجموع سكان البلاد، والذي توصي به منظمة الصحة العالمية، بغية مواجهة متطلبات الدم من مرضى ومصابين وضحايا حوادث السير خصوصاً. ويعاني المغرب من نقص كبير في التبرع بالدم في مختلف المستشفيات ومراكز تحاقن الدم، وهو ما فسره الدكتور محمد بن عجيبة، مدير مركز التحاقن بالدم، في تصريح ل”العربي الجديد” بضعف ثقافة التبرع بالدم في المجتمع المغربي، رغم حدوث نقلة نوعية في السنوات الأخيرة، لكنها لا تكفي بعد لتصل إلى المستوى المنشود”. وشدّد المسؤول الصحي ذاته، على أن المغاربة معروفون بسخائهم وكرمهم، خاصة في الأعطيات العينية والمالية كلما استوجب الأمر ذلك، إما لحدث جلل أو في أية مناسبة معينة، أو حتى لمساعدة مرضى ومحتاجين”، مضيفا أنه يتمنى أن ينتقل هذا السخاء المادي إلى سخاء في التبرع بقطرات من دمائهم لن تضرهم في شيء”. وتشهد العديد من مدن ومناطق المغرب، منذ يوم أمس، حملات تواصلية لتحسيس المواطنين بأهمية التبرع بهذه المادة الحمراء الحيوية، لكونها السبيل لإنقاذ حياة الكثيرين في المجتمع، كما أنه من المقرر أن يخصص خطباء المساجد يوم الجمعة المقبل الخطبة لحث الناس على التبرع بالدم. ودعا المركز الوطني لتحاقن الدم إلى تحقيق أكبر نسبة ممكنة من المتبرعين بالدم، من أجل تكوين مخزون دم يوازي حاجات مراكز الدم من هذه المادة، وإلى “نشر ثقافة التبرع بالدم وجعلها سلوكاً اعتيادياً وواجباً أخلاقياً ووطنياً لا يرتبط بالضرورة بوقوع حوادث سير وإجراء عمليات جراحية، لأن هناك باستمرار حالات إنسانية تنتظر كميات من الدم لإنقاذ حياتها”.