صدمت بموت المرحوم الزايدي كثيرا. ظللت فترة من الزمن و أنا مذهولة. لم أصدق أنني لن أقرأ عنه أو عن تصريحاته. بأنه لن يقف بعد اليوم في وجه لشكر. بأنه لن يدافع بعد اليوم عن مبادئ حزب الاتحاد الاشتراكي. بأنه لن يخطب بعد اليوم باسم الديمقراطية. الأفلام الأمريكية علمتنا أن الأبطال لا يموتون، أو على الأقل لا يموتون على حين غرة. و لكن المرحوم الزايدي مات فجأة، و المسلسل الاتحادي في أوجه. و حلقة الانشقاق في بدايتها. و بينما عقلي الصغير يتساءل بحيرة هل سينشقون؟ لم يخطر ببالي أن الزعيم قد يغرق في وادي الشراط و هو يتفقد جماعته التي يترأسها. ويبدو أن اليسار و الإسلاميين حكاية قدر و ليس فقط لعبة سياسة. فبالأمس قتل الطالب الحسناوي المنتمي إلى حزب العدالة و التنمية في نفس ساحة الجامعة التي قتل فيها الطالب اليساري محمد أيت الجيد بن عيسى. و اليوم يموت عبد الله بها القيادي البارز في العدالة و التنمية في نفس المكان الذي مات فيه القيادي الاتحادي أحمد الزايدي.و كأن القدر يخبرنا أن اليسار سابقون و الإسلاميون لاحقون. بعد موت الزايدي، فاجعة عبد الله بها كانت بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس. هل قدرنا أن يسقط زعماؤنا السياسيين و على قلتهم اتباعا كأوراق الخريف؟ من كان سيصدق أن وزير في حكومة العدالة و التنمية سيدهسه قطار على حين غرة؟ هكذا و ببساطة سترحل روح بنكيران، سيرحل صديقه الوفي ليتركه وحيدا. القطار الجماد كيف له أن يعرف أنه داس على أحد مؤسسي حركة التوحيد و الإصلاح و على أحد أبرز قياديي العدالة و التنمية و على حكيم الحكومة؟ رحل عبد الله بها عنا إلى الأبد تاركا وراءه صمته المحير و حزن عميق و فراغ بارد و جنازة مهيبة حضرها كل رجالات الدولة و جميع الأطياف السياسية و مختلف شرائح الشعب المغربي. إنه رجل التوافقات في حياته و مماته. و بقدر ما فجعت بموته المفاجئ بقدر ما حمدت الله أن المغرب قوي و متماسك برجالاته . فقياديي العدالة و التنمية كان بمقدورهم أن يلعبوا دور الضحية و أن يتزايدوا بموت عبد الله بها المفاجئ و الغامض، و لكنهم التزموا الصمت و الحياد و فضلوا أن يستسلموا للقضاء و القدر و يستعينوا بالصبر. رجالات الدولة بمختلف أطيافها حضرت الجنازة تساند و تعزي رئيس الحكومة السيد بنكيران و رفيق درب المرحوم بها و كأنها تريد أن تقول له: "عزاؤكم و عزاؤنا واحد... أنتم نحن و نحن أنتم ".