كثيرون هم الذين إذا ما تحدثوا عن الطالبات ، يتحدثون بشكل مباشر عن العلاقات الجنسية غير الشرعية، كأن صفة طالبة أصبحت تعني ” عاهرة” بمعنى من المعاني، يعتقد البعض أن مجرد بعد الفتاة عن أهلها ولجوئها إلى السكن رفقة أخريات بدعوى متابعة دراستها الجامعية، يعتبر حافزا رئيسيا لتعاطيها الفساد، وربطها لعلاقات مشبوهة، ” حقائق مغربية” تحاول الاقتراب من عينات من الطالبات، وسماع آرائهن حول الموضوع، كما نقلت آراء بعض الذين أكدوا بشكل مباشر كونهم اعتادوا التربص بالطالبات…، وسنحاول ضمن هذا التحقيق الإحاطة بالموضوع من عدة جوانب. محيط الكليات أو محج المتربصين حي الداخلة، حي السلام، محيط الكليات، الشوارع المؤدية من وإلى الجامعة… كلها مناطق غاصة بالطالبات، جماعات وفرادى، قاصدات مقصدا، أو جائلات كالتائهات، ملتحفات يحيل زيهن على وافدات من مدن العيون، كلميم، سيدي إفني …، وأخريات بزي عصري لا يحيل على أي موفد. شيوخ يمتطون سيارات جذابة تلغي تجاعيد وجوههم، يتعقبون الجائلات ويتوقفون حينا ويواصلون السير حينا، شبان يعاكسون طالبات بعبارات مألوفة ” إيوا فين؟ ” … مانشوفوكش؟ ….غزالة.. بعضهم يستغل فترات انتهاء الحصص الدراسية اليومية ليمروا من الشوارع المؤدية إلى تكيوين – الدشيرة إنزكان، حيث تقف الطالبات جنبا إلى جنب مع طلاب ينتظرون من يتفضل بإيصالهم هربا من زحمة الحافلات وندرتها. كاد الفقر أن يكون كفرا.. فاطمة الزهراء ( 22 سنة) من سيدي إفني، طالبة بكلية الحقوق لم تتردد في كشف بعض أسرار الطالبات في حديثها مع الجريدة، بسحنتها الأمازيغية، ولكنتها التي تمزج بين الدارجة المغربية ولهجة تاشلحيت، تقول “ماذا تنتظر أن تفعله طالبة في العشرينيات من عمرها، وبمحيط كثرت فيه التحرشات والإغراءات، وأمام ظروف مادية قاهرة؟ فلا الأهل قادرين على تحمل كافة نفقات الطالبة من مأكل ومشرب ومسكن وتنقل، ولا المنح الجامعية كافية لسد الخصاص، في حين تجد أمامك في الشارع متربصين كثر ومن كافة الطبقات الاجتماعية يقدمون لك كل الإغراءات المادية مقابل فرصة مجالسة ليس إلا، عادي جدا أن تضطر الفتاة لقبول الدعوة من أحد المتربصين بها، لكن أعتقد أن أغلبية الطالبات يتمتعن بذكاء لا بأس به، فهن يعلمن مسبقا أن إعطاء كل شيء يعني فقدان كل شيء، لهذا تجد أغلبهن يتظاهرن بالاستجابة، ويراوغن، ويكسبن الوقت بمختلف المناورات، ويستطعن بذلك تحصيل نسبة مما يردن ويغادرن بدون خسائر، لكن هناك فئة سرعان ما تسقط في الفخ وتصبح ضحية.. نتعرض للإفتراء كثيرا أما رشيدة (23 سنة من وارزازات) فرأيها مختلف، ودفاعها عن شرف الطالبة شرس، إذ تقول: لست متفقة مع الذين ينظرون إلى الطالبة على أنها لقمة سائغة أمام الذئاب البشرية الذين يصولون ويجولون بمختلف مناطق تمركز الطالبات، فالطالبة غادرت بيت أهلها ليس من اجل اللهو والمرح، بل من أجل طلب العلم، وتحصيل شواهد ترفع من قدرها، وتشرف بها نفسها وأهلها، وتحقق لذاتها مكانة داخل المجتمع يكسبها فرصة عمل شريفة، فاللواتي يبحثن عن ملذات الحياة لم يتمكن أصلا من نيل الباكالوريا لولوج الجامعات، والتي تربت في وسط محافظ ونظيف لا يرهبها العيش بعيدا عمن أحسن تربيتها، والحرية الحقيقية هي التي تستطيع نائلتها استغلالها فيما يحفظ شرفها وليس العكس. لكل منا نظرته إلى الشرف.. طالبة أخرى تحفظت عن ذكر اسمها ولا المنطقة التي تنتمي إليها مع أن لكنتها تكشف عن انتمائها للأقاليم الجنوبية، تقول بنوع من التحدي، نعم أنا واحدة من اللواتي يفعلن ما يردن دون قيود، ما معنى أن أكبح رغباتي في انتظار ما سيأتي و قد لا يأتي، جسمي لي وأنا حرة فيه، وممارساتي لا تحول دون تقدمي في طلب العلم، أن أعيش تحت القيود يعني أن أسجن نفسي، لا، لست تلك التي تفعل بنفسها هكذا، لدي صديق، ممكن أن تتطور صداقتنا إلى زواج، ممكن أن تنتهي متى شعر كل واحد منا بالملل، لماذا نعيش حياة مقيدة بالشروط والضوابط و..و..و، خلال سنتي الأولى جامعيا تعرضت لعدة إغراءات، وترفعت عنها ، لكن تغيرت نظرتي 180 درجة يوم علمت من صديقة لي حرصت على الدوام على ما يسمى الشرف، وامتنعت دوما عن قبول أية صداقة مع الجنس الآخر، إلى أن أتى ذاك اليوم المشؤوم الذي تقدم ابن عمها لخطبتها وأبت القبول به لدواع شخصية، فنسج قصة وهمية ونشرها وسط العائلة فما كان من والديها إلا أن أعلنوا غضبهم وطردوها من حظيرتهم فصارت مذمومة بلا ذنب أتته ولا جرم ارتكبته، وتهدمت سمعتها الشريفة التي حرصت عليها أشد الحرص وأصبحت مثلها مثل أي عاهرة محترفة، حينها فهمت أن الشرف ليس هو ذاك الذي تحافظ عليه وإنما ذاك الذي يقتنع به الآخرون تجاهك، لهذا قررت أن أتصرف في شرفي لعل الناس يقتنعون بشرف آخر يلصقونه بي اقتناعا منهم. هذه تجربتي مع الطالبات التقت الجريدة بمجموعة من المتربصين بالطالبات، وسمعت آراء مختلفة منهم، محمد (أربعون سنة – مستخدم)، يحكي عن مغامراته مع الطالبات بافتخار مبالغ فيه، يقول كل مرة تربصت فيها أجد واحدة مختلفة عن الأخرى، سيارتي بالرغم من تواضعها تسهل مأموريتي في ذلك، أول مرة أجرب فيها حظي التقيت خلالها بطالبة في سنتها الأولى، في البداية تحفظت في شأن مرافقتي إلى البيت، لكن سرعان ما وثقت بي وانصاعت لي. غالبا ما تكون الممارسة مع الطالبة سطحية لكن المتعة حاضرة دائما، توالت تجاربي معهن، ولم أخطأ الهدف قط، صحيح أن بعضهن يتغنجن أكثر من اللازم، ويبحثن عن صياد تظهر عليه إمكانيات مادية أفضل لكن لن تخرج خالي الوفاض إذا جربت. لماذا ينظر إلينا البعض على أننا عاهرات؟ في جولتنا عبر أنحاء مدينة أكادير وخاصة مناطق تمركز الطالبات، ولقاءاتنا العفوية مع شرائح من العامة وبعض المنتسبات لجامعة ابن زهر، استقينا عددا مهما من القراءات والآراء، فمن مؤكد لوجود ظاهرة يسميها دعارة الطالبات، ومن ناف للظاهرة بشكل كلي، ومن مستخف بالأمر ومعتبر المسألة لا تعدو أن تكون حالات ناذرة منصهرة وسط مجتمع يجمع كل المتناقضات. سميرة من تزنيت (24 سنة) تقول لماذا ينظر إلينا البعض على أننا داعرات؟ هل لأننا نسكن منعزلات عن الأهل؟ نحن مضطرات للابتعاد عن أهالينا من أجل تحصيل شواهد عليا، وليس لشيء آخر، ونعيش جماعات لنستطيع تدبير شؤوننا الخاصة بشكل تضامني، ونتمكن بالتالي من اختزال نفقاتنا قدر المستطاع، صحيح المنح الجامعية لا تكفي لسد حاجياتنا أمام غلاء المعيشة بأكادير، لكن نستطيع بفضل حرص أهالينا على ضبط مصاريفنا والاقتصاد فيها لتحقيق توازن بينها وبين إمكانياتنا المتواضعة، لسنا داعرات. سعاد من كلميم (23 سنة) أنا محظوظة بالسكن رفقة زميلات من بلدتي، كوننا أسرة مصطنعة ووضعنا لنفسنا قانونا خاصا، وجعلنا من كبيرتنا سنا ربة أسرتنا، نأتمر بأوامرها، ووضعنا برنامج خدمات البيت نتناوب عليه دون مشاكل، وحرمنا على بعضنا بعض الأفعال التي اقتنعنا بعدم استقامتها، وصرنا لبعضنا ناصحات راشدات عاطفات، وتنتابنا رغبة في البكاء كلما حان موعد العطلة السنوية التي تنهي علاقتنا الأسرية اليومية إلى حين. صادفنا الحاجة حفيظة، صاحب محل مخصص للطالبات على وجه الكراء، فقالت: عانيت خلال السنة المنصرمة من طالبات شغلن مني شقة واستغللنها لشتى أنواع المنكرات، رائحة الشيشة تنبعث منها وأصابتني بمرض صدري ما أزال أعاني منه بحكم سكني في الطابق العلوي من مسكنهن، ضجيج وصراخ يومي إلى أوقات متأخرة من الليل، بل إلى الصباح أحيانا، لست أدري أي وقت يخصصنه لمراجعة دروسهن، منهن من تقضي الليل خارج البيت ولا تعود إلا صبحا، ومنهن من حاولت استقبال غرباء بمحلي لولا يقظتي ومنعي إياهن من ذلك.