” بأي حال عدت يا عيد” هو لسان حال الضريرة خديجة العسري، مطلقة وأم لقاصرين، وجدت نفسها في الشارع العام، بعدما ألقى مأمور التنفيذ بأثاثها خارج البيت الذي عاشت به منذ 1973 سنة ميلادها. ستقضي هذه الكفيفة المطلقة رفقة ابنيها عيد الأضحى في العراء بزنقة الفداء، حيث درب الحمام الذي قضت به عمرها تحت رعاية وحماية كفيلها وأبيها بالتبني ميلود البداع. يقع هذا بأولاد تايمة عاصمة الاستثمار الفلاحي حيث أثرياء سوس، هناك ستقضي هذه السيدة رفقة طفليها «فرحة» العيد بالشارع، ولأسباب كما تقول ظالمة. وقد استغربت جمعية حماية الطفولة بأكادير كيف اختار مأمور التنفيذ مناسبة عيد الأضحى للإلقاء بأثاث الضريرة في الشارع ثم مضى إلى حال سبيله. في سنة 1973 جاءت خديجة العسري إلى الوجود، حرمت من دفء الأسرة، لم تجد إلا يد كفيلها المرحوم محمد البداع، تنتشلها. تبناها لتصبح ابنته رفقة زوجته زهرة الترحيم التي مازالت على قيد الحياة. وعندما كبرت تزوجت من رجل أنجبت منه طفلين عماد وأمين، فطلقها وعادت بهما إلى بيت كفيلها لتعيش معه إلى أن غادر هذه الدنيا، بعد الطلاق خرجت زهرة لتضرب في الأرض من أجل إعالة ابنيها. لكن من جديد ستحل المأساة، فاجأها رمد العيون، وذهب ببصرها، كل ما بقي لها في الدنيا، لتتفاقم وضعيتها الاجتماعية، ففقدت كل أمل في الخروج للعمل والتشمير على ساعد الجد كما ظلت تفعل، إلى جانب أن ابنيها مازالا صغيرين في حاجة إلى الرعاية اليومية، ومتابعة دراستهما. المصائب تأتي تباعا، فبعد موت والدها طالب الورثة القائمون بالتعصيب من الضريرة بأن تغادر رفقة ابنيها، وتوج ذلك برفعهم دعوى الإفراغ ضدها. الكفيفة بعدما لم يراع الورثة وضعيتها الاجتماعية، قامت زوجة الهالك وأمها بالتبني زهرة الترحيم بتوثيق عقد صدقة بموجبه وهبت حصتها من الإرث إلى هذه الكفيفية. هذا الإجراء الإنساني تعرقل بدوره، وتأخرت أجرأته، فسبقه حكم يقضي بالإفراغ ضد هذه الأسرة المحطمة، لأن أرملة المرحوم لا تتوفر على عقد زواج موثق. وتطلب ذلك القيام بجملة إجراءات. وكيل الملك بابتدائية تارودانت وفي مراسلة، أوصى بعدم تنفيذ حكم الإفراغ على هذه السيدة الكفيفة المطلقة، ذات الأولاد و”المقطوعة من شجرة”، كما أشار وكيل الملك في المراسلة ذاتها أن هذه السيدة تتوفر على عقد صدقة من زوجة المرحوم الهالك الذي تبناها، ويجب التريث من أجل فتح فرصة للتوافق والتوصل إلى حل اجتماعي إنساني، لأن وضعيتها حرجة. جمعية حماية الطفولة بأكادير نفذت بجوار البيت الذي طردت منه الكفيفة وقفة رمزية، وتساءل رئيسها كيف تجرؤ الإدارة على تنفيذ حكم قضائي مع وجود توصية من النيابة العامة بتارودانت تطالب بإعطاء مهلة للحلول الإنسانية الاجتماعية، كما صب جام غضبه على وزارة الحقاوي متسائلا” حتى إذا كان القانون بهذه الصرامة، ألسنا بشر، أين الحلول الاجتماعية لانتشال امرأة مطلقة وكفيفة بدون معين، ومازال في حضنها طفلان يبلغان 14 سنة؟ كما تساءل أين أغنياء وأثرياء هوارة أليس بإمكانهم الالتفات لهذه الحالة وانتشال أسرة من الضياع؟.