خلفت أشغال الدورة الاستثنائية للمجلس البلدي بمدينة إنزكان زلزالا غير مسبوق ،في تركيبة المجلس المسير، المشكل للأغلبية منذ الانتخابات الجماعية الأخيرة ،بعد إقالة خمسة أعضاء كانوا ،وإلى حدود الأمس ،على رؤوس مناصب حساسة في المنظومة التدبيرية للبلدية ،وكانوا يشكلون الفيلق الآمر الناهي داخل دهاليز القصر البلدي بالمدينة . أشغال دورة يوم الجمعة الماضية،والتي أريد لها أن تكون استثنائية بامتياز ومفتوحة في وجه العموم،عرفت حضورا جماهيريا مكثفا في شكل إنزال قوي طالب به الاتحاديون في بيانهم الصادر خلال الأسبوع الماضي ،فنزل ضدهم يوم "المحاسبة"، بإيعاز من رئيس المجلس، الذي استطاع ،بدهائه وخبرته في التنوير داخل متاهات المدينة خاصة في حيي الجرف وتراست ،بالرغم من عقدة جغرافيتها السياسية، أن يقلب السحر على الساحر، ويغلب كفة ادعاءاته على كفة حلفاء الأمس وأعداء اليوم ،مستغلا بذالك ضغينة باقي الأعضاء الذين عانوا من التهميش والإقصاء ،بل حتى المضايقة والطرد في أحايين كثيرة من طرف المقالين ،ليؤدوا مسرحية درامية محبوكة السيناريو، زاوجت بين التراجيدية والكوميدية ،لعب فيها قائد حزب التجديد والإنصاف بالإقليم (ر.م) دور البطل المناور والمشاكس، والذي استغل القاعة الرئيسية بحديقة الرمل بتراست المحتضنة لأشغال الدورة، ليفرغ ما في جعبته وفي مخزون خلده من سلوكات حقدية وتصرفات كرهية مورست ضده من طرف الأعضاء المرغوب عنهم خلال توليهم مقاليد التدبير بالمجلس الجماعي للمدينة ،في الوقت الذي لعب فيه ممثلوا الألوان الأخرى دور الكومبارس والتصفيق بعد تلقي الدور الأخضر من المخرج (الرئيس).وإن كان النقاش تجاوز في أحايين كثيرة حدود اللياقة ليصل إلى حد التشابك بالأيادي والسب والشتم . هذا،وكانت الإرهاصات الأولية لهذا "الانقلاب السياسي" بالعاصمة التجارية للجنوب، تعود إلى بداية يونيو حيث لوح الاتحاديون بالاستقالة من المجلس ، رفقة الإسلاميين بعد إحساسهم بالتهميش جراء سحب الرئيس ثقة التفويض منهم ،وبعد أن تم تصنيفهم كمسؤولين من الدرجة الدنيا داخل بلدية إنزكان ،وإن كانت إشارات الانفصال تبدوا في الأفق منذ الانتخابات الجزئية الأخيرة وما رافقها من تلاسنات وتراشق بالاتهامات والاتهامات المضادة . ومن تداعيات الصراع الدائر بين التحالف وإن كان غير طبيعي، بين الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية ،وتيار الرئيس الذي يكتسي لون قوس قزح ،والذي خلص إلى إقالة كل من عمر حميد وابراهيم سهوتي من حزب الوردة وعبدالله أيت محمد وأوسالم وبريك من حزب المصباح ،(تداعيات)مغادرة كل من خديجة زعبل وفوزية الكتية الاتحاد الاشتراكي والتحاقهما بالأغلبية، مقابل الحصول الأولى على تفويض عام يخول لها التوقيع على جميع الوثائق الإدارية والمالية للبلدية كنائبة أولى للرئيس وامتيازات لا تقل أهمية بالنسبة للثانية. الشيء الذي يطرح العديد من التساؤلات عن المعايير المعتمدة لاختيار المرشحين في صفوف حزب الوردة الذي بدأ مشواره السياسي في بلدية إنزكان بخمسة أعضاء ليكمله بعنصرين، بعدما زج بأحد أعضاءه في السجن بسبب التزوير في الوثائق ،والتحاق عنصرين بالفسيفساء المشكلة للفريق المشتغل تحت مظلة الرئيس الذي سمح بدوره في حصانه الذي امتطاه لتقلد منصب الرئيس بذات البلدية قبل استعانته بالميزان خلال الانتخابات الجزئية الأخيرة في تغير لم يعتبره المتتبعون للشأن المحلي بالمفاجئ بالنظر إلى الأوان التي تعاقب عليها و التي تكاد تضاهي ألوان الطيف منذ اقتحامه عالم السياسي خلال سبعينيات القرن الماضي. والتساؤل نفسه يطرح عن الضعف الذي أبان عنه الفريق الممثل لحزب العدالة والتنمية خلال أشغال هذه الدورة، التي بدأت مشتعلة وانتهت كذالك ،حيث بدا منهك القوي وعديم القدرة على الدفاع على أطروحاته ومواقفه ،ما خلف استياء عميقا في صفوف مناصريه الذين خرجوا مطأطئي الرؤوس من المعركة التي سيطر عليها محمد أومولود ومناصريه من البداية إلى النهاية في مشهد غريب الأطوار، اعتبارا للفروق الشاسعة بين حصاد برلمانيي المصباح بالإقليم وممثليهم بالمجلس البلدي لإنزكان واعتبارا للقوة الاكتساحية التي نزل بها الحزب ،في الاستحقاقات البرلمانية الأخيرة في الإقليم عموما وفي المدينة خصوصا.