شهدت رحاب مدينة بيوكرى باشتوكة ايت باها أواخر شهر ابريل 2013م، اختتام المهرجان القرآني الرابع لاشتوكة ايت باها الذي نظمته جمعية سيدي الحاج الحبيب للتربية والثقافة والجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية –فرع اشتوكة ايت باها- بتعاون مع المجلي العلمي المحلي لاشوكة ايت باها ومندوبية الأوقاف والشؤون الإسلامية بها . ويسرنا ان نستضيف في هذا الحوار : الأستاذ هشام الرافعي استاذ مادة التربية الاسلامية بثانوية المرابطين -بيوكرى- و نائب الكاتب العام لفرع الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية والمشرف التنظيمي للمهرجان القرءان الربع لاشتوكة ايت باها، ليحدثنا عن هذا أجواء هذا النشاط وعن أهدافه وآفاقه المستقبلية .. ... س: في البداية نود أن نتعرف على الجهات المنظمة للمهرجان. ج: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين وبعد، فالمهرجان القرآني لإقليم اشتوكة أيت باها هو تظاهرة تربوية تشرف على تنظيمها جمعية سيدي الحاج الحبيب للتربية والثقافة التي تتواجد بمدينة بيوكرى؛ بتعاون مع الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية- فرع اشتوكة أيت باها- بتنسيق مع مندوبية الأوقاف والشؤون الإسلاميةبالإقليم والمجلس العلمي المحلي بالإضافة إلى المجلس البلدي لبيوكرى وبمساندة فعالة لأساتذة التربية الإسلامية وباقي أعضاء الجمعيتين ،ثم لمحسني المنطقة الذين يعود لهم الفضل بعد الله تعالى في تنزيل فكرته والارتقاء بها من المسابقة الإقليمية إلى مشروع المهرجان الإقليمي القرءان الكريم . س: المهرجان يمكن ان نقول بانه امتداد للمسابقة الإقليمية لحفظ القرآن وتجويده عرفونا بهذه المسابقة أ ولا؟ ج:ان فكرة تنظيم هذه المسابقة نابعة بالأساس من اقتراح بعض الإخوة الفضلاء الغيورين على كتاب الله ، المهجور نسبيا من طرف كثير من شباب هذه الأمة ؛ ومن ثم فأسباب دواعي تنظيم هذه المسابقة تكمن فيما يلي: 1.تحجيم حفظ القرءان وتجويده في المقررات الدراسية التي يخلو معظمها إلا من حصص تحفيظ القرآن الكريم بحيث لا يتجاوز مجمل ما يحفظه المتعلم طيلة مشواره الدراسي خمسة أحزاب وبضعة سور أخرى، على عكس ما كان عليه سابقا. 2.انحصار دور المسجد الذي يعتبر المحضن الأساس لحفظ القران عند أهل المغرب خاصة ، 3.تخلى الآباء عن دورهم في الاهتمام بتحفيظ أبنائهم كتاب الله تعالى وربطهم به وتحبيبه لهم. فجاءت هذه المبادرة الطيبة من أعضاء الجمعيتين فلقيت مساندة المحسنين وكافة الشركاء قياما بأدنى الواجب تجاه القرآن الكريم وأهله؛ وذلك بتشجيع الناشئة على الاهتمام بالقرآن الكريم حفظا، وإتقانه تجويدا تمهيدا للاعتناء بفهم معانيه ومضامينه وتنزيل حدوده وتطبيقها؛ ولم لا تعليمه والدعوة إليه بعد أن يتعلموه ويتقنوا قواعد قراءته، و يتشبعوا بحبه ويرتبطوا به في كل أمور حياتهم. أما عن أهداف هذه المسابقة أيضا فمنها اكتشاف المواهب والحفاظ في صفوف المتعلمين وتشجيعهم على مواصلة الحفظ والضبط، ومكافأتهم على حفظهم واهتمامهم بالقرآن، وتأهيلهم للمشاركة في المسابقات المحلية والوطنية والدولية،وإبرازهم حتى يقتدي بهم وبذلك تتحقق الرسالة الرئيسة للمهرجان ككل. إلى جانب ذلك نسعى أيضا إلى خلق إشعاع ثقافي في المؤسسات التربوية؛ حتى تتمكن من الخروج من رتابة الدروس اليومية المعتادة لتندمج في أجواء تربوية جديدة تحت راية وغطاء القرآن الكريم ويعمها الأجر والاستفادة والتنافس الشريف . س: بما ان هذه المسابقة تستهدف تلاميذ وتلميذات المؤسسات التعليمية نود اعطاءنا فكرة عن الدورات السابقة وعن المراحل التي يمر منها تنظيمها ؟؟ ج: تجدر الإشارة إلى أن النشاط كان سابقا عبارة عن أمسية قرآنية؛ تخصص بالأساس للتباري بين المتأهلين بين تلاميذ وتلميذات مؤسسات التعليم الإعدادي والتأهيلي بالإقليم الذين يتم اختيارهم بعناية في مؤسساتهم الأصلية ،كما تضم الأمسية فقرة مهمة تخصص لتكريم أحد رجالات المنطقة من الشيوخ الذين عرفوا بعطاءاتهم وجهودهم في الاعتناء بالقرءان وتحفيظه، إلى جانب قراءات قرآنية لمشاهير القراء بالإقليم وخارجه. فعلى سبيل الإشارة والتذكير ،فقد شارك في الأمسية القرآنية الأولى اثنا عشر تلميذا وتلميذة، وتوج فيها التلميذ إسماعيل الشاكري من الثانوية الإعدادية حمادي امبارك بيوكرى بالمرتبة الأولى،وتم تكريم الشيخ الفاضل والعالم الجليل سيدي الحاج عبد الله أيت وغوري الصوابي فقيه مدرسة إدا ومنوا.كما تخللت فقرات الأمسية قراءات ندية لثلة من القراء؛ مثل القارئ عمر الحميدي إمام مسجد الباطوار بأكادير، والقارئ المتميز محمد أيت لحس أوعلي إمام مسجد حمزة بحي الداخلةبأكادير. وكذلك في الأمسية الثانية الأمسية الثانية حيث بلغت المؤسسات التعليمية المشاركة إحدى عشرة مؤسسة إعدادية وثانوية؛ انتهت بفوز التلميذ الحسين مكاشي من ثانوية الخوارزمي التأهيلية بخميس أيت عميرة بالمرتبة الأولى،أما فقرة التكريم فخصصت لتكريم الشيخ الحاج محمد أيت سيدي علي فقيه مدرسة بن كمود،كما استمتع الحاضرون لهذا الحفل الديني الكبير بقراءات ماتعة لنخبة من القراء الذين تزخر بهم المنطقة أمثال: عبد الهادي السلي إمام مسجد الشرف بأكادير، والكوكب اللامع محمد أيت لحس أوعلي إمام مسجد حمزة بحي الداخلةبأكادير. اما الأمسية القرآنية الثالثة فتميزت عن سابقتيها باشتراط حفظ سورة الإسراء كشرط للتباري شارك فيها ثمانية متبارين من مختلف مناطق الإقليم ،وفازت برتبتها الأولى التلميذة البارعة -التي بهرت لجنة التحكيم والحاضرين بقراءتها العذبة الشدية- مريم أنور من الثانوية التأهيلية العربي البناي بماسة،كما تميزت بتكريم شيخ قراء سوس سيدي الحاج محمد جميل مبارك الذي تخرج من مقرأته عدد كبير من القراء الكبار. وفيما يخص أمسية هذه السنة فقد حددت اللجنة التنظيمية لها كشرط للمنافسة حفظ سورتي الكهف ومريم،بهدف الرقي بالمنافسات والحرص إتمام حفظ كتاب الله خاصة إذا علمنا ارتفاع قيمة الجوائز المخصصة لهذه الدورة؛ التي تأهل لها تسعة مشاركين يمثلون سبع مؤسسات تعليمية ، وأسفرت عن إحراز التلميذ المقتدر زكرياء اليمني من إعدادية 11 يناير بخميس أيت عميرة للمرتبة الأولى بينما حل التلميذ محمد عمري ممثل الثانوية التأهيلية النخيل ببلفاع ثانيا. أما فقرة التكريم فقد خصصت هذه السنة للإشادة بجهود الشيخ الجليل سيدي الحاج مبارك دريوش فقيه مدرسة تيمزكيداواسيف العتيقة الذي تخرج على يديه العديد من الأطر في مختلف اسلاك الدولة فضلا عن الفقهاء والحفاظ الذين يشتغلون في مناطق مختلفة من المغرب الحبيب وخارجه. س: إضافة لما ذكرت –استاذ- بشأن مضمون الامسية الرابعة ما الذي ميز المهرجان القرآني لهذه السنة عموما؟ ج:في الحقيقة عرف المهرجان لهذه السنة عدة تغيرات جعلته يتميز عن الأمسيات القرآنية السابقة، ويمكن تصنف هذه التغيرات إلى مجالات مختلفة: فمن الناحية التنظيمية والموضوعية: فقد تحول النشاط عامة من مجرد أمسية للتباري بين المشاركين ،إلى مهرجان يهتم بكل مايتعلق بالقرآن؛ امتد ليومين اثنين. خصصت صبيحة اليوم الأول منهما لندوة علمية حول القرآن الكريم ومنهجية التعامل معه، والاستفادة منه وفهمه وتنزيله، ودوره في الحياة العامة والخاصة للمسلمين؛ تفضل بإلقائها الشيخ الجليل والعالم الأصولي أبي الطيب مولود السريري فقيه مدرسة تينكرت العتيقة بجماعة إفران الأطلس الصغير إقليمكلميم. امافترته المسائية فتميزت بقراءات شدية وماتعة لثلة من القراء؛ الذين جاءوا من مختلف مناطق المغرب؛ بحيث افتتحت الأمسية بمشاركة طيبة للقارئ رضوان عابدي - وهو إمام مرشد بالإقليم- الذي أمتع الحاضرين بقراءته الندية،ثم تلاه القارئ يونس صويلس الذي حل ضيفا على المهرجان من مدينة سلا، كما استمتع الحاضرون لهذه الأمسية بعبق ورود القرآن ورياحينه من فم القارئ أحمد أبو الحارث الذي جاء من مدينة أكادير،ليفسح المجال بعدها لقراءة جماعية مرتلة لطلبة مدرسة إغرايسن العتيقة. وفي اليوم الثاني كان جمهور بيوكرى والمناطق المجاورة لها وعامة الحاضرين على موعد مع الأمسية القرآنية الختامية ؛ التي حج إليها جمهور غفير غصت به قاعة المركب الثقافي البلدي ببيوكرى، ليسدل الستار عن المهرجان القرآني الرابع مخلفا آثارا طيبة في نفوس الحاضرين الذين نوهوا بالجهود المباركة التي بذلت في تنظيمه وإنجاحه. وبالموازاة مع فعاليات المهرجان أقيم معرض للكتاب أسهم في تأثيث فضاءاته كل من مكتبة الأوقاف بأكادير ومكتبة سوس بعين المدينة؛ بالإضافة إلى مؤلفات الشيخ مولود السريري. وعلى المستوى الإعلامي: فقد تطورت سمعة وإشعاع المهرجان حيث حضي بتغطية الإعلامية تميزت بحضور القناة السادسة الفضائية على مدى يومين ، كما عملت اللجنة الإعلامية مشكورة على إشهار المهرجان عن طريق نشر ملصقاته ولافتاته على أوسع نطاق، بمساعدة الإعلام المحلي والوطني الذي قام مشكورا بتتبع أطوار المهرجان ونشر أخباره قبل وبعد انعقاده. وقد أثمر كل ذلك حضورا مكثفا ونوعيا مقارنة بالسنوات الماضية؛ بالإضافة إلى الشهرة التي حضي بها المهرجان والصدى الطيب الذي خلفه على الصعيد المحلي والجهوي والوطني. س : بعد هذا النجاح الذي أشرتم إليه كيف تجاوزتم الاكراهات التي واجهتكم في سياق الإعداد لهذا النشاط؟ ج: من الطبيعي أن نواجه إكراهات ومصاعب في عمل كهذا؛فطريقه ليست ممهدة ولامفروشة بالورود، واللجنة التنظيمية واعية بهذا الأمر منذ البداية؛ لذلك شمر أعضاؤها عن سواعد الجد مؤازرة بعد الله عز وجل، بالإصرار والعزم ودعم المحسنين. ولا يخفى على أي إنسان أن أول إكراه واجهته اللجنة التنظيمية للمهرجان؛ هو إكراه مالي صرف، فالجمعيتان المشرفتان على المهرجان كما تعلمون جمعيتان مدنيتان لاتمتلكان مداخيل قارة باستثناء الإنخراطات السنوية لأعضائهما وما يسمح به القانون ، ومع ذلك استطعنا بعون الله تخطي هذا الإكراه بفضل جهود الأعضاء والمحسنين. س:بعد إسدال الستار عن الدورة الرابعة لمهرجانكم؛ وبصفتكم المشرف العام للمهرجان ، ما تقيمك لبرنامجه وأداء المتنافسين في أمسيته الختامية؟ ج: في حقيقة الأمر تقييم المهرجان وبرنامجه في العادة يوكل للمتتبعين لا إلى المنظمين؛ ولكن مادام السؤال قد طرح فإننا والحمد لله راضون بنسبة كبيرة – حتى لا نصاب بالعجب والغرور- على نجاح هذا المهرجان ولا أدل على ذالك من الكم الهائل من الحاضرين الذين تتبعوا فقراته منذ اليوم الأول، كم أننا اعتمدنا في هذا الحكم على ارتسامات الحاضرين الذين نوهوا بهذا العمل، ومع ذالك نقول بأن هناك هفوات و أخطاء وقعت فالكمال لله وحده وكفى بالعمل نجاحا أن تنحصر أخطاؤه وتتعدد نجاحاته، ونأمل أن نتجاوز هذه الأخطاء في الدورات اللاحقة بإذن الله تعالى. أما مستوى المتبارين فإننا نلاحظ تحسنا مستمرا في الأداء، سنة بعد أخرى، وهذا يدل على أن بعض الأهداف المسطرة للمسابقة قد بدأت تتحقق بفضل الله تعالى. فهذه السنة كان مستوى المشاركين ممتازا، ولقي استحسان لجنة التحكيم والحاضرين معا،وهذا دليل على الجهود التي بذلها المشاركون وآباؤهم ومؤطروهم ونسأل الله أن يجازي الجميع. س : اخيرا استاذ نسألكم قبل الختام عن الآفاق المستقبلية لهذا المهرجان؟ ج: نطمح بعون الله وتوفيقه أن يتطور المهرجان وان تتظافر الجهود لدعمه وإنجاحه ويؤتي ثماره ويتحول إلى مهرجان وطني ، فما ذلك على الله بعزيز، كما نأمل أن تتعدد فروع مسابقاته لتشمل الحفظ والتجويد والقراءات وتنفتح على التعليم العتيق والعام بكل أسلاكه،ويشمل أيضا عموم الناس . ولكن كل هذه الطموحات رهينة بوجود دعم مالي متواصل ومنتظم؛ ولا تكفي في ذلك جهود المحسنين؛بل لابد من دعم رسمي لهذا المهرجان كما تدعم مهرجانات أخرى، لذا نأمل أن يمول مهرجاننا من طرف المجالس البلدية للإقليم والمجلس الإقليمي؛ حتى يتحول هذا المهرجان إلى منقبة ومفخرة يعتز بها إقليم اشتوكة أيت باها كما يعتز بفقهائه ومدارسه العلمية العتيقة. بدورنا نشكركم على توضيحاتكم ونبارك لكم جهودكم ونتمنى لكم التوفيق . حاروه الاستاذ : محمد ادوحموش