استمرارا لأنشطتها التنويرية والإشعاعية، ومواكبة للنقاش اليومي والعمومي حول القضايا الآنية والمجتمعية، وافتتاحا لبرنامجها السنوي للموسم الاجتماعي 2012/2013 نظمت جمعية تيماتارين الثقافية والاجتماعية مائدة مستديرة حول موضوع : "المدرسة المغربية وأسئلة تعليم اللغة الأمازيغية" يوم السبت 20 أكتوبر بالمركب الثقافي الرايس سعيد أشتوك بمدينة بيوكرى . المدرسة المغربية هذا المشتل الهش بتوالي الأزمات وكثرة الإصلاحات والترقيعات. ومشروع تدريس اللغة الأمازيغية، ذاك الورش الكبير المفتتح رسميا منذ 2003 والذي لم يخطو بعيدا حتى بعد مرور تسع سنوات على انطلاقه، وبالرغم من أهمية وآنية الشروع في التنزيل. المائدة المستديرة كانت من تأطير الأستاذ الحسين اد بنهمو (أستاذ التعليم الابتدائي ومجاز في الدراسات الأمازيغية) والأستاذ لحسن دامولاي (حاصل على ماستر اللغة والثقافة الأمازيغيتين، مستشار بمكتب جمعية تيماتارين، عضو مؤسس لتنسيقية تينمل للدفاع عن تدريس اللغة الأمازيغية، عضو التنسيق الوطني لخريجي مسلك الدراسات الأمازيغية). بعد الكلمة الإفتتاحية لمسير المائدة المستديرة كانت البداية مع مداخلة الأستاذ الحسين إد بنهمو تحت عنوان :"اللغة الأمازيغية بالمدرسة المغربية: الواقع والآفاق" استهلها بالحديث عن مرجعيات التدريس أو عن السياق التاريخي لهدا التدريس الذي تأتى بشكل رسمي سنة 2003 إلا أن هناك بوادر أخرى لتدريس اللغة الأمازيغية من طرف بعض الهيئات المدنية و كدا تجربة برنامج "مدرسة كوم"، مقدما تأريخا كرونولوجيا لتجربة التدريس الرسمي للغة الأمازيغية، بعرض لوضعية تدريس الأمازيغية خلال برنامجي الميثاق الوطني للتربية و التكوين و كدا البرنامج الاستعجالي. ثم انتقل لتشخيص واقع تدريس اللغة الأمازيغية بالمدرسة المغربية: إذ خلص إلى أنه واقع مطبوع بالفشل، ما تثبته حتى الإحصائيات الرسمية التي تؤكد على ضعف تدريس اللغة الأمازيغية، وكحل بديل أكد الأستاذ على ضرورة وآنية إحداث تخصصات تدريس اللغة الأمازيغية، إذ يرى في الأستاذ المتخصص مدخلا لإصلاح هذا الورش لتفادي إشكالات ضعف التكوين و صوريته وتجاوز عائق تقسيم الزمان المدرسي بين المواد . إختتاما لمداخلته تحدث عن تجربته داخل خلية تدريس اللغة الأمازيغية بنيابة وزارة التعليم بإقليم أشتوكن أيت باها، هذه الخلية المحدثة بين أساتذة ممارسين وأطر إدارية وضعت تصورا لمسألة التخصص في تدريس اللغة الأمازيغية وستتم أجرأته بجماعة الصفا ثم بمدينة بيوكرى وبلفاع وأيت باها، من أجل الدفع بمكسب تدريس الأمازيغية وتحسين ظروفه . المداخلة الثانية كانت للأستاذ لحسن دامولاي حول تدريس اللغة الأمازيغية بالمستويين الأساسي والجامعي: واقع وإكراهات، ركز في شقه الأول على واقع التعليم الأساسي الذي تؤطره مدرسة مأزومة لا تتوافق والواقع المغربي، إذ أن هذه المدرسة لم تنبني على قراءة واقعية ما جعلها مؤسسة على مبادئ لا تتوافق وهذا الواقع . ثم انتقل للحديث عن أهم البرامج الإصلاحية الموجهة للمدرسة العمومية إذ أنها اتخذت منحى ترقيعي أدى إلى فشلها وأسقط المدرسة في دوامة إصلاح الإصلاحات (المجيء بالمخطط الاستعجالي، الذي فشل كذلك لإصلاح الميثاق الوطني للتربية والتكوين) و بالإنتقال للشق الثاني من المداخلة الذي تناول واقع و إكراهات التدريس بالمستوى الجامعي، هذا الورش الذي انطلق معوجا سنة 2007 بكل من أكادير ووجدة ثم سنة 2008 بفاس، بدأ بداية متعثرة بكونه مسلك لا شعبة، وإنتهى بتخرج مئات الطلبة حاملين لإجازات لا موقع لها بسوق الشغل، وحتى إن توفرت منافذ الإدماج في الوظيفة فهي لا تتلائم أبدا وطبيعة التكوين بالنسبة لهؤلاء، في حين يتعالى الخطاب الرسمي متحدثا عن خصاص في ميادين تدريس اللغة الأمازيغية. خلص الأستاذ لحسن دامولاي إلى أن مشروع تدريس اللغة الأمازيغية بالمستويين الأساسي والجامعي مشروع تغيب عنه الإرادة السياسية ويميزه اختلاق العراقيل من طرف أعداء هذا المشروع من القوى السياسية التقليدية و الإسلاموية، وحدد تجليات غياب الإرادة السياسية في مجموعة من النقاط من بينها : التراجع عن التعميمين الأفقي و العمودي، و كذا تغييب وحدة اللغة الأمازيغية بين الوحدات الديداكتيكية في موقع الوزارة الوصية و تغييبها كمادة يمتحن عليها في الامتحانات الاشهادية، علاوة عن غياب شعبة للدراسات الأمازيغية و الاكتفاء بالمسلك و انعدام منافد إدماج لخريجي هذا المسلك، فيما يطرح بشدة مشكل ضعف التكوين، تكوين الأساتذة و تكوين المكونين. في الأخير أعطيت الكلمة للحضور من خلال مداخلاتهم التفاعلية التي استنكرت وضع تدريس الأمازيغية، و أجمعت على ضرورة مواصلة الجهود للدفع قدما بهذا المشروع، اد أنه قبل أي شئ هو استجابة لحق أساسي من حقوق الشعب المغربي.