مجلس النواب يصادق بأغلبية 171 برلمانيا ومعارضة 56 على مشروع قانون المالية لسنة 2025    جدد دعم المغرب الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة :جلالة الملك يهنئ الرئيس الفلسطيني بمناسبة العيد الوطني لبلاده    المغرب: زخات مطرية وتياقط الثلوج على قمم الجبال ورياح عاصفية محليا قوية اليوم وغدا بعدد من الأقاليم    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكشف عن قائمة الأسماء المشاركة في برنامج 'حوارات'    خناتة بنونة.. ليست مجرد صورة على ملصق !    محكمة فرنسية تأمر بالإفراج عن الناشط اللبناني المؤيد للفلسطينيين جورج عبد الله بعد 40 عاما من السجن        إجلاء 3 مهاجرين وصلوا الى جزيرة البوران في المتوسط    البرلمانيين المتغيبين عن أشغال مجلس النواب يقدمون مبررات غيابهم ويؤكدون حضورهم    حماس تعلن استعدادها لوقف إطلاق النار في غزة وتدعو ترامب للضغط على إسرائيل    مكتب الصرف يطلق خلية خاصة لمراقبة أرباح المؤثرين على الإنترنت    جثة عالقة بشباك صيد بسواحل الحسيمة    حماس "مستعدة" للتوصل لوقف لإطلاق النار    لوديي يشيد بتطور الصناعة الدفاعية ويبرز جهود القمرين "محمد السادس أ وب"    "السودان يا غالي" يفتتح مهرجان الدوحة    هذه اسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    قتلى في حريق بدار للمسنين في إسبانيا    اقتراب آخر أجل لاستفادة المقاولات من الإعفاء الجزئي من مستحقات التأخير والتحصيل والغرامات لصالح CNSS    المركز 76 عالميًا.. مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية يصنف المغرب ضمن خانة "الدول الضعيفة"        كارثة غذائية..وجبات ماكدونالدز تسبب حالات تسمم غذائي في 14 ولاية أمريكية    الطبيب معتز يقدم نصائحا لتخليص طلفك من التبول الليلي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    "خطير".. هل صحيح تم خفض رسوم استيراد العسل لصالح أحد البرلمانيين؟    التوقيت والقنوات الناقلة لمواجهة الأسود والغابون    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    مدينة بنسليمان تحتضن الدورة 12 للمهرجان الوطني الوتار    بمعسكر بنسليمان.. الوداد يواصل استعداداته لمواجهة الرجاء في الديربي    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    رصاصة تقتل مُخترق حاجز أمني بكلميمة    الأحمر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    نفق طنجة-طريفة .. هذه تفاصيل خطة ربط افريقيا واوروبا عبر مضيق جبل طارق    رئيس الكونفدرالية المغربية: الحكومة تهمش المقاولات الصغيرة وتضاعف أعباءها الضريبية    وليد الركراكي: مواجهة المغرب والغابون ستكون هجومية ومفتوحة    ترامب يواصل تعييناته المثيرة للجدل مع ترشيح مشكك في اللقاحات وزيرا للصحة    فيضانات إسبانيا.. طبقا للتعليمات الملكية المغرب يعبئ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني    تصريح صادم لمبابي: ريال مدريد أهم من المنتخب            الأردن تخصص استقبالا رائعا لطواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية    وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر 101 عاما    أسعار النفط تتراجع وتتجه لخسارة أسبوعية    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    جدعون ليفي يكتب: مع تسلم ترامب ووزرائه الحكم ستحصل إسرائيل على إذن بالقتل والتطهير والترحيل    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارتفاع الأسعار، بين جيوب المواطنين المثقوبة وضرورة تقاسم العبء

عندما تتخذ أية حكومة في العالم قرارا برفع أسعار المحروقات في البلد، فهي تدرك جيدا أنها اتخذت قرارا سيئا، سيرجع بالأثر السلبي على صورتها وشعبيتها لدى من انتخبوها. وسيدفع لا محالة إلى ارتفاع في باقي الأسعار، بسبب زيادة تكلفة الإنتاج المرتبطة بشكل أساسي بالنقل. بحيث أن اتخاذ مثل هذا القرار يكون دائما مسبوقا بدراسة دقيقة تتوخى معرفة آثار مثل هذا الإجراء على الاقتصاد الوطني وعلى القدرة الشرائية. ويكون هدف مثل تلك الخطوة في الغالب هو تعبئة المزيد من الأموال للرفع من الاستثمار العمومي، بما قد يؤدي إلى إعادة تحريك النمو، ويمكن المواطنين قبل انصرام الولاية الحكومية من تسجيل تحسن في أوضاعهم الاقتصادية ولو بشكل طفيف. مما قد يدفع إلى اعتبار مثل تلك الخطوة نوعا من المساهمة الجماعية في إطلاق النمو الاقتصادي، غير أن المتوقع في مثل هذه الحالة هو أن المساهمة في المجهود الاقتصادي الوطني، مسؤولية يجب أن يتقاسمها الجميع بشكل متساو، وليس بإلقاء العبء في كل مرة على جيوب الفقراء فقط.
ولأن الوضع الاقتصادي في بلدنا لا يمكن قراءته دائما وفق المنطق الطبيعي للسوق، فإنه بمجرد تسجيل زيادة في أسعار المحروقات، حتى ارتفعت في نفس اليوم أسعار العديد من المواد، حتى تلك التي ليس لها ارتباط وثيق بسعر البنزين، وحتى بفرض وجود هذه العلاقة عند بعضها، فإن العديد من المواد عرفت زيادات بنسب مأوية لا تلائم إطلاقا نسبة الزيادة المسجلة في أسعار المحروقات. وإذا كانت الحكومة قد بررت مثل هذه الزيادة بتوفير موارد إضافية للاستثمار العمومي، وأيضا لتجاوز نفاذ مخصصات المقاصة، ومواصلة العديد من الأوراش، وتحريك عجلة النمو المتأثر بالظرفية الصعبة المتسمة بالجفاف، وتراجع مداخيل السياحة الناجمة عن الأزمة الاقتصادية في أوروبا، وتفاديا للجوء إلى المزيد من القروض. فإن الدفاع عن مثل هذا الإجراء المؤلم لميزانيات الأسر، يستوجب العديد من الأمور المرافقة لمثل هذه الزيادات. حتى يكون لدى المواطن خيارات أخرى لموازنة اقتصاده المنزلي، ولعل أول الإجراءات التي تحد من أثر الفاتورة الطاقية على ميزانية الدولة هي في توفير نقل عمومي مناسب لعموم المرتفقين، فعدد من الدول الأوروبية التي تتوفر على نقل عمومي مناسب بمدنها ومتنوع العرض، يدفع نسبة كبيرة من المواطنين في هذه الدول إلى ركن سياراتهم جانبا، والتوجه إلى مراكز عملهم بواسطة وسائل النقل العمومية. وهكذا تحقق الدولة هدف التقليص من استهلاك الوقود والحفاظ على البيئة، وأيضا خفض الشعور بالفوارق بين المواطنين في الفضاء العمومي. وهذا النقل العمومي الجيد والمتنوع يغيب في بلدنا، حيث لم يسجل تحسن كبير على قطاع النقل العمومي، باستثناء بعض المدن الكبرى. إضافة إلى ذلك فإن عددا من الدول الغنية مثل سويسرا لا تتردد في فرض ضريبة إضافية على السيارات الفارهة المستهلكة بكثرة للوقود، وتمنح في المقابل مكافئات للذين يختارون ترك سياراتهم خارج المدار الحضري والتنقل عبر النقل العمومي.
ولأن هذه الزيادة في المحروقات جرى تبريرها بالحيلولة دون نفاذ مخصصات صندوق المقاصة، فإن الحكومة لم تقم حتى الآن بأية خطوة عملية لإصلاح طريقة تقديم الدعم وتوجيهه نحو الفئات المستهدفة. فالعديد من الدراسات، التي سبق الإعلان عنها، أكدت أن النسبة التي تصل المستهدفين أصلا من إحداث الصندوق أقل بكثير من النسبة التي تصل إلى بعض الشركات المستفيدة. وقد جرى اقتراح العديد من الصيغ لتجاوز ذلك، ومن بينها تقديم دعم مالي مباشر للمعنيين بالأمر كما هو المعمول به في دولة مثل البرازيل. لكن الأكيد من ذلك، أن إصلاح هذا الصندوق يجب أن يجاوره تحرير استيراد العديد من هذه المواد الأساسية التي تشكل عنصرا أساسيا في المائدة الصغيرة للمواطنين، وسيؤدي تحريرها إلى وفرة المعروض الذي يعني انخفاض السعر.
ولكي تبرهن الحكومة أنها تقاسم الشعب عبأ الزيادة في الأسعار، وضريبة القرارات الاقتصادية المؤثرة على القدرة الشرائية للمواطن. يتوجب عليها العمل على التقليص من مظاهر الترف العمومية التي تستنزف ميزانيات كبيرة في كل القطاعات، وذلك على غرار المعمول به، في أوقات الأزمة، بعدد من الدول التي تحترم معاناة مواطنيها وتبرهن لهم عن تقاسمها معهم الآم الأزمة الاقتصادية ومعاناتها. وإن العمل بجوار ذلك على تقليص الأموال المهدورة بسبب الفساد، ومحاربة اقتصاد الريع، وهيكلة القطاعات غير المندمجة في النسيج الاقتصادي، وعدالة توزيع الوعاء الضريبي الوطني حسب الدخل. كل هذه الإجراءات، ستمكن من توفير وتعبئة الموارد الكافية لتنفيذ البرامج الحكومية بشكل مريح، دون الحاجة إلى إرهاق الجيوب المثقوبة للأسر بالمزيد من الزيادات في الأسعار كل مرة. طبعا هذه الإجراءات لا يمكن أن تتحقق بين لحظة وأخرى، غير أن الشروع في ذلك هو أول الطريق نحو النمو الاقتصادي والاجتماعي المنشود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.