دعوة للعمل وتجاوز الخلافات المذمرة تعيش بعض دواوير اقليم اشتوكة أيت باها شللا كبيرا بسبب توقف مجموعة من المشاريع التنموية التي تم انجازها في السنوات الأخيرة، من طرف الجمعيات وبدعم من شركاء آخرين، وهو توقف نتجت عنه مجموعة من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة أساسا في الارتباك الذي عرفته المنظومات المائية المزودة للسكان بالماء الشروب. وهو ما يهدد هذه الساكنة بأزمة عطش مفتوحة. بالإضافة إلى توقف مشاريع كانت إلى الأمس القريب تخلق فرصا للشغل، وتساهم في الدينامية الاقتصادية لهذه المناطق. والمتأهل لهذه الوضعية، الني ليست حكرا على الجماعة المذكورة سيصل إلى قناعة مؤسفة، وهي أن العمل الجمعوي والمسار التنموي الذي ارتبط به، قد وصل إلى الباب المسدود. وأصبح يعيش حالة توقف، وانتظارية قاتلة في كثير من مناطق الإقليم état de blocage. وهي وضعية تدخلت مجموعة من العناصر الذاتية والموضوعية في حدوتها خصوصا تأزيم العلاقة بين طرفين يفترض فيهما التكامل، وهما الجماعات المحلية والجمعيات، وبروز طموحات غير مفهومة لاحتواء التجارب الناجحة، ومحاولة الاستفادة من منجزاتها، هذا دون إغفال التوظيف السياسوي للعمل الجمعوي وإسقاطه في متاهات البرغامتية الضيقة. إن الخروج من هذه الدوامة التي تهدد كل المكتسبات التي حققتها التجارب الجمعوية بالإقليم، يمر عبر التزامات قانونية وتدبيرية وأخلاقية وتنموية. 1- الالتزامات القانونية: إذ كل مؤسسة تشتغل في إطار القانون والجمعيات ملزمة في كل الحالات بالعمل على احترامه، في كل التأسيس والعمل وإنجاز المشاريع. وعند الجموع العامة وتنظيم العلاقة مع الشركاء، خصوصا الجماعات المحلية وهي علاقة يجب أن تكون واضحة وشفافة ومبنية على تكامل الأدوار دون الدخول في صراعات مراطونية تغذي منطق الإقصاء وتدبير الآخر. إن منطق الشراكة هو الذي ينظم هذه العلاقة ويحميها من السلطوية والشخصنة، كما أن التداخل بين العمل الجماعي والجمعوي يقود إلى كثير من المنزلقات. 2- التزامات تدبيرية، وذلك بتغليب منطق الشفافية واقتران المسؤولية بالمحاسبة وترصين العمل الجمعوي من أشكال العشوائية وبدائية التسيير، وتحويل الجمعيات إلى مؤسسات منظمة ومهيكلة وليست كيانات أسروية أو فئوية أو حزبية. 3- التزامات أخلاقية وهي الدعامة الأساسية التي ينبني عليها العمل لبجمعوي منذ عشرات السنين، ومنحته المصداقية التي ضمنت لتجاربه ورموزه النجاح والإشعاع. وهي للأسف مصداقية أصبحت تتراجع إلى الوراء في عدد من التجارب تاركة المجال أمام التوظيف الشخصي أو السياسوي لتحقيق مكاسب ظرفية. وفي هذا السياق فإن الدعوة إلى إعادة الاعتبار لأخلاقيات العمل الجمعوي يبدو مدخلا أساسيا للخروج من هذا النفق المسدود. وهو التزام مرهون بانضباط جميع الفرقاء. 4- التزامات تنموية: إن العمل الجمعوي وجد لتحريك عجلة التنمية الواقفة في عدد من المناطق وهو رهان تم كسب الكثير من عناصره ولعل المهلة الرقمية لمنجزات المرافق الأساسية من طرق وكهرباء وماء شروب وخدمات صحية وتعليمية ومرافق سوسيو ثقافية، وأنشطة مدرة للدخل تكشف بالملموس أن المجتمع المدني بهذه الربوع شكل رقما أساسيا في معادلة التنمية. إلا أن وضعية الأفق المسدود blocage الذي تعرفه بعض التجارب الجمعوية يطرح سؤالا مقلقا حول مستقبل المنجز الجمعوي بالإقليم. ويجعله في مهب الريح، وهو تخوف تبرره حالة الاحتقان الذي تعيشه بعض الدواوير، نتيجة صراع بين الجمعيات والجماعات وهي أحيانا صراعات تكتسي طابعا شخصيا لا يستند إلى مبررات معقولة. إن الاختصاصات التنموية واضحة ولا يمكن التغاضي عنها تحت أي مبرر كان. والظرفية تستدعي إعادة الاعتبار للعمل الجمعوي بالإقليم، وحشد قواه للانخراط في التحديات التنموية المعقدة التي تعرفها كل مناطق الاقليم وهي ظرفية تستدعي كل القوى الفاعلة والحية والجادة. مع تغليب منطق المصلحة العامة، وتجاوز هواجس الإقصاء والهيمنة. فالعمل التنموي تتسع بشكل يسمح للجميع بالانخراط فيه.