وصل ظهر الخميس 3 يونيو 2010 إلى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء أربعة من المتضامنين المغاربة الذين شاركوا في أسطول الحرية الذي تعرض لجريمة قرصنة دموية إسرائيلية في المياه الدولية فجر الإثنين، مما أسفر عن استشهاد 19 ناشطا مدنيا أغلبهم أتراك وجرح أزيد من خمسين آخرين.وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد أطلقت ليلة الثلاثاء – الأربعاء سراح قرابة 126 ناشطا عربيا بينهم سبعة مواطنين مغاربة ونقلتهم إلى الأردن عبر جسر الملك حسين، وعلمت ”التجديد” أن المغاربة السبعة وجدوا في استقبالهم لدى وصولهم إلى الأردن السفير المغربي في الأردن حسن عبد الخالق، كما تم نقلهم إلى أحد الفنادق بالعاصمة عمان على نفقة العاهل الأردني، في انتظار اتخاذ الإجراءات اللازمة لعودتهم إلى أرض الوطن، كما منحت شركة الاتصالات الأردنية هواتف للناشطين العرب حتى يتمكنوا من الاتصال بعائلاتهم. والمغاربة السبعة الذين نقلوا إلى الأردن هم الدكتور عبد القادر اعمارة، البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، وعبد الصمد فتحي، رئيس الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، والمهندس حسن الجابري، عضو لجنة العلاقات الخارجية لجماعة العدل والإحسان، ولطفي حساني، عضو مجلس إدارة الهيئة العربية لإعادة إعمار غزة، وسيصل هؤلاء إلى المغرب على الساعة الواحدة بعد الزوال، فيما يفترض أن تكون الصحفية وسيمة بن صالح قد غادرت الأردن نحو تركيا حيث تقيم ، في حين ستتجه المغربية كنزة اليزناسني والتي تحمل الجنسية البلجيكية إلى بلجيكا، فيما لم نتوصل إلى هوية المتضامن المغربي السابع وكشف عبد القادر اعمارة في اتصال أجرته ”التجديد” معه يوم الأربعاء 2 يوني و2010 عن الهمجية التي تعامل بها الكوماندوس الإسرائيلي مع المتضامنين الذين كانوا ينقلون مساعدات إنسانية إلى غزة. وقال اعمارة إن المتضامنين من مختلف الدول كانوا يتوقعون منعهم أو تأخيرهم أو محاصرة الأسطول أو أن يطلبوا منهم العودة، ولكن ”لم يكن يدور في خلدنا ما وقع”. ومضى اعمارة يروي تفاصيل الهجوم العسكري الإسرائيلي واعتقال المتضامنين، فقال: ”بعد اقترابنا من غزة وعندما كنا في المياه الدولية يوم الأحد 30 ماي 2010 ؛ بدأت بعض الزوارق تهاجمنا على الساعة العاشرة ليلا، وحاول الجنود على متنها الصعود إلى السفن لكننا منعناهم، فأعادوا المحاولة بعد صلاة الفجر”. وأضاف اعمارة: ”كان إعلان حرب حقيقي، فقد هاجمتنا 7 أو 8 زوارق بحرية وحوامات عسكرية فيها جنود مدججون بمختلف أنواع الأسلحة، وأطلقوا علينا الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع”، لكن أخطر لحظات الهجوم كانت حينما أدرك المتضامنون أن الجيش الإسرائيلي استعمل الذخيرة الحية، وتأكد ذلك مع سقوط أول ثلاث قتلى وكانوا من الأتراك، ”في هذه اللحظة تأكدنا أنها مجزرة فطلبنا من الجميع النزول إلى الطابق السفلي من السفينة” يقول اعمارة بأسف ويتابع: ”بعد ذلك هاجم الجنود الصهاينة السفينة وأخذونا إلى السطح، وتم تفتيشنا وتقييدنا وطلبوا منا أن نجثوا على ركبنا دون أن يكون لنا الحق في الحركة أو الكلام، وبقينا جاثين لساعات”، ويضيف كذلك: ”بالنسبة لي أجلسوني على بركة من الماء وأنا مقيد وجاث على ركبتي، وبقيت على هذا الوضع لساعات دون أن يسمحوا لنا بالذهاب إلى دورة المياه ودون أن يراعوا كبار السن”، بعدها، يقول اعمارة إنهم أخذوهم إلى ميناء أسدود في رحلة استمرت من الحادية عشر صباحا إلى السادسة مساء، ليبدأ مسلسل جديد من الإذلال: ”أنزلونا من السفينة مقيدين وتحت أضواء الكاشفات والكاميرات وكأننا مهاجرون غير شرعيين، بعد ذلك تم تفتيشنا مرة أخرى وأخذوا بصماتنا وصورنا ثم كدسونا في شاحنات تفتقر إلى الهواء وذهبوا بنا إلى السجن”، وطيلة هذه الرحلة لم يسمح الجنود الإسرائيليون للمتضامنين بالأكل أو الشرب أو الراحة أو حتى قضاء الحاجات الأساسية. ويشير الدكتور عبد القادر اعمارة أن سلطات الاحتلال حاولت إجباره على التوقيع على أوراق مكتوبة بالعبرية، لكنه رفض التوقيع على أي ورقة قبل أن تتم ترجمتها إلى اللغة العربية، لكنه أدرك أن الأوراق التي قدموها له تتضمن إقرارا بأنهم مهاجرون غير شرعيين، ويتعهدون بعدم العودة إلى إسرائيل. ويقول اعمارة إنه عاد إلى الأردن بلباسه الرياضي فقط، وذلك بعد أن أخذ جنود الاحتلال حاسوبه الشخصي وأوراقه الخاصة وهاتفه النقال، ولم يتمكن سوى من إخفاء هاتف آخر كان بحوزته. وأوضح أن الضغط الذي مارسه الإعلام هو الذي جعل الحكومات والشعوب تدخل على الخط ووضع إسرائيل في حرج أمام المجتمع الدولي. ونفى اعمارة ما راج من أنباء حول احتمال إصابة المغربية كنزة اليزناسني برصاص الاحتلال، موضحا أنها تعرضت فقط للتعنيف وأنها ستعود إلى بلجيكا، وتابع ””قلنا لهم لقد جئنا هذه المرة 600 شخص والسنة المقبلة سنأتي بالآلاف”.