شكلت نتائج الاستحقاق الانتخابي على مستوى الدوائر الكبرى لجهة سوس ماسة مفاجأة للعديد من المتتبعين للشأن السياسي، محليا ووطنيا، فالتخمينات التي سبقت الاقتراع رسمت صورة مخالفة تماما لما أصبحت عليه الخريطة السياسية في صباح اليوم الموالي للانتخابات البرلمانية على مستوى الجهة. فعلى مستوى دائرة أكادير، خلق حزب العدالة والتنمية المفاجأة بحصوله على مقعدين، متبوعا بالاتحاد الاشتراكي وحزب التجمع الوطني للأحرار، وهي النتيجة التي ظهرت إلى حدود الساعة الحادية عشرة صباحا من يوم أمس السبت، في حين لازالت لم تعرف نتيجة ما يقارب عشرة مكاتب للتصويت. وخلافا لما كان متوقعا، لم يتمكن حزب الاستقلال في أكادير من الظفر بمقعد. أما مرشح الحركة الشعبية، فرغم الحملة الانتخابية التي قيل عنها إنها كانت استعراضية وباذخة، فإنه مني بهزيمة قاسية بحصوله على ما يقارب 200 صوت فقط في آخر حصيلة مؤقتة. أما بقية اللوائح التي قاربت ستة عشره لائحة في المجموع، فلم يتمكن أغلبها من تجاوز عتبة مائة صوت. وفي زيارة لمقر حزب الاتحاد الاشتراكي ليلة فرز النتائج، لوحظ تجمع لمجموعة من مناضلي الحزب في حالة ترقب للنتائج، إلا أنه بعد منتصف ليلة الجمعة بدأ الاستياء يعلو وجوه أعضاء الحزب بعد توالي نتائج وصفت ب«العقابية» لطارق القباج في كل من حي أنزا وأغروض أورير وبن سركاو، حيث اعتبر بعض أعضاء لائحة القباج أن مأتى هزيمتهم في هذه الأحياء هو التصويت العقابي بسبب العديد من المشاكل التي عرفتها هذه الأحياء، وكذا بسبب عدم قدرة القباج على التواصل الإيجابي مع سكانها. وقد بدا المشهد السياسي على مستوى دائرة أكادير إداوتنان مليئا بالدلالات السياسية التي ستكون موضوع تحليل للفرقاء السياسيين، خاصة العدالة والتنمية الذي فاجأته النتائج وجعلت مقره في شارع المقاومة يعرف أجواء احتفالية بالنتائج الإيجابية التي اعتبرها مناضلوه رسالة قوية من سكان الدائرة مفادها أنهم هم الأمل الأخير في التغيير، حسب تعبير بعض مناضلي الحزب. أما على مستوى دائرة إنزكان أيت ملول فقد كانت التوقعات قبل يوم الجمعة الماضي تمنح مقعدا للعدالة والتنمية وآخر للاتحاد الاشتراكي وثالثا لرئيس جماعة القليعة، إلا أن المفاجأة كانت صادمة للجميع، فمرشح الاتحاد الاشتراكي الذي كانت تمنحه التوقعات مقعدين اندحر إلى الرتبة الثالثة بعد العدالة والتنمية التي حصدت مقعدين. وذكرت التحليلات أن رئيس كبرى البلديات على مستوى دائرة إنزكان أيت ملول، والمتمثلة في بلدية أيت ملول، تلقى ضربة قاضية في كل من حي المزار الذي صوت تصويتا عقابيا ضد الحسين أضرضور، إلى درجة أنه لم يتمكن من حصد أصوات في معقل نفوذه بالحي الصناعي في آيت ملول حيث توجد أعداد كبيرة من اليد العاملة الفلاحية التي تشتغل في محطات التلفيف والتي يعتبر أضرضور من كبار منتجي الخضر والفواكه بها، كما يبدو أن هذا الأخير لن يقيم طويلا في مقعده في البرلمان إذا ما تم الأخذ بالطعن الذي تقدم به حزب العدالة والتنمية بسبب الانتماء السياسي المزدوج لوصيفه في اللائحة. كما مني حزب الاستقلال بخسارة بالغة بعد منح تزكية الاستحقاقات للنائب التاسع لرئيس بلدية إنزكان والذي كان بالأمس القريب منسق حزب الاتحاد الدستوري في المجلس البلدي لإنزكان وأحد أكبر المنعشين العقاريين على مستوى المدينة وتصفه نقابات التجار بكونه أحد أعمدة لوبي العقار في إنزكان. لكن الصدمة العنيفة كانت هي تلك التي تلقاها رئيس بلدية القليعة الذي كان من المتوقع أن يحصل على الرتبة الثالثة، إلا أن مجموعة من العوامل ساهمت في اندحار هذا الأخير، يأتي على رأسها تراكم المشاكل والاحتقان الذي استمر منذ سنوات بينه وبين سكان القليعة وعرف أوجه خلال موجة البناء العشوائي الذي عرفته المنطقة؛ إلى جانب ظهور منافس جديد يتمثل في مرشح جبهة القوى الديمقراطية والذي كان عضوا معارضا في بلدية القليعة، حيث ذكرت بعض النتائج الأولية أنه حصل على ما يقارب 5000 صوت، وهو ما يعتبر تشتيتا للأصوات التي كانت تصب لفائدة رئيس بلدية القليعة.