منذ نشأة إقليم أشتوكن أيت باها إداريا كعمالة. ظل سكانه الأصليون في منأى كلي عن كل اهتمام تنموي حقيقي في أجندة السلطات المتعاقبة عليه، وهذا الأمر نجم عنه تكرس مظاهر فاحشة من البؤس والفقر والتهميش على كل مناحي مجاله الترابي، وفي نفس السياق، ومع توالي أفواج الخريجين المجازين من الجامعات، استفحلت على صعيد هذا الإقليم الشاسع والغني بفرصه وثرواته سياسات إقصائية في حق شبابه الأمازيغي المعطل، بالرغم من توفر هذا الأخير على عشرات المناصب، وفرص التوظيف الشاغرة، ثم الإحتكام دائما في ملئها على اعتبارات المحسوبية والزبونية وغيرها من الإعتبارات المجحفة. هذا الوضع المريض وصل ذروته مع استقدام عشرات المجازين المنتمين إلى الأقاليم الجنوبية، ليتم توظيفهم في كل المناصب الشاغرة وغير الشاغرة بمصالح العمالة وفي مختلف الجماعات المحلية، دون إيلاء أي اعتبار للمعطل المحلي الذي تركت له السلطة حرية التسكع في المقاهي، بينما يرى إقليمه الغني يستفيد منه آخرون لإعتبارات سياسوية فارغة، لمجرد أن أبنائه "سواسة" و"شلوح" الله يعمرها دار !! لا يطالبون أبدا بحقوقهم المشروعة. وإزاء هذا الحيف غير المسبوق و(الحكرة) التي ما بعدها احتقار لألام ومعاناة أبناء الإقليم، لم يكن أمام حاملي الشهادات المُعطلين بالإقليم إلا أن يطالبوا بأحقيتهم و أسبقيتهم في تلك المناصب، وهم الذين تجرعوا مرارة المعاناة، واكتووا بنار البطالة، التي خلفت في أنفسهم يأسا كبيرا وحسرة أليمة وهم يرون ما يزخر به إقليمهم من فرص كبيرة في جميع المجالات يُصر البعض على حرمانهم منها بدون موجب حق. ونتيجة لذلك قام مجموعة من المعطلين بتاريخ 25-01-2011 بإرسال عريضة احتجاجية تتضمن توقيعات 9 مُعطلين إلى السيد عامل إقليم اشتوكة أيت باها، منددين فيها بالتوظيفات المشبوهة لعدد من العناصر المحسوبة على الأقاليم الصحراوية، مطالبين بالتدخل لحل هذا المُشكل الاجتماعي. ونتيجة لعدم مبالاة السلطات المحلية للمطالب المشروعة لمعطلي الإقليم تم إرسال عريضة احتجاجية ثانية بتاريخ 07-02-2011 إلى كل من وزير الداخلية ووالي جهة سوس ماسة درعة تحمل توقيعات 33 مُعطل من أبناء الإقليم. ولكن للأسف لاقت نفس مصير العريضة الأولى. ونتيجة لكل ما سبق، وإيمانا من مُعطلي الإقليم بضرورة تأسيس إطار حقيقي يُوحد جهودهم ونضالاتهم تم تأسيس إطار يحمل اسم " تجمع حاملي الشهادات المُعطلين بإقليم اشتوكة أيت باها" وهو الإطار الذي قاد، بفضل تضحية أعضائه وتضامنهم وخطواتهم غير المسبوقة، الفعل النضالي لمعطلي الإقليم عبر مجموعة من المحطات الرائدة. كانت بدايتها يوم 20 فبراير، ثم توالت المحطات النضالية، التي تابعها الرأي العام المحلي والوطني، منذ ذلك الحين وإلى غاية الآن بنكران للذات، وبشكل متصاعد، رغم كل مناورات السلطة ومقارباتها الأمنية، والتهديدات، والإستفزازات. مسار طويل وسلمي توزع بين مسيرات واقتحام البلدية واعتصامات، ومحاولة احراق الذات، ووقفات في كل أنحاء الإقليم.. وقد نال مناضلي التجمع، دائما، تعاطفا قويا وانخراطا فعليا لعموم المواطنين في كل محطاته التصعيدية، والتي وصلت ذروتها مع محاولة الإنتحار الجماعية بالسلاسل وسط المدينة، كرد على تماطل السلطات ورفضها تسوية ملفه العادل، وقد تجل هذا التضامن القوي في المسيرة العفوية التي أعقبت هذا الحدث، وشاركت فيها حشود كبيرة من المواطنين نحو عمالة الإقليم، رغم الإنزال الأمني القوي واستعراض العضلات، وهي سابقة في تعامل أبناء المدينةوالإقليم عموما مع ترهيب السلطة. هذا النضال المتصاعد للتجمع واكبه اهتمام إعلامي غير مسبوق، تجاوز عشرات المواقع الإليكترونية، إلى تصدر الصفحات الأولى للجرائد الوطنية، المطبوعة والإليكترونية، وتجاوز حدود الوطن إلى قنوات عالمية وجرائد دولية( الصباح، المساء، الأحداث المغربية، أخبار اليوم، العالم الأمازيغي، هيسبريس، لكم، بي بي سي العربية، الجزيرة مباشر ...) في ظرفية تميزت بكثافة الحدث الدولي والوطني على المحلي، ورغم ذلك نجح التجمع في نيل قسط غير مسبوق من الإهتمام الإعلامي. هذا الإهتمام الإعلامي وازاه تتبع حقوقي من طرف المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية التي تتبعت خطواته النضالية السلمية، كما حاز التجمع على مساندة قوية وفعالة من المجتمع المدني، برز في عديد من المرات في بيانات تضامنية أصدرها ائتلاف من الجمعيات الأمازيغية الوطنية. وإذ يستعرض التجمع مساره النضالي والنوعي الذي صار قدوة ومبعث إلهام لمجموعات المعطلين في كل أنحاء المغرب، من شمال المملكة إلى جنوبها، حيث ترددت شعارات التجمع وخطواته ونهج عمله، فإنه يؤكد تواصل مساره النضالي وفق خريطة طريق واضحة، يمكن للرأي العام التعرف على بعض ملامحها في بياناته الصادرة، ومنها آخر بيان أصدره التجمع. كما سيظل التجمع في صدارة الدفاع عن الحقوق الإجتماعية لكل المعطلين الأمازيغ، وأبناء الإقليم المهمشين في منطقتهم. وسيعلن التجمع في القريب العاجل عن موعد جمع عام لتجديد الإنخراط وقبول الأعضاء الجدد في صفوفه من المناضلين الشرفاء، فقط، وليس من "كراكيز" بعض القياد، و"عملاء" السلطة الذين يريدون احتواء الساحة وضرب مصداقية الشارع، أو من لا يتقنون النضال إلا خلف شاشة حاسوب، فالميدان واسع جدا وهو الحكم الوحيد بين المناضل الحقيقي ومن لا يتقن إلا إصدار الضجيج.