هذا عنوان لإعلان عن شيء ما لا أدري ما هو شاهدته في العديد من اليافطات الكبرى في مدينة الدارالبيضاء و بعد عودتي مباشرة لمراكش وجدته قد سبقني لنفس الشارع الذي أقطنه فلا أعرف بالضبط مغزى هذا الإشهار و لا الجهة المعلنة عنه لكن ما لفت انتباهي هو عنوان الإعلان نفسه آش تغير فحياتنا؟ سؤال ربما يختزل هموم كل مواطن يعيش في هذا البلد و يرى و يسمع ما يقع خصوصا بعد الدستور الجديد و ما صاحبه من حملات و برامج و وعود ما الذي تغير و ما الذي سيتغير في المستقبل ؟ قراءة الواقع و استشراف المستقبل وفق المعطيات المتوفرة لدينا تجعلنا نجزم أن التغيير في المغرب يسير وفق سرعتين مختلفتين سرعة خطابات رسمية ترسم الرؤى و التوجهات و سرعة أخرى تعاكس روح هذه الخطابات و الدليل أن لا شيء تغير بعد الدستور سوى النصوص القانونية أما المؤسسات و العقليات ظلت في مكانها تقاوم التغيير. في المغرب خصوصية تنسحب على كل مناحي الحياة و الجميل أن هذه الخصوصية يراها البعض ميزة لذا عندنا دستور بخصوصية مغربية و جهوية و حكم ذاتي بخصوصية أيضا مغربية مع أن الديمقراطية عند كل علماء السياسة هي أسس و قواعد كونية لا تقبل التجزئة سوى في المغرب الذي أعلن منذ ولادة هذا الدستور أن كل شيء سيتغير فيه و كأن النصوص القانونية أصبحت تغير الواقع و لا تؤطره. في المدارس القانونية الكبرى هناك اتجاهان الإتجاه الألماني الجرماني و من يسير في ركبه و الذي تسبق فيه القاعدة القانونية الواقع و تؤطره في حين في النظام الأنجلوسكسوني الواقع هو الذي يسبق القانون و بعد ذلك تأتي القاعدة القانونية لحكم هذا الواقع،في المغرب الإتجاهان يتداخلان،لذا أصبح القانون بنصوصه هو الغاية المثلى للدولة أما أن يطبق هذا القانون أو يحترم فلا يهم،المهم أن هناك قوانين متقدمة مما يعني أن واقع المغرب جد متقدم. التغيير أيضا في المغرب له نفس الخصوصية لذا يسير ببطئ السلحفاة فالنصوص تغيرت الآن و عليكم انتظار سنوات أخرى لنغير لكم اللاعبين فلن تستقيم نصوص بكل هذا التقدم دون طاقم قوي و قديم يدرك قواعد اللعب مع أن السياسة مثل كرة القدم كلاهما لعبة الفرق الوحيد بينهما هو أن اللاعبين في الكرة يعتزلون عندما يصلون سنا معينة و يتحولون إلى مجالات أخرى في حين اللاعبين في السياسة يمارسون اللعب إلى النهاية من المهد إلى اللحد ... سيرى المغاربة أن لا شيء سيتغير في حياتهم سوى أسعار المواد الغدائية و فاتورات الماء و الكهرباء التي ترتفع كل يوم أما الإنتخابات القادمة في نونبر فستكون نسخة طبق الأصل للإنتخابات 2007 مع تغيير طفيف يتماشى مع الخصوصية المغربية ،هذه الخصوصية تتضاعف بشكل كبير في الصحراء بحكم السياسة ووضع المنطقة لذا تمارس الدولة هنا الحكمة الشعبية المغربية لا عين شافت و لا قلب أوجع فهي تخشى على أعيانها و عائلاتها المدللة أن تصيبهم سهام الديمقراطية و الشفافية لذا ستتركهم يفعلون ما يشاؤون و فيهم من سيكمل الخامسة و العشرين في البرلمان ،اللهم لا حسد و فيهم من سيترشح للمرة الرابعة و الثالثة و الخامسة و سيعودون،لقد بدئوا من الآن التسخينات و قسم مهندسوا الإنتخابات في كل جهة المقاعد الآن و الدولة بكل أجهزتها تعلم و هي صامتة لأنها تخضع لمنطق الخصوصية. لذا لن يتغير أي شيء و سؤال الإعلان معلق أش تغير في حياتنا ؟الجواب سهل تغيرت القوانين لإسكات الشارع و شراء سلم اجتماعي مؤقت،تغير شكل اللعب ليتماشى و روح الدستور أما اللاعبين فلم يتغيروا ،سيرتاح أغلب البرلمانيين و يذهبوا في فسحة برلمانية ليساهموا في إعادة توزيع الثروة على الشعب و سيعودون إلى هذا الشعب الذين بحت حناجره مطالبا برحيلهم لكن يبدوا أن القادم من الأيام و ما يظهر الآن من إشارات و بوادر لإنتخابات لا تخرج عن سابقاتها ستجعل هذا الشعب هو الذي سيرحل عن هذا البلد و قد بدأ العديد من أبناءه هذا الرحيل عبر لحريك في قوارب موت لا تخطئ أو بحرق أجسادهم إحساسا بالحكرة،أما في الصحراء فأغلب الشباب لا تعنيه هذه الإنتخابات كما لم يعنيه أيضا الدستور في السابق فعيونهم ربما على دستور آخر و انتخابات أخرى لا تؤثتها نفس الأسماء التي قررها عليهم المغرب و كأنها نشيد وطني عليهم التعايش معه و عزفه كل خمس سنوات ،لكن يبدوا أن هذه السمفونية شاخت و لم تعد تطرب أحد. أستاذ بكلية الحقوق