كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات، لسنة 2009، عن مجموعة من الخروقات في التدبير العقاري للملك الغابوي، مست مديرية الملك الغابوي والشؤون القانونية والنزاعات، بالإضافة إلى المديريات الجهوية للمياه والغابات للجنوب الغربي، والريف، والأطلس الكبير. أظهر تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي يرأسه أحمد الميداوي، من خلال تحليل منجزات برامج العمل المتعلقة بتأمين الملك الغابوي، أن الأهداف المتوخاة لم تنجز إلا جزئيا، نتيجة إكراهات ذات طبيعة تقنية وتنظيمية واجتماعية، في حين، يضيف التقرير، أن المحور الثاني يتعرض لتدبير الاختلالات المؤقتة، الذي لم يقع الارتقاء به كمحور استراتيجي، تعتريه مجموعة من الاختلالات، تهم، بالخصوص، عدم احترام المقتضيات التنظيمية والبنود التعاقدية لقرارات الاحتلال المؤقت. أما بالنسبة إلى تدبير المبادلات العقارية، فأوضح التقرير أن الملك الغابوي أصبح وعاء عقاريا يُستعمل بوتيرة تصاعدية، وأن إعادة توظيف المداخيل الناتجة عن بيع هذا الملك لم تنجز، بعد تسجيله ضمن أجندة برامج اقتناء المندوبية السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر لأراض، سيعاد تشجيرها لتعويض الخسائر في الرأسمال العقاري الغابوي. وتعد هذه الوضعية، حسب التقرير، نتيجة للعديد من الاختلالات، شابت التسييرات السابقة للملك الغابوي والحالية، تحت إشراف المندوبية السامية. ولاحظ التقرير أنه، رغم المجهودات المبذولة من طرف المندوبية السامية في مجال تأمين الملك الغابوي، فإن جزءا كبيرا من الملك الغابوي، أو ما يمكن اعتباره كذلك، يظل غير مضبوط وغير محدد إداريا، ومنه من مازالت وضعيته القانونية لم تصف بعد برامج لم تُنجز في ما يخص وضع وصيانة الأنصاب الغابوية، قال التقرير إنها تكتسي أهمية بالغة لنجاح إنجاز الأشغال الطبوغرافية، التي تتطلب التحديد والتعرف على مواقع الأنصاب الغابوية، وكذا الوضع الدقيق، لتلك غير الموجودة في الأماكن الأصلية المخصصة لها، مقارنة بالمساحة الإجمالية المتوخاة، التي حددت في 2.877.881 هكتارا. وسجل إنجاز برنامج "اقتناء مواد البناء والأنصاب الغابوية" خلال الفترة الممتدة بين 2005 و2008 فارقا بنسبة 25٫40 في المائة ( 2.147.066 هكتارا)". وخصت فوارق الإنجاز أساسا الإنجاز الجزئي للبرامج المتعلقة بالتحديدات الإدارية برسم سنتي 2006 و 2008، اللتين سجلتا فرقين هما على التوالي 244.917 هكتارا و410.302 هكتارا . وكشف التقرير أن المديرية الجهوية للمياه والغابات للمنطقة الجنوبية لم تنجز برامجها خلال الفترة الممتدة بين 2005 و2009، إذ كانت تتوخى تحفيظ مساحة إجمالية تبلغ 3.630.947 هكتارا، وأمكن تحفيظ مساحة 1.652.005 هكتارات فقط، أي بفارق 54٫50 في المائة. مشاكل ونواقص كشف التقرير عن مشاكل ونواقص تعيق تأمين الملك الغابوي، مشيرا إلى أن مسطرة تحديد الملك الغابوي وتحفيظ العقارات الغابوية معقدة، وتستغرق وقتا طويلا وتحتاج إلى بذل الكثير من الجهود وتوظيف للوسائل. ويستوجب نجاح هذه المسطرة تحقيق وإنجاز أكثر من عشر عمليات مرتبطة بتلازم بينها، يتدخل فيها شركاء عدة (سلطات وجماعات محلية، ومحافظة عقارية)، ويتطلب كسب ثقة السكان المجاورين، وتعاون الإدارات المكلفة بتسيير الأراضي الجماعية، والملك الخاص للدولة، والملك العام. وأضاف التقرير أن بعض آجال إنجاز مسطرة التحديد الإداري لم تحدد بموجب مقتضيات تنظيمية، مثل إعداد وتنفيذ المرحلة التحضيرية، وانطلاق الأشغال التمهيدية للتحديد بشكل خاص، وكذا تحديد مواقع الأنصاب الغابوية، وتحرير محاضر التحديد. وفضلا عن ذلك، يقول التقرير، إن التمديد المفرط لمدة إنجاز مختلف عمليات التحديد الإداري يتسبب في ضياع المعلومات المتعلقة بالعقارات الغابوية، ما يشكل، بالنسبة للسكان المجاورين، فرصة لتقديم طلبات التحفيظ، أو للترامي على الملك الغابوي، قصد طمس وإتلاف العناصر المادية المعتمدة كحجج لإثبات الملك الغابوي. وأوصى المجلس الأعلى للحسابات المندوبية السامية بدعوة السلطات العمومية إلى تتميم وتحيين القوانين الجاري بها العمل، من أجل تحديد آجال لكل مرحلة من مراحل مسطرة التحديد الإداري، وفضلا عن ذلك، تعترض تحقيق إنجاز مسطرة التحديد الإداري معوقات ذات طبيعة تقنية وتنظيمية واجتماعية. اختلالات في التتبع بخصوص الاختلالات المتعلقة بتتبع تسيير الاحتلالات، أكد التقرير أن تحليل هذا الجانب كشف عن نقص نظام المراقبة الداخلية الفعالة على صعيد المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، وأن التتبع، الذي تتكلف به المصالح المركزية، يقتصر على المراقبة النصف السنوية وعلى وضعيات أداء الأتاوات، التي ترسل من طرف المصالح غير الممركزة، المكلفة بتتبع إنجاز واحترام البنود التعاقدية. ولاحظ التقرير غياب نظام للتتبع من أجل تسيير دينامي للمداخيل المحصلة من الاحتلالات المؤقتة على صعيد المديريات الإقليمية للمياه والغابات، وأن هذه المديريات لا تعطي أهمية كافية لتحصيل الأتاوات، وتكتفي بتبليغ بيانات الدفع وتسجيل الأداءات المدفوعة، إذا حضر المستفيدون للأداء من تلقاء أنفسهم، وأن هذه المديريات لا تتوفر غالبا على معلومات صحيحة وكافية حول استخلاص الأتاوات. مقالع تستغل مؤقتا أفاد المجلس الأعلى للحسابات أن عدد الاحتلالات المؤقتة المتعلقة باستغلال المقالع في سنة 2009 ، بلغ 101 وحدة، همت مساحة 1،326 هكتارا و37 آرا و71 سنتيارا، بينها حوالي 86 في المائة مركزة على صعيد المديرية الجهوية للمياه والغابات للجنوب الغربي (1.136 هكتارا و40 آرا و54 سنتيارا)، إذ يتسبب استغلال المقالع داخل الملك الغابوي في تدمير التشجيرات الموجودة، ويؤدي إلى اختلال توازن المنظومة الإيكولوجية الغابوية. وللتخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن استغلال المقالع، حددت الشروط المتعلقة بترخيصها بالدورية رقم 12414، بتاريخ 16 أكتوبر 1996 المتعلقة بالتحقق وفحص طلبات فتح واستغلال المقالع داخل الملك الغابوي. وعزت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر الخروقات، التي كشفها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، إلى "الضغوط القوية، والتي تمارس على الموارد الغابوية، ذلك أن العقار الغابوي يشكل مجالا يشهد تفاعلات معقدة بين مكوناته والعوامل البشرية، التي تتجلى في الرهانات الاجتماعية الواقعية والمحتملة (التعشيب ومحاولة الترامي على الملك الغابوي بوضع عقود عدلية وملكية)، التي تعرقل السير العادي لعمليات تأمين هذا الملك". وبخصوص تأمين الملك الغابوي، قالت المندوبية إن المجهودات المبذولة من طرفها، رغم الإكراهات المتعددة المشار إليها، مكنت من تسجيل قفزة نوعية في مجال تأمين الملك الغابوي، تجسدت في التحديد النهائي ل 6,18 ملايين هكتار. وشملت هذه العملية بصفة أولية الغابات المنتجة، وتلك التي لها دور رئيسي على المستوى الإيكولوجي والبيئي، وأيضا تحفيظ مساحة 842.410 هكتارات في ظرف لا يتجاوز 7 سنوات (2003 – 2009). أما في ما يتعلق باستغلال المقالع، فأجاب المندوب السامي بأن الاحتلالات المؤقتة تخضع لأجل فتح المقالع، لمقتضيات ظهير 1914 / 5/ 5، المتعلق باستغلال المقالع، والدورية عدد 87 بتاريخ 8/6/1994ّ، التي تحدد الوسائل والإجراءات التقنية والتنظيمية، التي يجب اتخاذها لتنظيم استغلال المقالع. وأوضحت المندوبية أن التقييم السنوي لملفات الاحتلال المؤقت للملك الغابوي المتعلقة باستغلال المقالع، أسفر عن إعداد واعتماد الدورية عدد 31901 بتاريخ 5/9/02007 التي تشكل دليلا واضحا في مجال تدبير الملفات المتعلقة بالمقالع، وكذا ضمان احترام المقتضيات عن قرب، بتكوين الضمانة وأداء الإتاوات وتعويض الملك الغابوي، واستغلال مرحلي مع إعادة تأهيل الموقع تدريجيا. وحسب مقتضيات هذه الدورية، تضيف المندوبية، فإنه "لا يمكن الترخيص لاستغلال المقالع إلا في الحالات التالية: إذا تعلق الأمر ببقعة أرضية ذات طبيعة جرداء أو مكسوة بغطاء ذي قيمة ثانوية، وموجودة خارج المحميات، وغير مشمولة ببرامج التنمية الغابوية، وعدم وجود خطر لإنجراف التربة، أو أي ظاهرة لها تأثير سلبي على الموارد الغابوية وعلى البنيات التحتية أو على السكان، إذا كانت توجهات وثائق التعمير لا تستثني فتح المقالع، وفي جميع الحالات، وإذا لم تحترم مقتضيات قرار الاحتلال المؤقت، تقوم المندوبية السامية بتحديد القيمة المالية لإعادة تأهيل الموقع، يحصل على إثرها إصدار أمر بالتحصيل لفائدة الصندوق الوطني الغابوي، كما يجري حجز الضمانة".