نقلت صحيفة “غارديان” البريطانية عن وزير الصحة البريطاني مات هانكوك الذي تعافى حديثاً من فيروس كورونا تصريحه أن هذه فترة “غير مسبوقة لنظامنا الصحي” في بريطانيا، وأضاف أن هناك تحديات عديدة تواجه بريطانيا في الأزمة الحالية، في مقدمتها عدم وجود الأدوات والقدرات التشخيصية المناسبة، على عكس ألمانيا التي تتميز بصناعة المعدات الطبية، حيث قال:” لدينا أفضل المختبرات العلمية في العالم، لكن ليس لدينا السعة. ألمانيا على سبيل المثال كان لديها حوالي مائة مختبر مجهز عند بداية الأزمة، أما نحن تعين علينا البدء من مستوى أكثر إنخفاضاً.” وكانت الحكومة البريطانية تعرضت للعديد من الإنتقادات الداخلية لتعاملها مع أزمة كورونا، وبشكل خاص تباطئها في إجراء اختبارات فيروس كورونا على الحالات المشتبه في إصابتها بالمرض. وعلى النقيض بدأت ألمانيا في الأيام الأولى للأزمة بإجراء أعداد كبيرة من الفحوصات، مما ساعد السلطات الصحية في التعرف على الحالات المبكرة وبالتالي تتبع سلسلة العدوى بشكل أفضل. ما سبب التفوق الألماني؟ في هذا السياق تساءلت صحيفة “ذي صن” البريطانية عن سبب قلة عدد فحوصات كورونا في بريطانيا مقارنة بألمانيا، ففي حين تحلل ألمانيا 80 ألف عينة في اليوم الواحد، يصل العدد في بريطانيا إلى ثمانية آلاف عينة فقط وفقاً للصحيفة. عزت الصحيفة الأمر إلى عدة عوامل في مقدمتها بطء رد الفعل الرسمي في بداية انتشار الفيروس بالإضافة إلى نقص الإمكانيات والمواد الكيميائية المطلوبة لإجراء الإختبارات. وأدى ذلك إلى طلب بريطانيا المساعدة من ألمانيا في تحليل نتائج الفحوصات، حيث ذكرت “ذي صن” أن المختبرات في بريطانيا تُظهر النتائج في خلال أربعة أيام، في حين تحصل المختبرات الألمانية على نتيجة التحليل في نفس اليوم. وكان عالم الفيروسات الألماني “كريستسان دورستن”، وهو أيضاً قائد الفريق الطبي الذي طور أول إختبار لكورونا بجامعة “شاريتيه” ببرلين صرح لوكالة “أسوشيتد برس” أن سبب إنخفاض معدل الوفيات في ألمانيا مقارنة بدول أخرى بالرغم من إرتفاع نسبة الإصابات هو أن ألمانيا تجري إختبارات فيروس كورونا على نطاق واسع جداً. فبحسب تصريحات دورستن، “تجري ألمانيا حوالي نصف مليون إختبار فيروس كورونا في الأسبوع الواحد”. والجدير بالذكر أن ألمانيا سجلت حتى بعد ظهر اليوم أكثر من 83 ألف حالة إصابة بالمرض وأكثر من 1100 حالة وفاة، بحسب وكالة الأنباء الألمانية، بينما بلغت الإصابات في بريطانيا أمثر من 38 ألف إصابة وتجاوز عدد الوفيات 3500 حالة، بحسب تقارير للحكومة البريطانية صدرت مساء الجمعة. رد فعل بريطاني بطئ وذكرت صحيفة “غارديان” البريطانية أن سوء تعامل الحكومة البريطانية مع الأزمة، بعد إصرارها على إستراتيجية “مناعة القطيع” في البداية، وبدئها بإجراء إختبارات فيروس كورونا بعد شهر كامل من بدء الإختبارات في ألمانيا، يفسر إرتفاع معدل الوفيات في بريطانيا عن ألمانيا. كما مدحت الصحيفة النظام الفيدرالي الألماني الذي يسهل من عملية اتخاذ القرارات السريعة ويعطي عدد أكبر من المختبرات حرية إجراء التحاليل والإختبارات اللازمة، على عكس النظام المركزي البريطاني. لكن السبب الأهم الذي ذكرته وسائل إعلام عديدة هو عدد أجهزة التنفس الصناعي والأماكن المخصصة للرعاية المركزة للحالات الحرجة. وحتى قبل أزمة كورونا تفوقت ألمانيا أوروبياً في عدد أجهزة التنفس الصناعي وعدد الأماكن المتاحة بأقسام العناية المركزة في المستشفيات. ففي حين يتوفر في ألمانيا الآن حوالي ثمانية وعشرين ألف سرير مع أجهزة تنفس صناعي في أقسام العناية المركزة، تنوي الحكومة الألمانية إضافة أماكن جديدة في الفترة المقبلة لتصل إلى أربعين ألف سرير، بحسب موقع “تاغس شاو” التابع للقناة العمومية الألماني الأولى. أما في بريطانيا فيوجد أربعة آلاف مكان فقط في هذه الأقسام طبقاً لما ذكرته محطة ntv الإخبارية الألمانية. مقارنات على مواقع التواصل وأدى الجدل حول أداء ألمانياوبريطانيا في الأزمة الحالية إلى مقارنات بين البلدين على شبكات التواصل الإجتماعية. وفي تعليق للصحفي المغربي أيوب الريمي، المقيم في بريطانيا، على صفحته على فيسبوك، حول الجدل الدائر في بريطانيا حالياً حول التفوق الألماني في التعامل مع أزمة كورونا. كما عبر مغردون عن آرائهم على موقع تويتر، حيث نشر أحدهم فيديو لوزير الصحة البريطاني في شهر يناير/كانون الثاني يقول فيه إن بريطانيا مستعدة لمواجهة كورونا، وعلق المغرد باللغة الإنجليزية:” يجب أن يحدث تحقيق قضائي، فلم تكن هذه الدولة مستعدة لكورونا كما لم تكن مستعدة ل”بريكست”. نزعة التكبر الإنجليزية هذه ثمنها حياة الناس. يجب التخلص من هؤلاء الحمقى”، في إشارة للمسؤولين البريطانيين. وبالرغم من أداء ألمانيا المتميز في التعامل مع الجائحة، إلا أن مدير معهد روبرت كوخ الألماني لوتار فيلر دعا في مؤتمر صحفي اليوم، إلى الحذر في قراءة الأرقام وقال إن عدد الوفيات قد يزيد وإنه بالتأكيد “أقل” من الرقم الفعلي على الرغم من أن ألمانيا، والتي لا يتجاوز فيها معدل الوفيات 1,2%، لا تزال تواجه الأزمة الصحية بشكل أفضل من الدول الأوروبية المجاورة. وقال فيلير إن ذلك “مرتبط بواقع عدم التمكن من إجراء الفحص لكل شخص”. مشيرا بأن مستوى ذروة انتشار الوباء لم تصله ألمانيا بعد.