في الوقت الذي تكافح فيه دول العالم لمواجهة شبح الموت والقيود والاضطراب الاقتصادي الناجم عن تفشي وباء "كورونا"، تبدو الصورة مختلفة تماما في ألمانيا. ويتدافع الخبراء لمعرفة سبب وجود أكثر من 43 ألف إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد في ألمانيا، أي أنها خامس دولة عالميا من حيث عدد الإصابات، فيما عدد الوفيات لا يتجاوز 239 إلى غاية يومه الخميس وهو رقم أقل بكثير من الدول الأخرى. ولا توجد دولة كبرى أو متقدمة أخرى تقترب من ألمانيا، وبالمقارنة، سجلت الولاياتالمتحدة حوالي 79 ألف حالة إصابة مؤكدة بالفيروس، وتوفي منهم من 1,143 شخص، حتى الخميس. وفي إيطاليا وصل عدد الإصابات حسب آخر الإحصائيات إلى 80,589 ألف حالة، منها 8,215 حالة وفاة. أما في أسبانيا فيُقدر عدد الإصابات الإجمالية ب 56,197 ألف حالة، توفي منها 4,145 شخصاً. وفي فرنسا توجد حتى الآن 29,155 حالة، توفت منها 1,696. ويُرجع عدد من الخبراء وفق موقع "دويتشه فيله"، السبب في ذلك، إلى أن ألمانيا مازالت في المرحلة المبكرة لانتشار المرض بالإضافة إلى صغر سن عدد المصابين مقارنة بالدول الأخرى. ففي ألمانيا يقول معهد روبرت كوخ إن نسبة 80 بالمئة من إجمالي المصابين تقل أعمارهم عن ستين عاماً. كما أشارت "فاينانشال تايمز" نقلاً عن خبراء أن الشباب الأصحاء الذين يصابون بكورونا يتعافون أسرع نسبياً من الأكبر سناً. يُضاف إلى ذلك قدرة ألمانيا على إجراء الفحوصات المبكرة على الحالات المشتبه فيها. في هذا السياق يقول لوتار فيلر، مدير معهد روبرت كوخ، إن المختبرات الألمانية تجري نحو 16 ألف فحص في الأسبوع، وهو رقم أكبر من الفحوصات الإجمالية التي قامت بها بعض الدول الأوروبية منذ بدء الأزمة. كما أن وفرة المختبرات والفحوصات ساعد ألمانيا في التعرف على المرض مبكراً وبالتالي اكتشافه في الأشخاص الذين لم تظهر عليهم أي أعراض، مما أدى إلى عزلهم وشفائهم قبل تطور المرض لديهم. وحتى قبل أزمة كورونا تفوقت ألمانيا أوروبياً في عدد أجهزة التنفس الصناعي وعدد الأماكن المتاحة بأقسام العناية المركزة في المستشفيات. ففي حين يوجد بفرنسا سبعة آلاف مكان، يوجد في إيطاليا خمسة آلاف وفي بريطانيا أربعة آلاف فقط في هذه الأقسام وذلك طبقاً لما ذكرته محطة ntv الإخبارية. في المقابل يتوفر في ألمانيا حوالي خمسة وعشرين ألف سرير مع أجهزة تنفس صناعي في أقسام العناية المركزة. غير أن ألمانيا لم تكتف بذلك، حيث أعلنت عن مضاعفة أماكن الرعاية المركزة والأجهزة في المستشفيات لمعالجة الحالات الحرجة، بالإضافة إلى استخدام بعض الفنادق والصالات الرياضية كأماكن لعلاج الحالات الخفيفة تخفيفاً عن كاهل المستشفيات للتفرغ لعلاج الحالات الحرجة.